رئيس وزراء الهند يغامر بالتصعيد في ملف كشمير

قرار رئيس وزراء الهندي ناريندرا مودي إلغاء الحكم الذاتي للقسم الهندي من كشمير، يشكل مخاطرة كبيرة يمكن أن تؤجج التمرد في كشمير والتوتر مع باكستان.
الخميس 2019/08/08
قرار محفوف بالمخاطر لا يمكن تصور عواقبه

نيودلهي- خضعت كشمير الهندية، الأربعاء، لإغلاق شامل فرضته السلطات الهندية لليوم الثالث على التوالي، سعيا لتجنب اشتعال الوضع، بعد قرارها إلغاء الحكم الذاتي في هذه المنطقة المتنازع عليها حيث قتل متظاهر واحد على الأقل خلال الأيام الماضية.

وبعد تحضيرات جرت بسرية تامة، قامت حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الذي ينتمي إلى القوميين الهندوس، الاثنين، بإلغاء الحكم الذاتي الدستوري في جامو وكشمير (شمال). وصوّت البرلمان الهندي على تقسيم الشطر الهندي من كشمير إلى منطقتين خاضعتين مباشرة لسلطة نيودلهي، ما يهدد بإشغال المنطقة التي تشهد حركة تمرد انفصالي منذ ثلاثين عاما.

وتخضع هذه المنطقة الواقعة في الهيمالايا والتي تطالب بها باكستان أيضا، لحظر تجول صارم منذ مساء الأحد، وهي معزولة تماما عن العالم بعد أن قطعت فيها جميع وسائل الاتصال. ورغم الانتشار الأمني الكثيف ومنع التجول والتجمعات، تحدث سكان مدينة سريناغار عن تظاهرات متفرقة.

ويرى محللون أن قرار رئيس وزراء الهندي ناريندرا مودي إلغاء الحكم الذاتي للقسم الهندي من كشمير، يشكل مخاطرة كبيرة يمكن أن تؤجج التمرد في كشمير والتوتر مع باكستان.

لئن اعتبر القوميون الهندوس أنهم يصلحون خطأ تاريخيا عبر إلحاق كشمير بالتشريع القائم في باقي الهند، فإن الكثير من المراقبين يتساءلون عن الطريقة المتبعة

وشكّل إلغاء الوضع الدستوري الخاص لجامو وكشمير في شمال الهند ذات الغالبية المسلمة، الترجمة الأكثر تعبيرا عن البرنامج القومي الهندوسي لرئيس الحكومة الهندي منذ إعادة انتخابه في مايو.

وتقول نيودلهي أن قرارها سيجلب السلم والازدهار لهذه المنطقة المضطربة التي تطالب بها باكستان والتي تشهد تمردا انفصاليا ضد الهند خلّف أكثر من 70 ألف قتيل معظمهم من المدنيين منذ 1989.

لكن الانتشار الأمني الكثيف والتعتيم الكامل الذي فرض على القسم الهندي من كشمير هذا الأسبوع، والذي بلغ حجما لا سابق له في هذه المنطقة المعتادة على العمليات العسكرية وحظر التجول، يؤكدان المخاطرة التي تقوم بها الهند.

ورأى أي.أس دولات مستشار الحكومة حول كشمير والرئيس السابق للمخابرات الهندية، أن التمكن من احتواء العنف يمثل أمرا أساسيا ليتمكن رئيس الحكومة من إعلان النصر. وأضاف “لكني أخشى حدوث انعكاسات وتصاعد العنف”.

مشاعر استياء

عبر دي.أس هوودا الجنرال المتقاعد الذي كان قاد القوات الهندية في كشمير عن قلقه من حدوث “غضب وعزلة واضطرابات للسلم الأهلي”. ونشرت السلطات الهندية عشرات الآلاف من عناصر القوات شبه العسكرية كتعزيزات منذ بداية الشهر في كشمير.

وللهند أصلا نحو نصف مليون من عناصر الأمن في كشمير. وبعد تصاعده في تسعينات القرن الماضي ثم تراجعه، يشهد التمرد في كشمير ضد الهند تصاعدا منذ 2016. ويخشى سكان كشمير أن يؤدي حصر الأهالي الذين تعادي غالبيتهم سياسة الهند، إلى تأجيج مشاعر الاستياء.

وتقول التيجا جواد وهي ابنة محبوبة مفتي الرئيسة السابقة للسلطة المحلية في ولاية جامو وكشمير التي أوقفتها السلطات الهندية في الأيام الأخيرة، “لن يقف الناس مكتوفي الأيدي إزاء هذا”. وأضافت “لا يمكن حبس الناس طوال حياتهم”. ولئن اعتبر القوميون الهندوس أنهم يصلحون خطأ تاريخيا عبر إلحاق كشمير بالتشريع القائم في باقي الهند، فإن الكثير من المراقبين يتساءلون عن الطريقة المتبعة.

غراف

وكان تم إعداد القرار في تكتم كبير وصدر في شكل مرسوم رئاسي. وتم إنهاء النقاش البرلماني في نيودلهي في بضع ساعات وقطع سكان كشمير عن باقي العالم. ويشير أجاي ساهني الخبير في مكافحة الإرهاب في جنوب آسيا إلى “أن طريقة التنفيذ، رغم نجاعتها الكبيرة، جلبت مرة أخرى الغش والتضليل الإعلامي والسياسة الطائفية إلى قلب اللعبة” السياسية.

عواقب يصعب تخيّلها

السؤال الكبير الآخر يتعلق بكيفية تصرف باكستان. ووصفت إسلام آباد قرار الهند بأنه “غير قانوني” وتعهدت رفع الأمر إلى الهيئات الدولية. ورأى المحلل السياسي المقيم في نيويورك انكيت باندا أن كشمير تقع في “قلب” مصالح الجيش الباكستاني الذي يهيمن على السياسة الخارجية والأمنية في البلاد.

وتتهم نيودلهي منذ أمد بعيد إسلام آباد بدعم مجموعات مسلحة في كشمير، الأمر الذي تنفيه باكستان. وأضاف “يمكن أن نشهد تكثيف باكستان محاولاتها تأجيج التوتر (..) أو أن تكثف اللجوء إلى مجموعات غير نظامية لمهاجمة القوات شبه العسكرية الهندية في كشمير”. وتابع “إذا قرر الجيش الباكستاني التصرف بهذه الطريقة، سيصبح الوضع خطيرا جدا”. وكانت القوتان النوويتان في جنوب آسيا خاضتا حربين حول كشمير (1947-1949 و1965). وفي فبراير 2019 شهدت العلاقات بينهما توترا جديدا اثر اعتداء انتحاري على قافلة شبه عسكرية هندية خلف نحو 40 قتيلا.

وبحسب المحلل سادانند دوما في واشنطن فإنه من المبكر الحكم على قرار مودي وما إذا كان “قرارا حكيما أو خطأ تاريخيا”. وخلص بقوله “لكنّ هناك أمرين واضحين: تجاهلت الهند مشاعر استياء الكشميريين، واتخذت قرارا محفوفا بالمخاطر لا يمكن تصور عواقبه”.

6