رضوخ الأردنيات لثقافة المجتمع يعمق الهوة في الرواتب بينهن والرجال

عدم إنفاذ القانون وصمت الإناث على الغبن يعتبر أهم أسباب اتساع فجوة الأجور بين النساء والرجال.
الأربعاء 2019/12/18
تشريعات المساواة غير نافذة

عمان - تجاوز الأردن في معدل التمييز في الأجور بين الجنسين النسبة العالمية بسبع نقاط ليصل إلى 27 بالمئة، وتشير البيانات الرسمية إلى أن هذه الفجوة تشمل القطاعين العام والخاص.

ويرجع متخصصون، اتساع فجوة الأجور في الأردن، إلى العديد من الأسباب وأهمها عدم إنفاذ القانون، إضافة إلى ما يشبه التواطؤ العام في قبول التمييز، وصمت الإناث على الغبن الذي يلحق بهن وقد اعتبره الخبراء أخطر الأسباب؛ إذ يتفاقم مفعول التمييز في الأجور حين تقبل المرأة به، فتحجم عن التقدم بأي شكوى، ما يعني موافقتها ضمنيا.

وتقبل سمر يعقوب أرملة خمسينية تعيل أسرة من أربعة أفراد، بأجر زهيد في أحد مصانع “البسكويت”، على الرغم من طول وقت العمل، في الوقت الذي تبحث فيه عن مساعدات لتتمكن من تعليم ابنتها الوحيدة.

أما سهى محمود التي تمضي ساعات طويلة مقابل أجر زهيد في صالون تجميل، فلا تملك تأمينا أو ضمانا، لكنها تسكت عن المطالبة بأي شيء خشية فقدان وظيفتها.

ويقول مدير مديرية التفتيش بوزارة العمل عدنان الربابعة في حديث لوكالة الأنباء الأردنية “إن التشريعات الناظمة للأجور تساوي بين الرجل والمرأة، ففي القانون لا يوجد تمييز يستند إلى نوع الجنس لأي سبب كان”، ويوضح أن نسبة الأجر مرتبطة بمقدار العمل لا بالشخص الذي يؤديه.

ويُذكِّر بتعديل قانون العمل في أبريل الماضي، الذي يفرض عقوبة مالية على كل مخالفة “تمييز بالأجر بين الجنسين للعمل في القيمة المتساوية”.

ويضيف أنّه “على الرغم من وجود تشريعات تساوي بين الجنسين في الأجور، إلا أن تطبيقها لم يكن نافذا على أرض الواقع”.

سكوت المرأة على حقها سبب رئيسي في تنامي الفجوة
سكوت المرأة على حقها سبب رئيسي في تنامي الفجوة

ويعزو الربابعة وجود هذه الفجوة إلى ثقافة يكرسها قبول العاملين والمجتمع، مؤكدا أنه “إلى غاية هذه اللحظة لم ترد على وزارة العمل أي شكوى بوقوع تمييز في الأجور على الرغم من وجود الكثير من الحالات”. ويلفت إلى أن سكوت المرأة على حقها وعدم الاعتراض على الرغم من بذلها نفس الجهد الذي يبذله زملاؤها الذكور، هو السبب الرئيسي في تنامي الفجوة الجندرية في الرواتب.

ويشير الأمين العام لوزارة العمل سابقا والمستشار القانوني حمادة أبونجمة، إلى أن الفارق في الأجور يعد إخلالا صريحا بقواعد العدالة على مستوى العمل، وإضعافا لقدرة النساء على مواجهة الأعباء الاقتصادية والتحديات المستقبلية، عدا عن كونه مؤشرا على ضعف التمثيل النسائي في المناصب القيادية والإدارية العليا في القطاعين العام والخاص.

وحسب أبونجمة، يمثل “الفصل المهني في القطاع العام والقطاع الخاص بين الذكور والإناث عاملا أساسيا في فروقات الأجور وتوابعها والامتيازات”، موضحا أن تلك نتيجة لتركيز النساء في وظائف نمطية وذات أجور منخفضة، إضافة للقيود التقليدية على عمل المرأة في أوقات عملها وطبيعة الأعمال التي تمارسها.

ويؤكد المستشار القانوني أنه رغم فرض عقوبة على التمييز في الأجور حسب قانون العمل، إلا أنه لم ينص على آليات محددة لتقييم العمل الذي يؤديه كل من المرأة والرجل تقييماً منصفاً لتحقيق الإنصاف في الأجر، الأمر الذي يصعب معه تطبيق النصوص الخاصة بالمساواة في الأجور.

ويرى رئيس الاتحاد العام للنقابات العمالية المعايطة أن الثقافة المجتمعية تعزز ثقافة تفاوت الأجور بين الجنسين، لأن الإنفاق مطلوب من الرجال غالبا، على الرغم من وجود سيدات معيلات لأسرهن.

21