رسالة الميليشيات للدبيبة: مطلوب أن تكون السراج2

طرابلس - جاء اقتحام عناصر مسلحة محسوبة على الميليشيات المتمركزة في العاصمة الليبية لفندق يعقد فيه المجلس الرئاسي عادة اجتماعاته بمثابة رسالة واضحة إلى رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة بأنّ عليه أن يكون طيّعا وليّنا مع أجنداتها مثل الرئيس السابق لحكومة الوفاق فائز السراج.
وكشفت الشعارات التي رفعت خلال الاقتحام والتي استهدفت بصفة خاصة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش أن الهدف هو الضغط على الحكومة الجديدة لكي تحافظ على مصالح تركيا، وأن تتوقف الدعوات التي تظهر على ألسنة بعض المسؤولين بشأن سحب المرتزقة والقوات الأجنبية، وهو الأمر الذي يربك أنقرة ويزيد من الضغوط الدولية عليها.
وواجهت المنقوش سيلاً من الانتقادات في طرابلس ومطالبات بإقالتها، بعدما دعت في حضور وزير الخارجية التركي داود جاويش أوغلو إلى “التعاون في إنهاء تواجد كافة القوات الأجنبية والمرتزقة في ليبيا”، وهو ما ردّ عليه الوزير التركي بتعال وصلف معلنا أن قوات بلاده موجودة وستبقى لكونها تستمد وجودها من اتفاق مع حكومة السراج.
وقال مراقبون محليون إن الميليشيات تحركت للدفاع عن تركيا وتوجيه رسالة باسمها عن أن أيّ مساع جديدة لإثارة موضوع الوجود الأجنبي ستقابل بردة فعل قوية قد يكون من بينها احتجاز قيادات حكومية أو اختطافها وأن الأمر قد لا يستثني الدبيبة ولا محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي.
ويأتي التصعيد بعد دعوة مفتي الإخوان الصادق الغرياني بضرورة بقاء القوات التركية في ليبيا، وهو ما يؤكد أن تحرك الميليشيات ليس خطوة معزولة، وأنه جزء من تحرك أشمل قد يتوسّع خاصة في ظل سيطرة الميليشيات وغياب أيّ خطة لتفكيك أسلحتها ضمن منظومة الحل السياسي التي تم طرحها برعاية أميركية، والتي أفضت إلى حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة.
وقبل واقعة الاقتحام، قالت غرفة عمليات للجماعات المسلحة في طرابلس على وسائل التواصل الاجتماعي إنها اجتمعت لمناقشة تصريحات وزيرة الخارجية والتي وصفتها بأنها تصريحات غير مسؤولة.
وكان الدبيبة قال الأربعاء إنه لا يوجد تباين مع تركيا في مسألة الاتفاقية البحرية التي كان وقعها سلفه السراج.
ويرى المراقبون أن الدبيبة واقع تحت ضغوط كثيرة من تركيا وحلفائها في الداخل الليبي، ما دفعه إلى اختيار المفردات في تصريحاته الأخيرة حتى لا يصطدم بها، بالرغم من أن مطلب سحب المرتزقة والقوات الأجنبية موضوع متّفق عليه منذ البداية وفق خارطة الأمم المتحدة التي أنتجت منظومة الحكم الانتقالي الجديدة.
وأظهرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي لم يتم التحقق منها مسلحين في ملابس عسكرية يقفون عند مدخل فندق كورنثيا، لكن المتحدثة باسم المجلس الرئاسي، نجوى وهيبة، قالت إنه لم يكن هناك أحد من المجلس في المبنى.
وأضافت “الاقتحام الذي حدث هو اقتحام لفندق، وليس لمقر المجلس الرئاسي الذي ليس له مقر دائم للاجتماعات”.
ولفتت إلى أن “الجمعة هو يوم عطلة أسبوعية” في إشارة إلى أن أعضاء المجلس الرئاسي لم يكونوا في الفندق.

كما نفى مدير مكتب رئيس المجلس الرئاسي محمد المبروك وجود نية للاقتحام. وقال في تسجيل مصوّر على مواقع التواصل الاجتماعي “الكلام هذا لا أساس له من الصحة”، وهو ما يظهر أن المجلس يحاول تطويق الأمر حتى لا يكون وجهة لانتقام الميليشيات في المرحلة القادمة.
وأضاف أن بعض الجماعات دخلت الفندق أثناء وجوده به وكان لديها اعتراض على برنامج أو قرار معين ولم تكن تحمل أيّ سلاح وكانت تريد لقاء رئيس المجلس لكنه لم يكن موجودا في الفندق.
وقال “لم يكن هناك خطف ولم يكن هناك إطلاق نار أو الاعتداء على شخصي أو الاعتداء على الفندق”، كاشفا عن أن رئيس المجلس الرئاسي سيجتمع مع عدد من المقتحمين.
ولم يخف مختار الجحاوي، آمر محور وادي الربيع في عملية ما يعرف بـ”بركان الغضب” أن يكون أحد مطالب المسلحين هو الإبقاء على وجود القوات التركية.
وذكر في تصريحات له كتعليق على ما جرى ليل الجمعة السبت “عندما تخلّى الجميع عنا وقفت تركيا معنا ودعمتنا للوصول للانتخابات والدولة المدنية”.
وسعى الدبيبة لكسب دعم الكثير من الفصائل الليبية المتنافسة وتشكيل مجلس وزراء كبير يضم مجموعة من الشخصيات الأيديولوجية والإقليمية. غير أن المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة واجها انتقادات داخلية وكذلك تحديات لسلطتهما.