ربط الأحواض ملاذ آخر للمغرب لمواجهة الإجهاد المائي

قطع المغرب شوطا في تسريع وتيرة توسيع الاستثمار في مشاريع توفير المياه من مصادر مختلفة كأحد الحلول البديلة لتغطية العجز الحاصل بسبب قلة الأمطار ضمن إستراتيجية يشرف عليها العاهل المغربي الملك محمد السادس بنفسه لتأمين احتياجات البلد من هذا المورد.
سبو (المغرب) - دشن المغرب المرحلة الأولى من مشروع ضخم لإيصال المياه من منبع سبو، أحد أكبر أحواض المياه في شمال البلاد، إلى أحد السدود القريبة من الرباط ليغطي احتياجات العاصمة ومدينتي الدار البيضاء والمحمدية.
وتنبع مياه حوض سبو من نهر في جبل الأطلس المتوسط ويحيط بمدينتي فاس والقنيطرة من الغرب والشرق، ويلتقي مع نهر فاس في السهول مشكلا سهلا خصبا صالحا للزراعة.
وكان من المفترض أن يتم الانتهاء من المشروع في عام 2021، لكنه تأخر كثيرا، قبل أن تتم إعادة التركيز من قبل الحكومة الحالية، والتي كثفت عملها بعد التوجيهات الملكية.
وأجرى رئيس الحكومة عزيز أخنوش زيارة تفقدية إلى المشروع ومحطته الضخمة بسد المنع بحوض سبو، التي تمثل محطة انطلاق المياه الموجهة نحو سد سيدي محمد بن عبدالله بحوض أبي رقراق قرب العاصمة.
وقال أخنوش خلال زيارته إلى موقع المشروع الثلاثاء الماضي إن “الماء الذي وصل إلى أبي رقراق جاء من حوض سبو، ويحول من منطقة فيها اكتفاء مائي وكميات تتوجه نحو البحر”.
وأوضح أن المياه، التي أصبحت تحول إلى حوض أبي رقراق ستزود مدينة الرباط وجزءا من مدينة الدار البيضاء، مؤكدا أهمية هذا المشروع الذي بذلت الحكومة جهودا كبيرة من أجل إخراجه في الوقت المحدد له.
وتشكو العديد من جهات البلاد من نقص كبير في الماء الصالح للشرب نتيجة جفاف السدود التي كانت الرباط تعتمد عليها بشكل رئيسي لتغطية حاجة السكان في فترات احتباس الأمطار وأيضا في عمليات الزراعة.
ويصنف المغرب ضمن الدول التي تعاني من الإجهاد المائي، وتقدر الموارد المائية السطحية في المتوسط سنويا بنحو 18 مليار متر مكعب، أما المياه الجوفية فتمثل 20 في المئة ببلد يبلغ تعداد سكانه نحو 38 مليون نسمة.
وأجريت الاثنين الماضي أولى الاختبارات على “الطريق السيار للماء” بين حوضي سبو وأبي رقراق، بينما سيتم العمل في المرحلة المقبلة على توصيل القنوات حتى سد المسيرة، ثاني أكبر سد بالبلاد ويقع في إقليم سطات، وبالتالي في اتجاه الحوض المائي لتانسيفت.
وبحسب وزارة التجهيز يتكون المشروع الذي تقدر كلفته الإجمالية بنحو 6 مليارات درهم (590 مليون دولار) من منشأة لأخذ الماء على مستوى سد المنع على واد سبو، و67 كيلومترا من القنوات الفولاذية بقطر 3.2 متر.
ويشمل كذلك محطتين للضخ بطاقة 15 متر مكعب في الثانية، وحوض لإيصال الماء إلى سد سيدي محمد ما سيمكن من تحويل فائض مياه يقدر بما بين 300 و400 مليون متر مُكعب.
ولتسهيل تنفيذ المشروع صادق المجلس الحكومي على مشروع مرسوم يتعلق بوقف استيفاء ضريبة الاستيراد المفروض على بعض الأنابيب والمواسير الفولاذية المتعلق بمشروع إستراتيجي وكبير جدا، والذي سيصل إلى مراكش في شطر آخر.
