رانيا المشاط: السياح العرب أهم الزائرين بعد الأوروبيين

تسعى مصر لمنح قطاع السياحة جرعة تنشيطية من خلال حملات ترويجية في الأسواق المصدرة للسياح، وتستعد وزارة السياحة لإطلاق جولات بمنطقة الخليج لإنعاش موردها الرئيسي من العملات الأجنبية التي شح تدفقها. وأكدت رانيا المشاط وزيرة السياحة بمصر لـ”العرب” أن السياحة العربية تعد ثاني أهم مورد سياحي لمصر بعد الدول الأوروبية من حيث عدد السائحين.
القاهرة - تراهن القاهرة على السياحة العربية لإنقاذ القطاع خلال موسم الشتاء، بعد أن عانى على مدار سنوات من ركود جاء على أصول المنشآت، وخسرت القاهرة موردا مهما من موارد النقد الأجنبي نتيجة توقف الرحلات من مختلف الدول للمقصد المصري.
واستحوذت السياحة العربية على نحو 21.6 بالمئة من إجمالي حجم السياحة الواردة لمصر خلال العشرة أشهر الأولى من العام الحالي.
وقالت رانيا المشاط وزيرة السياحة بمصر في حوارها مع “العرب” إن الفترة المقبلة سوف تشهد انطلاق حملات ترويجية للمقصد السياحي المصري في مختلف المناطق الجغرافية.
وتطرح القاهرة لأول أجندة ترفيهية ثقافية على مدار العام مطلع 2019 تشمل جميع الفعاليات والأحداث الدولية التي تقام على أرض مصر، والمهرجانات السينمائية.
وتنطلق لأول مرة منذ توقف عقدين أولى رحلات “كروز” بين موانئ مصر وقبرص واليونان العام المقبل، كرافد سياحي جديد يعزز من الإقبال على المقصد المصري.
وتعتمد الحملة الترويجية على شعار "الناس للناس" من خلال إبراز خصائص وسمات الشعب المصري المحب للعالم، والترويج للمتحف المصري الكبير، والذي يعتبر أكبر متحف في العالم، ويضم 50 ألف قطعة أثرية تعرض بعضا من أسرار الفراعنة، بخلاف 50 ألفا أخرى بمخازن المتحف، والترويج لكل محافظة أو مدينة سياحية على حدة.
مفهوم السياحة الخضراء ينصب على الفنادق التي تحافظ على البيئة، خاصة في ما يتعلق باستهلاك الطاقة والمياه، ويطلق على هذه التجمعات الفندقية المقاصد الخضراء
وسوف تتم الاستعانة بمدونين خلال المرحلة المقبلة من دول عديدة ضمن الحملة الترويجية، والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأكدت المشاط أن القاهرة تركز على المنصات الرقمية الهامة لما لها من قدرة كبيرة على جذب شرائح متنوعة من المتابعين.
وتهتم خطة الترويج أيضا بفتح أسواق جديدة في الكثير من الدول، منها الصين، وكشفت لـ”العرب” أن نائب الرئيس الصيني وانغ تشي شان خلال زيارته الأخيرة لمصر قال إنه "سيكون سفيرا للسياحة المصرية في بلاده".
وتجري وزارة السياحة مباحثات مع الملحق الثقافي الصيني بالقاهرة لتدريب المرشدين المصريين المتخصصين في السوق الصينية على كيفية التعامل مع السائح الصيني سواء على مستوى اللغة أو الثقافة الصينية. وتصدر بكين نحو 150 مليون سائح سنويا، وأعلنت لجنة السياحة بجمعية رجال الأعمال المصريين عن خطة تستهدف جذب عشرة بالمئة من السياحة الصينية، من خلال برامج ترويجية في بكين.
وأوضحت المشاط أنها تسعى من خلال الحملات الترويجية لتنشيط قطاع السياحة، ليصبح قائدا للتنمية الاقتصادية، وفاعلا في عمليات التشغيل، ويمتد طموحها لأن يعمل على الأقل فرد من كل أسرة مصرية في قطاع السياحة، من خلال الأنشطة المباشرة أو غير المباشرة.
