رد إسباني واضح على توجس جزر الكناري من التقارب مع المغرب: لا عودة إلى الوراء

عكست تصريحات وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس التي حاول فيها تبديد مخاوف جزر الكناري من التقارب مع المغرب جدية موقف مدريد من تعميق التعاون مع الرباط.
الرباط - ردت مدريد بحزم على تخوفات جزر الكناري من التقارب مع الرباط، حيث عبر وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس عن موقف إسبانيا بوضوح خلال جلسة برلمانية معتبرا أن لا عودة إلى الوراء في العلاقات بين مدريد والرباط.
وفي رده على سؤال تقدم به النائب البرلماني عن حزب نويفا كانارياس بيدرو كيفيدو، أكد ألباريس على تثمين إسبانيا لمبادرة الحكم الذاتي المغربية باعتبارها الحل “الأمثل والمنطقي لنزاع استمر نصف قرن ولا يمكننا السماح له بأن يستمر نصف قرن آخر”.
وأكد الباحث في الشؤون الاستراتيجية والدولية هشام معتضد لـ”العرب” أن رد وزير الخارجية الإسباني على سلطات جزر الكناري بمثابة رسالة سياسية لتثبيت التوجه السيادي الذي تبنته القيادة الإسبانية ولاستئناف بنَّاء وإيجابي للعلاقات مع جارتها الجنوبية المغرب.

هشام معتضد: جزر الكناري ترى المغرب منافسا اقتصاديا وسياحيّا
وشدد معتضد على أن هذا التوضيح الذي جاء على لسان وزير الخارجية الإسباني يترجم مدى جدية الإدارة الإسبانية في الالتزام بالرؤية الجديدة للبلدين في ما يخص تفعيل خارطة الطريق الاستثنائية التي اعتمدتها حكومتا البلدين من أجل الرفع من مستوى التعاون والاستجابة للتحديات المشتركة من خلال مقاربة تشاركية مبنية على الانسجام السياسي والتكامل الاقتصادي.
وجاء تصريح ألباريس كرد على استفسار للبرلماني عن جزر الكناري، حول طبيعة العلاقات بين إسبانيا والمغرب وتأثيرها على الجزر، والذي أكد أن هناك “قلقا واسع النطاق” في الجزر بعد تغيير موقف الحكومة من مغربية الصحراء، معتبرا أن “الحقائق في الوقت الحالي لا تثبت أننا نعمل حقًا في اتجاه التعاون والاحترام”.
وأعرب النائب عن قلقه قائلا إن “عدم الاستقرار الدائم في المنطقة يؤثر على مصالح جزر الكناري، وبشكل أكثر تحديدًا مع ترسيم حدود المياه الإقليمية واتجاه المغرب إلى التنقيب عن النفط في سواحله الأطلسية”.
ومن المنتظر أن يقوم وزير الخارجية الإسباني بزيارة إلى جزر الكناري مطلع الأسبوع المقبل، لمناقشة كافة المستجدات في ما يتعلق بتدشين علاقات متقدمة مع المغرب.
ولفت معتضد إلى أن انزعاج جزر الكناري من هذا التقارب يُفسر بالمواقف السلبية التي يتبناها بعض القادة الكناريين تجاه المغرب، خاصة وأن سلطات الكناري كانت ترى دائمًا في المغرب منافسا اقتصاديا وسياحيًا وتهديداً استراتيجيا لمصالحها ما قد يؤثر سلبا على أطماعها في المنطقة.
واستبق ألباريس زيارته بالدعوة إلى وجوب أن تكون جزر الكناري “منصة لإسبانيا وأوروبا في اتجاه المغرب وأفريقيا”، داعيا الممثلين السياسيين إلى العمل معًا لتحقيق هذا الهدف، وأشار إلى أنه سيقوم بالترويج للأمر الأسبوع المقبل في رحلته إلى الأرخبيل.
وحرص وزير الخارجية الإسباني، في رده على نواب جزر الكناري في البرلمان، على طمأنة النواب والتأكيد على أن التقارب مع المغرب سيفيد الجزر، مشيرا إلى أن حكومة مدريد تسعى لتطوير العلاقات جنبًا إلى جنب مع جزر الكناري والمدن المتمتعة بالحكم الذاتي الأكثر مباشرة على غرار سبتة ومليلية المحتلتين، “ويجب أن نكتسب روح التعاون الجديدة هذه”.
وجزر الكناري هي مجموعة جزر من أصل بركانى تتبع إسبانيا في شمال المحيط الأطلسي وتخضع للحكم الذاتي.
وأوضح هشام معتضد أن دعوة ألباريس إلى وجوب أن تكون الجزر منصة لإسبانيا وأوروبا في اتجاه المغرب هي توجه يندرج في إطار رؤية المغرب وإسبانيا ورغبتهما في إشراك المكونات الجيواستراتيجية في المنطقة لإحداث تكامل سوسيواقتصادي وإنشاء هيكل سياسي مشترك ينخرط فيه كل الفاعلين دون تمييز، خاصة وأن الجزر يمكنها لعب دور مهم في هذه الرؤية المشتركة بين المغرب وإسبانيا.
وفي هذا السياق قامت حكومتا الرباط ومدريد بفتح الحدود البرية في سبتة ومليلية الثلاثاء بعد إغلاق تجاوز السنتين، في إطار خارطة طريق لتطبيع العلاقات بين الرباط ومدريد أُعلن عنها مطلع أبريل الماضي خلال زيارة رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز.
وشملت خارطة الطريق حتى الآن استئناف الرحلات البحرية والتعاون في محاربة الهجرة غير النظامية، بالإضافة إلى عملية عبور المغاربة المقيمين في أوروبا موانئ البلدين خلال عطلة الصيف المقبل.
وتزامنا مع فتح الحدود البرية، وفي إطار وضع حد لأي تشويش على العلاقات مع المغرب، رفضت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الإسباني الأربعاء اقتراحا قدمه حزب “فوكس” اليميني المتطرف، يحث الحكومة على تبني إجراءات للسيطرة على تدفقات الهجرة غير النظامية، من بينها مطالبة الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات اقتصادية على المغرب والجزائر وموريتانيا.
ويرى هشام معتضد أن إسبانيا على دراية كاملة بالحساسية السياسية التي تسيطر على فكر وتوجه قادة جزر الكناري وغيرهم من المعارضين الآخرين، في ما يتعلق بدور المغرب ووزنه الاستراتيجي في المنطقة، لذلك تتبنى مقاربة تشاركية تجاه الجزر سعيا لمساعدتها في استيعاب التحولات الجيواستراتيجية في المنطقة وفهمها للتطورات والتحديات المتسارعة والمشتركة على المستوى الإقليمي.