رحلات الطيران التركي تعود إلى بنغازي استكمالا للتطبيع

عادت الثلاثاء رحلات شركة الخطوط الجوية التركية من وإلى مدينة بنغازي، في خطوة لتكريس عودة الحياة إلى العلاقات بين شرق ليبيا وتركيا بعد انقطاع لمدة عشر سنوات.

وأعلنت السفارة التركية في ليبيا عودة الرحلات إلى مدينة بنغازي، حيث وصلت طائرة تركية إلى مطار بنينا الدولي صباح الثلاثاء، بحضور السفير غوفين بيجيتش، وعدد من المسؤولين في السفارة إضافة إلى مدير عام الخطوط الجوية التركية بلال أكشي أوغلو.

وجاء ذلك بعد استقبال رئيس المجلس التسييري لبلدية بنغازي صقر بوجواري الاثنين السفير بيجيتش، بحضور وزير الطيران المدني بالحكومة المكلفة من مجلس النواب هشام أبوشكيوات، وعدد من القيادات المحلية، حيث تم استعراض العديد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك التي من بينها عودة الرحلات المباشرة من وإلى مدينة بنغازي، وكذلك العمل على تطوير التعاون المشترك بين رجال الأعمال في المجالات الاقتصادية المختلفة، والاستفادة من الخبرات التركية في مجالات البنية التحتية والإعمار.

وقالت بلدية بنغازي إن السفير التركي نوه خلال اللقاء بأنه سيجري فتح القنصلية التركية في مدينة بنغازي خلال الفترة القريبة القادمة، مؤكدا على أهمية التعاون المشترك بين البلدين، كما أكد رئيس المجلس التسييري للبلدية على ضرورة أهمية تطوير التعاون في مجال القطاع الخاص بين البلديات وأهمية فتح القنصلية التركية في مدينة بنغازي.

وجرت سلسلة من اللقاءات بين المسؤولين الليبيين والأتراك مهدت لهذه الخطوة، إذ تم الاتفاق على التعاون في عدة مجالات حيث تسعى تركيا إلى بناء علاقات مع مختلف الأطياف السياسية لتأمين مصالحها الإستراتيجية في شرق البلاد وغربها.

وكان لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح لقاء بمكتبه في مدينة القبة مع السفير التركي بيجيتش بحث خلاله مستجدات الأوضاع على كافة الأصعدة، وسبل تطوير التعاون المشترك بين البلدين.

واستقبل الأمين العام للقيادة العامة عضو اللجنة العسكرية المشتركة “5+5” الفريق أول خيري التميمي، السفير التركي بمقر القيادة العامة في بنغازي، وتناول معه سبل تطوير التعاون المشترك بين الجانبين.

وفي نوفمبر 2024، التقى التميمي في مكتبه بمقر القيادة العامة في الرجمة الملحق العسكري التركي لدى ليبيا والوفد المرافق له، حيث تناول اللقاء سبل التعاون المشترك بين الجانبين. وهو ما رأى فيه مراقبون تحولا إيجابيا وتقاربا ملحوظا في مستوى العلاقات بين تركيا والمؤسسة العسكرية بقيادة الجنرال خليفة حفتر، حيث تمت التهيئة له أثناء زيارة رئيس أركان القوات البرية الفريق صدام خليفة حفتر إلى إسطنبول ولقائه مع وزير الدفاع التركي يشار غولر خلال حضورهما فعاليات معرض “ساها إكسبو 2024” الدولي للدفاع والفضاء في الثاني والعشرين من أكتوبر الماضي.

وكانت الحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة أسامة حماد اقترحت “إقامة منتدى ومعرض اقتصادي ليبي – تركي يمكن من خلاله تنظيم معارض دورية للشركات الليبية والتركية في بنغازي بالتنسيق والشراكة مع مختلف المؤسسات ذات العلاقة”، مؤكدة ضرورة العمل على “إعادة تفعيل الاتفاقات الثنائية بين البلدين والاستفادة من بنودها في تنشيط العلاقات الاقتصادية بين الجانبين.”

وجاء اقتراح حكومة حماد من قبل وزير الخارجية والتعاون الدولي المفوض عبدالهادي الحويج، خلال استقباله وفدا من مجلس الأعمال التركي العالمي في ليبيا، وذلك في إطار تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية.

وفي يناير 2022، أدى السفير التركي السابق في ليبيا كنان يلماز زيارة إلى مدينة بنغازي، هي الأولى من نوعها لمسؤول تركي لهذه المدينة، بعد سنوات من القطيعة بين أنقرة والشرق الليبي، وقال متابعون آنذاك إن التحولات الإقليمية، وخاصة المصالحة التركية مع أبوظبي والرياض، والمصالحة العربية الخليجية مع قطر، ومؤشرات التقارب التركي – المصري، ساهمت في حلحلة الموقف بين أنقرة وقيادة الجيش في الشرق الليبي.

وفي أبريل من العام ذاته، أعلن عن استئناف الرحلات الجوية بين تركيا وبنغازي، وهو ما أدى إلى تدفق رجال الأعمال الأتراك على مطار بنينا، وإلى تنشيط الحركة التجارية والاقتصادية بين الطرفين، وكذلك استأنفت “شركة ليماك” التركية القابضة المتخصصة في مشاريع البناء والإسمنت صيانة أكبر ملعب رياضي في مدينة بنغازي شرقي ليبيا بعد توقف 12 عاما إثر اندلاع انتفاضة 2011.

وفي يوليو الماضي، وقّع الجهاز الوطني للتنمية عقود تنفيذ مشروع أبراج بنغازي مع شركة “تي.جي.جي” التركية. والمشروع عبارة عن 3 أبراج (سكن وفندق ومكتبي) تطل جميعها على بحيرة 23 يوليو وسط بنغازي بالقرب من المدينة الرياضية.

وأعلنت شركة توسيالي التركية للصلب عن توقيع اتفاقية مع شركة الصلب المتحدة الليبية لإنشاء منشأة مباشرة للحديد المخفض “دي.آر.آي” في بنغازي، وقالت إن “هذه المنشأة ستكون جزءا من مصنع متكامل للحديد والصلب، بقدرة إنتاجية تصل إلى 8.1 مليون طن سنويا.”

وأكد رئيس مجلس إدارة شركة توسيالي القابضة فوات توسيالي أن “الاستثمار الجديد في ليبيا يأتي ضمن إستراتيجية توسيع استثمارات الشركة على طول ساحل البحر المتوسط، وخاصة في أفريقيا، والتي تعد من المناطق الاستثمارية ذات الأولوية.”

وبحسب وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، فإن رجال الأعمال الأتراك يتفاعلون مع الأطراف الليبية في شرق البلاد، كما تتواصل الاتصالات مع المسؤولين في المنطقة، لافتا إلى أن “تركيا تواصل تعزيز علاقاتها مع مختلف الأطراف في ليبيا”، معتبرا أن “بيئة انعدام الصراع” التي تحققت في ليبيا بمبادرة تركية “باتت تثمر نتائج إيجابية.”

وأكد فيدان أن تركيا تولي أهمية كبيرة لتوفير “بيئة تساهم في تحقيق الوحدة الوطنية الليبية بناء على حقائق أرض الواقع، وتعمل على تنفيذ ذلك خطوة بخطوة ضمن إطار إستراتيجية محددة.”