"رائحة الخبز" الإماراتي تفوح في كان

التجربة السينمائية الإماراتية، التي تؤرخ انطلاقتها مع فيلم “عابر سبيل” أول فيلم روائي إماراتي من إخراج علي العبدول في عام 1989، بدأت تفصح عن أعمال سينمائية أتاحت لها المشاركة في العديد من المهرجانات العربية، كانت فرصة لتعرف الجمهور العربي على مفردات سينمائية إماراتية بدأت في التشكل، ترفدها إرادة رسمية، عبر هيئات ومؤسسات ثقافية، تحرص على دعم التجربة السينمائية في الإمارات وتؤمن أن مراكمة التجارب وتنوعها، كفيلة بأن تحرز هذه التجربة موقعا بين التجارب السينمائية في العالم.
في هذا الصدد من السعي الإماراتي للخروج بالفيلم من الفضاء المحلي، يستعد الفيلم الروائي القصير “رائحة الخبز” للمشاركة في مهرجان كان السينمائي في دورته الـ69 التي ستنتظم من 11 إلى 22 من شهر مايو المقبل.
جدير بالتذكير أن “رائحة الخبز” شارك مؤخرا في مهرجان الأقصر للسينما العربية والأوروبية، وفي مهرجان دبي السينمائي، والفيلم القصير (مدته 20 دقيقة) من إخراج الإماراتية الشابة منال علي بن عمرو. والفيلم من بطولة الإعلامية التونسية سمية الداهش بمعية زمرة من الممثلين الإماراتيين مثل أشجان وخالد دياب ومريم سلطان وحسن بلهون وغانم الناصر وغيرهم من نجوم الساحة الإماراتية.
الفيلم يقدم حكاية فتاة بكماء وصماء، تعيش مع أسرتها البسيطة، التي يعمل أفرادها في صناعة وبيع الخبز، تتعرض الفتاة لمأساة داخل البيت، ويتفق الجميع، ضمنيا، على اختيار الصمت، وتجاهل ما حدث ومتابعة حياتهم وكأن شيئا لم يكن، وهنا يبدو دور الفتاة البكماء مركبا، لأن صمتها تحول إلى صمت مزدوج، صمت طبيعي متصل ببكمها، وصمت مضاف ناتج عن خيار العائلة، وكأن العائلة أصبحت تعيش حالة من البكم الجماعي الطوعي.
صمت البطلة تحول إلى صمت مزدوج، صمت طبيعي متصل ببكمها، وصمت مضاف ناتج عن خيار العائلة
سمية الداهش، الإعلامية التونسية المقيمة في الإمارات والقادمة من تجارب مسرحية متعددة، قالت لـ”العرب” عن كيفية ترشيحها لأداء الدور الرئيسي في الفيلم “منال علي بن عمرو تعتبر اسما بارزا في الوسط السينمائي الإماراتي بحكم فوزها بجائزة أفضل مخرجة إماراتية في إحدى دورات مهرجان دبي السينمائي، وتجمعني بها معرفة عمرها 3 سنوات، اتصلت بي فجأة وأخبرتني أنني مرشحة لدور في فيلم ألفته وستنطلق قريبا في تصويره، وأنها ترى أن ملامحي الطفولية وخلفيتي المسرحية ستساعدني في تقمص الشخصية المقترحة، وقدمت لي نبذة عن دور الفتاة البكماء وموضوع الفيلم بشكل عام، وتحمستُ جدا لهذه التجربة، خاصة أن الدور ثري أدائيا ومركب نفسيا مما سيتيح لي فرصة إبراز موهبتي”. وأضافت سمية الداهش “الفيلم يسلط الضوء على حالة من النكران التي يختارها الفرد خوفا من الفضيحة أو الخزي، متجاهلا أبسط حقوقه في الحياة”.
عرجت سمية للحديث عن الموجة الجديدة من السينمائيين الشبان في الإمارات فقالت “يلاحظ أنه في السنوات الأخيرة دشنت مجموعة شابة من السينمائيين الإماراتيين موجة من الأعمال الجديدة والعميقة، على رأسها فيلم “زنزانة” الذي شهد إقبالا جماهيريا ضخما، لأنه ضاهى الأعمال العملاقة موضوعا وتقنية”، وعللت ظهور هذه الموجة بأن “الأفكار الجديدة واللمسات الشابة والمواهب وليدة هذه الحقبة، وخريجي السينما المتشبعين بالورش أصبحوا يقدمون أعمالا بنفس وطعم جديدين”.
لا تخفي سمية الداهش تفاؤلها بحصول “رائحة الخبز” على جائزة في مهرجان كان، أولا لإيمانها بقيمة العمل، وثانيا لأنه يقدم لغة سينمائية جديدة مشتقة من البيئة الإماراتية ومتجهة إلى الأفق الإنساني، فضلا عن خصوصيته الكامنة في أن بطلة الفيلم الرئيسية بكماء ما يجعل التركيز أشد على تعبيراتها وحركاتها وإيماءاتها.
“رائحة الخبز” الإماراتي في مهرجان كان، مشاركة سينمائية لا تتقصد فقط البحث عن الجائزة، لكنها تمثل سعيا لتقديم تجربة سينمائية فتية إلى العالم، والرهان هنا أبعد من مجرد الحصول على جائزة.