وتتناوب فرق العمال والمهندسين من أربع شركات مغربية لتنفيذ هذا العمل الضخم، وهي الشركة العامة للأشغال، والشركة الجديدة لأنابيب المغرب، والشركة المغربية للهندسة المدنية، ومكتب الهندسة والتنمية وهو مكتب دراسات تابع لوزارة التجهيز.
وحرص العاهل المغربي الملك محمد السادس على متابعة المشروع بنفسه، وسبق وأن ترأس في مايو الماضي بالقصر الملكي بالرباط جلسة عمل خصصت للوقوف على البرنامج الوطني للتزود بالماء الصالح للشرب ومياه السقي 2020 – 2027.
وطالب حينها الحكومة بتسريع وتيرة البرنامج وتحيين محتوياته، وأعلن عن تخصيص اعتمادات إضافية بما يمكّن من رفع ميزانيته الإجمالية إلى 143 مليار درهم (14 مليار دولار).
كما دعا خلال الاجتماع إلى تسريع مشروع الربط بين الأحواض المائية لسبو وأبي رقراق وأمّ الربيع، وهو المشروع الذي أنجزت المرحلة الاستعجالية منه، ما مكّن من احترام الجدول الزمني له، وبالتالي سيحل مشكلة ندرة المياه بمناطق الرباط وسلا والنواحي.
ويغطي الحوض المائي لسبو حاجيات نحو 6.2 مليون ساكن، زهاء نصفهم يقطنون في المدن موزعين على 84 مركزا حضريا، من أهمها فاس ومكناس وتازة والقنيطرة والخميسات وسيدي قاسم.
ويهدف مشروع الربط المائي بين الأحواض المائية إلى ضمان مرونة وإدارة متكاملة أفضل للمنشآت وتعزيز قوة الأنظمة أمام تغير المناخ، وتحسين إدارة الموارد من خلال الاستفادة من المياه التي تفقد في البحر.
وعلاوة على ذلك تأمين إمدادات المياه الصالحة للشرب للمنطقة الساحلية بين الرباط والجديدة ومراكش الكبرى، وبالتالي تقليل العجز الهيكلي في المياه الذي تشهده بشكل خاص المناطق القروية في الدكالة والحوز.
590
مليون دولار تكلفة ربط حوض سبو بشمال البلاد بحوض أبي رقراق بالقرب من الرباط
كما يرمي المشروع إلى دعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمناطق المستفيدة من المشروع والتي تشمل عددا كبيرا من السكان، حيث قامت السلطات العمومية بإجراء استثمارات كبيرة.
وبالإضافة إلى ذلك الحفاظ على سهول برشيد وتحسين إمدادات المناطق المحيطة ببني موسى والمساهمة في الحماية من الفيضانات في سهول غرب البلاد.
وأوضح نورالدين السرغيني، رئيس مصلحة التواصل والتعاون بوكالة الحوض المائي لسبو، أن احتياطي ملء السدود على صعيد الحوض بلغ 54 في المئة في أبريل الماضي.
وأكد إلى أن المخزون المائي في السدود الكبرى في حوض سبو وصل إلى أكثر من ثلاثة مليارات متر مكعب.
ويوفر البلد في السنة العادية موارد مائية تقدر بنحو 22 مليار متر مكعب، ويصل نصيب الفرد إلى 606 متر مكعب حاليا بعدما كان قبل عشر سنوات بحدود 720 متر مكعب.
وهذا تأكيد واضح للمنحى النزولي لتوفر المياه بسبب النمو الديموغرافي وارتفاع حاجيات قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة.
ويستهدف المغرب تحلية أكثر من مليار متر مكعب سنويا من مياه البحر لاستخدامها في أغراض الشرب والري وتلبية احتياجات القطاعات.
ويريد كذلك الوصول إلى ما بين 500 و800 مليون متر مكعب كمتوسط سنوي محوّلة من فائض مياه حوض سبو إلى أحواض أبي رقراق وأمّ الربيع.