رحيل آخر الشعراء الفلسطينيين الأربعة الكبار

الشاعر الراحل عزالدين المناصرة ساهم في تطور الشعر العربي الحديث ومنهجيات النقد الثقافي كواحد من رواد الحركة الشعرية الحديثة.
الثلاثاء 2021/04/06
شاعر الثورة المندفع

رام الله- نعت وزارة الثقافة الفلسطينية والاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين الشاعر والناقد الفلسطيني عزالدين المناصرة الذي توفي فجر الاثنين في العاصمة الأردنية عمّان متأثرا بإصابته بفايروس كورونا.

وقال عاطف أبوسيف وزير الثقافة الفلسطيني “برحيل الشاعر العربي الفلسطيني الكبير عزالدين المناصرة (74 عاما) تفقد الثقافة العربية عامة والفلسطينية خاصة أحد رموزها الكبار”. وأضاف أن العزاء هو “إرثه وأعماله الشعرية والأدبية والنقدية التي تركها حاضرة ومنارة للأجيال”.

الراحل عزالدين المناصرة حمل قضية شعبه من جذورها

وفاز المناصرة بجائزة دولة فلسطين التقديرية عن مجمل أعماله الشعرية والنقدية في عام 2019. وأصدرت له وزارة الثقافة في عام 2018 مجموعته “لن يفهمني أحد غير الزيتون – مختارات شعرية وشهادات”.

وقال الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين في بيان له “يعتبر الراحل الكبير واحداً من شعراء فلسطين الكبار الذين صدقوا القول بالفعل النضالي وعاشوا الكفاح والعنفوان الثوري بكل أمانة وخاضوا منازلة العمر وهاماتهم تلامس المجد المرجو. فحمل قضية شعبه من جذورها وزرعها في صدره لتكون فلسطين على امتداد وجعها وخارطتها الأم يقينه الأوحد، حيث كان ومن حيث ترجل، فجفرا التي غناها المبدعون لن تنساها أجيال حملت الشهداء وهم يهتفون بالأخضر كفناه”.

وجاء في البيان أيضا أن المناصرة “من شعراء المقاومة الفلسطينية منذ أواخر الستينات حيث اقترن اسمه بالمقاومة الثقافية وبشعراء مثل محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد أو كما يطلق عليهم مجتمعين الأربعة الكبار في الشعر الفلسطيني”.

وغنى قصائد الشاعر الراحل الفنان مارسيل خليفة وغيره، واشتهرت قصيدتاه جفرا وبالأخضر كفنّاه اللتين صارتا أغنيتين حماسيتين تُردّدان على ألسنة كل العرب.

وذكر البيان أن المناصرة “حصل على عدة جوائز في الأدب من ضمنها جائزة الدولة الأردنية التقديرية في حقل الشعر عام 1995 وجائزة القدس عام 2011”.

وصدرت للمناصرة أيضا مجموعات شعرية من بينها “يا عنب الخليل”،“جفرا”، “بالأخضر كفنّاه”، “لا سقف للسماء” و“يتوهج كنعان”، إلى جانب عدد من الكتب النقدية والفكرية.

وساهم المناصرة في تطوير الشعر العربي الحديث وتطوير منهجيات النقد الثقافي. ووصفه إحسان عباس كأحد رواد الحركة الشعرية الحديثة.

رائد التوقيعة الشعرية

يعد المناصرة أحد شعراء الثورة الفلسطينية ومفكرا وناقدا وأكاديميا فلسطينيا، وهو من مواليد بلدة بني نعيم في الخليل في 11 أبريل عام 1946، وحصل على شهادة “الليسانس” في اللغة العربية والعلوم الإسلامية من جامعة القاهرة عام 1968 حيث بدأ مسيرته الشعرية، ومن ثم انتقل إلى الأردن وعمل كمدير للبرامج الثقافية في الإذاعة الأردنية في العام 1970 وحتى 1973. وأسس في نفس الفترة رابطة الكتاب الأردنيين مع ثلة من المفكرين والكتاب الأردنيين.

انخرط المناصرة في صفوف الثورة الفلسطينية بعد انتقالها إلى بيروت، حيث تطوع في صفوف المقاومة العسكرية بالتوازي مع عمله في المجال الثقافي الفلسطيني والمقاومة الثقافية كمستقل، وأيضاً ضمن مؤسسات الثورة كمحرر ثقافي.

وأكمل الشاعر دراساته العليا لاحقاً، وحصل على شهادة التخصص في الأدب البلغاري الحديث، ودرجة الدكتوراة في النقد الحديث والأدب المقارن في جامعة صوفيا عام 1981، وبعد عودته إلى بيروت عام 1982 شارك في صفوف المقاومة من جديد أثناء حصار بيروت، وأشرف على إصدار جريدة المعركة إلى أن غادر بيروت ضمن صفوف الفدائيين كجزء من صفقة إنهاء الحصار.

تنقل المناصرة بين عدة بلدان قبل أن يحط به الرحال في الجزائر عام 1983، حيث عمل كأستاذ للأدب في جامعة قسنطينة ثم جامعة تلمسان. وعاد لينتقل في مطلع التسعينات إلى الأردن حيث أسس قسم اللغة العربية في جامعة القدس المفتوحة (قبل أن ينتقل مقرها إلى فلسطين) وبعدها صار مديرا لكلية العلوم التربوية التابعة لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وجامعة فيلادلفيا حيث حصل على رتبة الأستاذية (بروفيسور) عام 2005، كما حصل على عدة جوائز في الأدب من ضمنها الجائزة الدولة الأردنية التقديرية في حقل الشعر عام 1995، وجائزة القدس عام 2011.

ويمكننا اعتبار المناصرة رائد التوقيعة الشعرية، فقد خبر وعاش كل أنواع المآسي التي عاشها الشعب الفلسطيني في المنافي ومخيمات اللجوء، ما انعكس في شعره كما تنعكس ظلال الأشجار الوارفة على صفحة الماء العذب.

15