رئيس حكومة جزر الكناري يؤكد نجاح المغرب في التحكم في الهجرة من سواحل الصحراء

نوّه رئيس الحكومة الإقليمية لجزر الكناري فيرناندو كلافيخو بالدعم المقدم إلى المغرب الذي اعتبر أنه كان من بين أسباب تطور التعاون مع الرباط للتصدي للمهاجرين غير النظاميين وفرض المزيد من السيطرة على السواحل.
الرباط - أقر فيرناندو كلافيخو رئيس الحكومة الإقليمية لجزر الكناري أن المغرب سيطر على رحلات الهجرة غير النظامية من سواحل الأقاليم الصحراوية في اتجاه الأرخبيل الإسباني، مبرزا أن السيطرة واضحة فيما التحديات قادمة من دول أفريقية أخرى.
وتزايدت محاولات الهجرة غير النظامية نحو جزر الكناري في السنوات الأخيرة بسبب تشديد الرقابة في البحر الأبيض المتوسط، فيما يعول الاتحاد الأوروبي على المغرب للتصدي للهجرة غير النظامية.
وقال كلافيخو في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الإسبانية “أوروبا برس” إثر اجتماعه الجمعة ببروكسل مع المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا يوهانسون إن “حزمة الدعم التي أعلنت عنها بروكسل قبل فصل الصيف ساعدت في الوصول إلى المزيد من التنسيق والضبط من جانب دول مثل المغرب وموريتانيا”، لكنه أشار في المقابل إلى “الأعداد المثيرة للقلق من الوافدين من دول أفريقية أخرى”، متحدثا بالدرجة الأولى عن “السنغال وغامبيا”.
وأصبح المغرب يتدخل في عرض البحر لمنع وصول زوارق تحمل المئات من المهاجرين غير النظاميين المتوجهين إلى جزر الكناري، والقادمين أساسا من السنغال، وذلك في إطار الدعم الذي يقدمه لسلطات الإقليم الإسباني الذي يعاني من تدفقات قياسية للمهاجرين غير النظاميين أدت إلى إدخاله في أزمة جديدة لم يعد قادرا على السيطرة عليها.
ويمثل المغرب ثاني أكبر دولة في القارة الأفريقية تتعاون في مجال الهجرة مع الإسبان والاتحاد الأوروبي، بإجمالي مساعدات موجهة إلى دعم جهود محاربة الهجرة غير الشرعية تصل إلى 346 مليون يورو، منها 238 مليونا تقريبا من صندوق الاتحاد الأوروبي الائتماني المخصص للطوارئ بقارة أفريقيا.
وأكد هشام معتضد الباحث في العلاقات الدولية أن “إسبانيا كانت لها الشجاعة الكافية والمسؤولية للاعتراف بالمجهودات الجبارة التي يقوم بها المغرب لتدبير هذا الملف المركب والمعقد من أجل كسب رهاناته وضبط مكوناته المتغيرة”.
وأضاف لـ”العرب” أن “مدريد تعترف بالرباط شريكا إستراتيجيا في محاربة الهجرة، حيث تم تقديم آليات عسكرية وأمنية إلى المملكة وجعلت من الرباط المستفيد الأجنبي الرئيسي من الإعانات الإسبانية غير القابلة للاسترداد (أكثر من 92 مليون يورو)”.
وتابع معتضد “المؤسسات المغربية تعتبر التنسيق والتعاون الإيجابي والبناء وحسن الجوار مع الإسبان قيما أساسية وقناعات إستراتيجية تؤطر عملها الدبلوماسي وسياستها الخارجية، وهو ما سيخدم التنسيق الثنائي في القضايا المتعلقة بمكافحة تهديدات شبكات الجريمة المنظمة التي تنشط في تهريب الأفارقة القادمين من دول الساحل والصحراء وغيرها بمنطقة غرب البحر الأبيض المتوسط”.
وتمكنت القوات العمومية قبل يومين من إحباط محاولة اقتحام جماعي لمدينة سبتة نفذها نحو 1000 مهاجر غير نظامي من دول أفريقيا جنوب الصحراء، وذلك بحسب مصدر مسؤول من عمالة المضيق – الفنيدق، موضحا أن “المقتحمين عمدوا إلى استخدام العنف المفرط مع استعمال أسلحة بيضاء خلال الهجوم ذاته”، مؤكدا أنه “بفضل التنسيق المحكم والتواجد الآني، أوقفت القوات العمومية جميع المقتحمين مع التعرف على بعض المنظمين والمحرضين الذين سيجري تقديمهم إلى العدالة”.
وأشار إلى أنه تم تسجيل 50 إصابة في صفوف القوات العمومية و30 إصابة في صفوف المقتحمين “تلقوا على إثرها العلاجات الضرورية بالمستشفى المحلي للفنيدق”.
وبحسب أحدث الأرقام الصادرة عن وزارة الداخلية الإسبانية، استقبلت جزر الكناري أكثر من 23500 مهاجر منذ مطلع العام حتى 15 أكتوبر الماضي، أي بزيادة تناهز 80 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وشددت الخارجية الإسبانية على أن التعاون مع المغرب مكن من “تفكيك الشبكات الإجرامية والإرهابية بفضل عمل الأجهزة الأمنية”، موردة أن “النتائج الملموسة” التي تحقّقت خلال هذه الفترة تعود بالنّفع على مواطني سبتة ومليلية المحتلتين، بالإضافة إلى مواطني جزر الكناري والأندلس.
وتأكيدا على عدم التعويل فقط على البعد الأمني والعمل على منح الأمل للشباب الأفارقة الفارين من الحروب في بلدانهم، شدّدت السلطات المغربية على احترام حقوق المهاجر وكرامته، مع مقاربة استباقية فعالة في مكافحة شبكات المافيا والاتجار بالبشر.
وعلى مستوى المحيط الأطلسي، تدخلت القوات المسلحة الملكية في عمليات لإنقاذ جزر الكناري من المهاجرين غير الشرعيين، حيث سبق أن اعترضت قوارب قادمة من السنغال تحمل المئات من المهاجرين غير النظاميين من جنسيات مختلفة، أغلبهم ينتمون إلى دول غرب أفريقيا، كما شرعت في انتشال جثث مرشحين آخرين غرقوا أثناء رحلتهم.
وأظهر وزير العدل المغربي عبداللطيف وهبي، الشهر الماضي، غضب بلاده من السياسة الأوروبية العقيمة في التعامل مع مسألة الهجرة باعتبارها مسالة أمنية فقط وتجاهل النواحي التنموية والاقتصادية وضرورة منح الأمل للشباب المحبطين الذين يبحثون عن فرصة للعيش وهي ملفات تؤكد عليها الرباط لإيجاد حل للملف وعدم حصره في بعده الأمني.
ووفق بلاغ رسمي للحكومة المغربية في مارس الماضي فإن برنامج دعم تدبير الهجرة، الذي يندرج ضمن أهداف الإستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء بالمملكة، ويحظى بتمويل قدره 152 مليون أورو، يهدف إلى مواكبة السلطات المغربية في جهودها الرامية إلى مواجهة التحديات المرتبطة بالهجرة غير النظامية وتهريب المهاجرين والاتجار بالبشر، كما يتوخى البرنامج تحسين تدبير الهجرة من خلال تعزيز الإطار المؤسساتي والقانوني، عبر دعم ولوج المهاجرين إلى الخدمات الأساسية وإدماجهم.