رسام الكاريكاتير العراقي بسام فرج في معرض وكتاب

يواصل الفنان العراقي موسى الخميسي المقيم في إيطاليا، تأليف وإعداد كتاب نقدي وتوثيقي عن زميله رسام الكاريكاتير العراقي بسام فرج المقيم في بلغاريا، وسيضم الكتاب دراسة نقدية واسعة عن مسيرة وتجربة بسام فرج، فضلا عن أكثر من ثلاثين شهادة فنية من بعض أصدقائه وزملائه ونقاد آخرين، كما سيحتوي الكتاب على عدد كبير من رسوماته الساخرة.
الخميس 2017/07/27
طبق من السخرية اللاذعة

بغداد- أكد فنان الكاريكاتير العراقي بسام فرج لـ”العرب” أنه يتأهب حاليا لإقامة معرض شخصي لرسوماته الكاريكاتيرية في بغداد بعد طول غياب عنها، مع توقيع كتابه الجديد الذي يعده مواطنه موسى الخميسي عن تجربته الفنية والذي ستصدره مؤسسة المدى قريبا.

وأكد فرج المقيم في بلغاريا اشتياقه العميق لبغداد وزملائه الأوفياء ومعجبيه من محبي رسوماته، معربا عن نيته أيضا إقامة ورشة عمل متخصصة في صناعة أفلام الرسوم المتحركة التي يعد من البارزين فيها.

ومن معطف الرسام الشعبي البغدادي غازي الخطاط، خرج بسام فرج فنانا كاريكاتيريا حاذقا بهوية عراقية بارزة وخالصة، حتى هذه اللحظة، لم يستبدلها، بل حافظ على أسلوبها الفني الجميل الذي يتسم بخطوط لينة رشيقة تقترب من أوجاع المواطن العراقي ومآسيه، وتنهل من محيطه ما يحلو لها من مزايا تراثه الفلكلوري الأصيل في الأزياء والتقاليد الاجتماعية العراقية والبغدادية منها خصوصا، مثلما تفضح الفساد والعهر السياسي وتقضّ مضاجع التخلف الاجتماعي.

ومنذ أن حطّ الفنان بسام فرج قدمه اليمنى ليرتقي على أول درجة من سلم مسيرته الإبداعية، رسم في مخيلته أسلوبه الفني القادم الذي يستطيع من خلاله النفاذ بانسيابية وإنسانية في دغدغة مشاعر المتلقي عبر رسومه الشعبية المتميزة، خصوصا وهي تحمل في طياتها موضوعات تهكمية ساخرة من صميم الظواهر المدانة والسلبية في المجتمع العراقي.

والتصوير التعبيري الذي ينشده بسام في رسوماته على مدى مسيرته الطويلة (مواليد بغداد عام 1943) قد وثقت حقبة زمكانية ملموسة من واقع مجتمع شرقي نامٍ، فيه الجميل.. كالعلاقات الاجتماعية والحياة اليومية التقليدية في جميع نواحيها اليومية، والطراز المعماري البغدادي الفلكلوري، مثلما نبه مقابل ذلك إلى المظاهر المدانة في المجتمع العراقي، وعوامل التخلف والجهل والفساد التي تعشعش داخل النفوس الضعيفة التي تدير أغلب المؤسسات الرسمية في البلاد، فقدمها على طبق من السخرية اللاذعة، التي خلخلتها وزعزعت كراسيها الركيكة.

فكان بسام في طليعة المتميزين، بل أول من شهر سلاح الريشة الجارحة في وجه البيرقراطية ورموزها، وكشف عوراتها الأخلاقية التي كانت سائدة حينذاك.. وما زالت، وهذه الرموز وذيولها تنمو وتتكاثر بوجوه جديدة وقبيحة وأيديولوجيات سخيفة ضد الإنسانية.

ويعتمد تصوير بسام الكاريكاتيري على فلسفة خاصة في طرح أفكاره، كأي فنان آخر له خصوصيته في الأسلوب والتناول والطرح، حيث يرسم شخصياته بحركات متنوعة ولطيفة مبالغة في نسبها الفنية، جذابة للعيان، غير جامدة، ذات أزياء شعبية بطيات افتعالية لافتة للنظر، مصاحبة أحيانا لتعليقات ببضع كلمات خفيفة وساخرة قد تكون مكملة لفكرة الموضوع، أو لسحب المتلقي إلى منطقة الموضوع الرئيسي، وبعض التفاصيل الفنية المتممة التي تسرّ الناظرين إليها، لكنها في الأخير تجعل المتلقي أو القارئ اللبيب يحصل على المغزى المطلوب الذي يسعى إليه الرسام بسام، فيرسخ فكرته في عقل المتلقي قبل قلبه دائما، وأحيانا يرسم أفكارا مجردة من أي تعليق أو كلام، معتمدا على الرمزية الواقعية التي لا تعد ولا تحصى، والتي يعرفها ويفهما الجميع في العالم.

وتجربة الفنان العراقي بسام فرج كبيرة وطويلة (احترف الرسم الكاريكاتيري في عام 1964)، وهي اليوم تربو على أكثر من نصف قرن، بلا توقف أو تلكؤ، وهو الذي لم يداهن فيها على حساب الحق، فرسوماته وثقت تأريخ بغداد السياسي والاجتماعي، بغداد التي لم يبق منها الآن إلاّ رمزيات وذكريات بسام في رسوماته اليومية، والتي بدورها توقظ في داخل كل مواطن عراقي الحنين إلى ماض جميل.

16