رصاص ونار ودماء تنذر رئيس الحكومة العراقية بنهاية مرحلة انتقالية مضطربة

قتل مدير بلدية كربلاء على يد أحد المتجاوزين على الفضاء العمومي تحيي موجة الغضب الشعبي من ظاهرة الإفلات من العقاب.
الخميس 2021/08/12
من مأتم إلى آخر

 كربلاء (العراق) - خلّفت عملية قتل مسؤول محلّي عراقي في كربلاء جنوبي العراق بدم بارد وأمام كاميرات المراقبة والهواتف الجوّالة أسوأ انطباع حول مستوى الأمن والاستقرار في البلد واستسهال حمل السلاح واستخدامه لأتفه الأسباب.

وأحيا قتل مدير بلدية كربلاء عبير سليم على يد أحد المتجاوزين على الفضاء العمومي، أثناء مشاركته في حملة لإزالة التجاوزات على الشوارع العامة، موجة الغضب الشعبي من ظاهرة الإفلات من العقاب والتي شجّعت بحسب كثيرين القتلة على التمادي في جرائمهم لاسيما قتلة نشطاء الحراك الاحتجاجي الذين لا يزال أغلبهم طلقاء.

ولم تخل الحادثة من حرج لرئيس الحكومة مصطفى الكاظمي الذي يخوض “حرب” بسط الاستقرار والحدّ من فوضى السلاح على عدّة جبهات دون أن يتوصّل إلى نتائج ملموسة في ذلك.

ويقود الكاظمي مرحلة انتقالية صعبة في العراق يُفترض أن تنتهي في أكتوبر القادم بتنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها كانت قد أُقرّت تحت ضغط الشارع الذي شهد بداية من أكتوبر 2019 انتفاضة عارمة ضدّ الفساد والبطالة وسوء الخدمات وفوضى السلاح وتغوّل الميليشيات.

غير أن حالة من عدم الاستقرار الأمني بدأت تتصاعد تدريجيا مع دخول العراق فترة الشهرين الأخيرين قبل الموعد الانتخابي المرتقب، وتجسّدت على الخصوص في موجة تفجيرات تستهدف خطوط نقل الكهرباء في عدّة مناطق وتتسبب بقطع الطاقة الكهربائية عن مئات الآلاف من سكانها، بالإضافة إلى سقوط قتلى وجرحى في عمليات منسوبة لتنظيم داعش وفي جرائم متفرّقة، فضلا عن سقوط قتلى ومصابين في حريقين مروّعين كانا قدا طالا مستشفيين في كلّ من بغداد والناصرية نتيجة الإهمال والاستهانة بإجراءات الأمن والسلامة.

وقتل الأربعاء خمسة من منتسبي القوات الأمنية في قضاء بيجي بمحافظة صلاح الدين أثناء محاولتهم تفكيك كدس عتاد، فيما أصيب شخص إثر هجوم بقنبلة يدوية في مدينة الصدر ببغداد. كما عثرت قوة أمنية على جثة فتاة بإحدى الساحات الترابية ضمن منطقة الشعب شمالي العاصمة.

وفي تحدّ للمتجاوزين على الممتلكات العامّة والذين أصبحوا في الكثير من مدن العراق يشكّلون لوبي قويا تسانده الميليشيات المسلّحة أعلن الكاظمي الأربعاء إطلاق عملية شاملة لرفع التجاوزات على أملاك الدولة في جميع أنحاء البلاد.

انطباع بالغ السوء حول فوضى السلاح ومستوى الأمن والاستقرار في العراق بعد قتل مسؤول محلّي بدم بارد ولسبب تافه

وجاء ذلك خلال زيارة قام بها لعائلة الخفاجي صدر على إثرها بيان عن مكتبه ورد فيه أنّ “مشروع رفع التجاوزات سينطلق من كربلاء ويشمل جميع المحافظات، وسيتم رفع التجاوزات في عموم العراق”.

وأشار إلى أنّ “قوات الأمن ستتولى مهمة توفير الحماية للمؤسسات المعنية”، متوعّدا باعتماد الشدّة والصرامة إزاء المتجاوزين، وبالقصاص من كلّ “من تسول له نفسه استرخاص الدم العراقي”.

وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لكاميرا مراقبة قيل إنه للحظة مقتل مدير البلدية يظهر فيه برفقة قوى أمنية في أحد شوارع كربلاء قبل أن يأتي رجل بثوب أبيض ويقوم بإطلاق النار عليه ويرديه قتيلا.

وخلال زيارة الكاظمي أحضرت القوى الأمنية المتّهم بالقتل الذي ألقي عليه القبض في وقت سابق إلى مكان الحادث. ورأى مغرد أنه كان أجدى برئيس الوزراء أن يفعل المثل “مع قتلة الناشطين مثل قاسم مصلح المسؤول عن اغتيالات كربلاء”.

واعتبر آخر أن قتل مدير بلدية كربلاء بتلك الطريقة “يدل على الانفلات والاستهتار من قبل المجتمع، وضعف إجراءات سلطات تنفيذ القانون والاستقواء المجتمعي بالعشيرة والطائفة والحزب”.

ويندد ناشطون ومتظاهرون بوجود حالة من الإفلات من العقاب في قتل ناشطين. فمنذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في العراق في أكتوبر 2019 تعرّض أكثر من 70 ناشطا لعملية اغتيال أو محاولة اغتيال في حين اختُطف عشرات آخرون لفترات قصيرة.

وفي يونيو الماضي اعتقلت السلطات لفترة قصيرة القيادي في الحشد الشعبي قاسم مصلح للاشتباه بوقوفه خلف قتل الناشط إيهاب الوزني رئيس تنسيقية الاحتجاجات في كربلاء والذي كان لسنوات عدّة يحذّر من هيمنة الفصائل المسلحة الموالية لإيران وأردي برصاص مسلّحين أمام منزله.

وسرعان ما أطلق سراح مصلح لانتفاء الأدلة ضده بحسب القضاء المُتّهم بالحكم لصالح جهات تقوم بدفع رشى أو تحظى بدعم الأحزاب والفصائل المسلحة في العراق.

وحوادث القتل أو إطلاق النار شائعة في العراق، لاسيما لأسباب عشائرية؛ إذ تنتشر في عموم البلد، الذي يبلغ عدد سكانه 40 مليون نسمة منهم 40 في المئة دون الـ14 عاما، حوالي 7.6 مليون قطعة سلاح خفيف وفقا لمسح أجري عام 2017، فيما قد يكون عدد الأسلحة غير المعلن عنها أكبر بكثير.

3