رسالة العشائر للملك عبدالله الثاني: نحن هنا

استجابة العاهل الأردني الفورية لمناشدة العشائر تلقى صدى واسعا داخل المملكة.
السبت 2021/04/24
صفحة وطويت

إطلاق سراح الموقوفين من أبناء العشائر في القضية المعروفة بالفتنة، لاقى ارتياحا في صفوف العشائر الأردنية التي كانت أبدت تململا لجهة الزج بأبنائها في هذه القضية. ويرى كثيرون أن هذه الخطوة التي جاءت بتوجيهات من الملك عبدالله الثاني شخصيا هي مقدمة لفتح صفحة جديدة مع العشائر في ظل التحديات التي تعصف بالمملكة.

عمان - لاقت استجابة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الفورية لمناشدة عدد من الشخصيات العشائرية بـ”الصفح عن أبنائها الذين انقادوا وراء الفتنة”، صدى واسعا داخل المملكة وعكست اهتمام الملك بنزع فتيل أي توتر مع هذا المكون الذي يشكل أحد أعمدة الدولة الأردنية التي احتفلت الشهر الجاري بمرور مئة عام على تأسيسها.

وتقول أوساط سياسية أردنية، إن إطلاق سراح الموقوفين من أبناء العشائر في ما بات يعرف بقضية “الفتنة”، هو مقدمة لإعادة النظر في طبيعة العلاقة بين الملك عبدالله الثاني وهذا المكون، ذلك أن ما حصل خلال الفترة الأخيرة فتح أعين القصر على أهمية الحفاظ على روابط قوية مع العشائر، وتدعيمها خصوصا وأن البلاد تواجه تحديات لا تقل خطورة ومنها تفاقم الأزمة الاقتصادية، والتي أثرت على شرائح اجتماعية واسعة.

وتشير هذه الأوساط إلى أنه من المرجح أن تعقب خطوة إطلاق سراح الموقوفين خطوات أخرى تهدف إلى تعزيز الثقة بين الملك والمكون العشائري، الذي أثبت أنه لا يزال يمثل رقما صعبا في المعادلة الأردنية لا يمكن تجاوزه.

وسارعت نيابة أمن الدولة الخميس إلى الإفراج عن 16 موقوفا، على إثر دعوة الملك عبدالله المعنيين إلى اتباع الآلية القانونية المناسبة “ليكون كل واحد من أهلنا اندفع وتم تضليله وأخطأ أو انجر وراء هذه الفتنة عند أهله بأسرع وقت”.

وأغلب المفرج عنهم هم مستشارون شخصيون للأمير حمزة، ولي العهد السابق والأخ غير الشقيق للملك عبدالله الثاني، كما تضمنت القائمة شخصيات وشيوخا من العشائر، فيما لم يتم إطلاق سراح رئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله، والشريف حسن بن زيد.

خطوة الملك هي مقدمة لإعادة توثيق الروابط مع العشائر التي اهتزت في السنوات الأخيرة بفعل عوامل متداخلة

واعتقلت السلطات الأردنية في وقت سابق من هذا الشهر نحو 18 شخصا على خلفية اتهامات وجهت لهم بالمشاركة في “مؤامرة” تستهدف أمن المملكة وشملت الاتهامات الأمير حمزة بن الحسين.

وأثارت الاعتقالات حالة من الغضب والتوتر في صفوف العشائر التي نظم عدد منها فعاليات احتجاجية ردا على ما اعتبروه زجا بأبنائهم في أزمة لا علاقة لهم بها، مطالبين بإطلاق سراحهم فورا، قبل أن تهدأ هذه التحركات وسط حديث عن رسائل طمأنة بلغت العشائر لجهة توجه ملكي نحو الإفراج عنهم.

وتأكدت هذه الرسائل باللقاء الذي جمع الملك عبدالله الثاني الخميس مع عدد من الشخصيات من عدة محافظات رفعوا إليه عريضة موقعة من شيوخ وشخصيات عشائرية تطالب بالإفراج عن الموقفين من أبنائهم “مستذكرين قيم الهاشميين في التسامح والعفو”.

وردا على ذلك، قال الملك عبدالله “كأب وأخ لكل الأردنيين، وبهذا الشهر الفضيل، شهر التسامح والتراحم، الذي نريد فيه جميعا أن نكون محاطين بعائلاتنا، أطلب من الإخوان المعنيين النظر في الآلية المناسبة ليكون كل واحد من أهلنا، اندفع وتم تضليله وأخطأ أو انجر وراء هذه الفتنة، عند أهله بأسرع وقت”.

وأضاف الملك “ما جرى كان مؤلما، ليس لأنه كان هناك خطر مباشر على البلد، فالفتنة كما تحدثت أوقفناها، لكن لو لم تتوقف من بدايتها، كان من الممكن أن تأخذ البلد باتجاهات صعبة، لا سمح الله، من البداية قررت أن نتعامل مع الموضوع بهدوء، وأنتم بصورة ما حصل، وكيف خرجت الأمور عن هذا السياق”. وتابع أن ما حدث من سوء تقدير واندفاع وراء فتنة مؤلمة، ومن غير تفكير بالنتائج، لا يهزنا، “بلدنا قوي بوجودكم، وثقتي بمؤسساتنا ليس لها حدود”.

Thumbnail

وعن الانتقادات التي تواجه مؤسسات الدولة أكد الملك “أمامنا عمل كثير، أهلنا يواجهون ظروفا صعبة والأولوية هي تطوير أداء مؤسساتنا وأن نخدم شعبنا العزيز ونحقق طموحاته”، مشددا على ضرورة التركيز على كيفية الخروج من تحدي كورونا.

ويرى مراقبون أن الإفراج عن الموقوفين من أبناء العشائر كانت خطوة متوقعة منذ البداية، حيث أن الملك عبدالله لا يريد المجازفة بالعلاقة مع هذا المكون الذي شكل منذ تأسيس إمارة شرق الأردن في العام 1921 العمود الفقري الداعم للأسرة الهاشمية.

ويلفت المراقبون إلى أن خطوة الملك الأخيرة هي مقدمة لإعادة توثيق الروابط مع العشائر، التي اهتزت في السنوات الأخيرة بفعل عوامل متداخلة بينها الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجه المملكة، وأيضا تراجع اهتمام القصر بمشاغل العشائر ومطالبها، الأمر الذي فتح المجال أمام أخيه غير الشقيق لملء الفراغ.

وعقب قرار الإفراج عن الموقوفين توالت ردود الأفعال المرحبة، حيث أجمعت فعاليات شعبية في العديد من المحافظات على أن “هذه اللفتة تدل على حكمة القيادة الهاشمية وسعيها إلى تمتين الوحدة الوطنية ليبقى الأردن قويا متماسكا أمام كل المحن”.

وأكدت تلك الفعاليات “على أهمية الحفاظ على النسيج الأردني والتصدي لأي محاولات تستهدف أمن الأردن وأبنائه”، مشددة “على ضرورة التلاحم والعمل معا لمواجهة التحديات كافة وبخاصة الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الأردن”.

2