وتوفر كل وظيفة مباشرة في قطاع السياحة أربع وظائف غير مباشرة، حيث يعد من القطاعات الاقتصادية عالية التشغيل.
وأضافت المشاط لـ”العرب” أن المؤشرات العالمية تؤكد أهمية قطاع السياحة في تعزيز معدلات نمو اقتصاد الدول، ويعد من أسرع القطاعات الاقتصادية نموا وتأثيرا في الاقتصاد العالمي.
وتؤكد الإحصاءات الصادرة عن المجلس الدولي للسياحة والسفر أن عشرة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي يأتي من قطاع السياحة، وبلغ 8.3 تريليون دولار، في حين وصلت المساهمة الكلية في التشغيل وتوفير فرص عمل إلى نحو 300 مليون فرصة عمل.
وبلغت مساهمة قطاع السياحة في حجم استثمار رأس المال العالمي ما يقرب من 890 مليار دولار.
وأشارت وزيرة السياحة المصرية إلى أن هذه المؤشرات تعكس الاتجاه العالمي المتزايد بصناعة السياحة التي تستحوذ على 30 بالمئة من الصادرات الخدمية، ونحو 7 بالمئة من صادرات العالم، بنحو 1.4 تريليون دولار من الصادرات، فضلا عن توفير فرصة عمل من كل عشرة فرص يتيحها الاقتصاد.
ولفتت إلى أن مصر أطلقت برنامج إصلاح هيكلي لقطاع السياحة يتواكب مع الاهتمام العالمي ولتنفيذ رؤية الوزارة في تحقيق تنمية سياحية مستدامة من خلال صياغة وتنفيذ إصلاحات هيكلية تهدف إلى رفع القدرة التنافسية للقطاع.
ويتماشى ذلك مع الاتجاهات العالمية، ما يساهم في تحويل التحديات إلى فرص يمكن الاستفادة منها في تطوير القطاع وجعله أكثر تحملا للصدمات.
ويؤكد البرنامج على الإصلاح المؤسسي والتشريعي وتطوير البنية التحتية والاستثمار وتحديث آليات الترويج للسياحة ومواكبة الاتجاهات السياحية الحديثة.
الثقافة السياحية
قالت المشاط لـ“العرب” إن الارتقاء بمنظومة السياحة في مصر يتطلب زيادة الوعي المجتمعي حول أهميتها، ونشر الثقافة السياحية وإرساء أخلاقياتها في المدارس، ولتحقيق ذلك الهدف تم توقيع اتفاق تعاون بين وزارتي السياحة، والتربية والتعليم لنشر أخلاقيات السياحة بين طلبة المدارس ورفع الوعي السياحي للأجيال القادمة.
وأضافت أن تطوير القطاع يتطلب رفع كفاءة البنية التحتية للفنادق، وتحديث منظومة تصنيفها لتواكب المعايير العالمية، في الوقت الذي تحافظ فيه الاستثمارات السياحة على البيئة والتراث الثقافي، ويعد رسالة على استقرار الأمن والسلام.
ويرتبط قطاع السياحة بما يقرب من 70 صناعة أخرى، بالتالي يؤثر نشاط هذا القطاع إيجابا على معدات التشغيل في تلك الصناعات، الأمر الذي يعزز من تماسك مفاصل الاقتصاد.
وذكرت المشاط أن التحديات التي شهدتها السياحة المصرية خلال الفترة الماضية جعلتها أكثر صلابة، بعد أن تخطت العديد من العقبات، في ظل النمو المتزايد في حركة السياحة والسفر حول العالم.
سياحة البحر المتوسط.. و"الناس للناس" والمتحف الكبير وتسويق المدن محاور حملة ترويج 2019
وأشارت إلى أن الفترة المقبلة سوف تشهد استكمال خطوات الإصلاح التشريعي وتقديم عدد من مشروعات القوانين المتعلقة بالسياحة، وأهمها قانون السياحة الموحد.
وأكدت أهمية تحديث وقياس مكونات الأنشطة المتصلة بالسياحة ومساهمتها في الاقتصاد الوطني لتوفير قاعدة بيانات سياحية شاملة وتفصيلية تبرز العلاقة المتشابكة للسياحة مع القطاعات الاقتصادية المختلفة، وأهمية منظومة الإحصاءات السياحية في برنامج الهيكلة.
وشددت على أن الحكومة تسعى من خلال خطط الهيكلة إلى مواكبة متغيرات صناعة السياحة عالميا، وتفعيل مفاهيم السياحة الخضراء، والتوسع في أنشطة السياحة البيئية.
وينصب مفهوم السياحة الخضراء على الفنادق التي تحافظ على البيئة، خاصة في ما يتعلق باستهلاك الطاقة والمياه وخفض الانبعاثات، ويطلق على هذه التجمعات الفندقية “المقاصد الخضراء".
تطوير معايير الفنادق
تمتلك مصر 81 فندقا تضم 21 ألف غرفة فندقية حاصلة على شهادة النجمة الخضراء، بما يشكل عشرة بالمئة من الطاقة الفندقية بالبلاد.
وتحاول الوزارة تحفيز الفنادق على تسريع الخطوات في هذا الأمر، حيث يعمل برنامج النجمة الخضراء حاليا على فنادق البحر الأحمر في الغردقة ومرسى علم وكذلك في القاهرة، ومنتظر أن يتجه قريبا نحو فنادق الساحل الشمالي.
وأكدت المشاط أن برنامج تحفيز الطيران الجديد الذي أطلقته الوزارة بالتعاون مع وزارة الطيران المدني للعمل سوف يستمر حتى أبريل 2020، وله أثر كبير في تعظيم التنافسية السعرية لزيادة الحركة السياحية الوافدة إلى مصر.
ويرتكز برنامج تطوير قطاع السياحة على تغيير الصورة النمطية للسياحة المصرية أمام العالم من خلال تحديث الآليات التسويقية بما يتواكب مع التغييرات العالمية.
وتابعت المشاط لـ”العرب” أنها حريصة على تطوير معايير تصنيف الفنادق المصرية، وقامت الوزارة بالتعاون مع غرفة المنشآت الفندقية بالاستعانة بشركة “بريفيرسك” وهي بيت خبرة عالمي مستقل معتمد لاستشارات الصحة والسلامة لفحص فنادق مدينة الغردقة كمرحلة أولى، فيما تشمل المرحلة الثانية فحص جميع الفنادق بالمحافظات السياحية، بالتنسيق مع وزارة الصحة ومفتشي وزارة السياحة.
ويجري حاليا العمل على تأسيس صندوق استثمار لتطوير الفنادق على غرار صناديق الملكية الخاصة، لضخ رؤوس أموال جديدة لتوفير رأس المال العامل المطلوب لتشغيلها وتطويرها.
وأشارت وزيرة السياحة إلى أن الحكومة مستمرة في إحياء طريق العائلة المقدسة، وتسعى لأن يكون مقصدا جديدا يضاف لخارطة السياحة، بعد موافقة مجلس الوزراء على تشكيل لجنة وطنية لمتابعة وتنفيذ المشروع.
ورصد صندوق دعم السياحة نحو 157 مليون دولار للمحافظات السياحية والوزارات المختلفة، ودعم الترويج والتنشيط السياحي على مدار 11 شهرا، لتعزيز تنافسية قطاع السياحة.
وحول التوجه نحو أفريقيا كشفت عن خطط للتعاون المشترك مع دول عديدة فيها خلال العام المقبل تزامنا مع رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، وتعزيز علاقات مصر بالقارة من خلال تدريب كوادر السياحة بمختلف دولها، وتنشيط حركة السياحة الأفريقية، حيث شهدت تزايدا الأشهر الماضية.