رئيس الاتحاد المغربي للمهرجانات السينمائية يدعو إلى بناء ثقافة سينمائية جادة

يزخر المغرب بالعديد من التظاهرات والمهرجانات السينمائية التي تخلق حركية ثقافية هامة وتعكس التطور الكبير الذي تعرفه السينما المغربية، والذي مازال يحتاج إلى دعم أكبر وأكثر تخصيصا، وهو ما يقف على تحقيقه الاتحاد المغربي للمهرجانات السينمائية الذي كان لـ"العرب" هذا الحوار مع رئيسه بنيونس بحكاني.
في حوار مع رئيس الاتحاد المغربي للمهرجانات السينمائية ومدير مهرجان السعيدية السينمائي بنيونس بحكاني يحدثنا عن مضمون البيان الأخير الذي أصدره الاتحاد، موضحا أن مضمون البيان هو المطالبة بنشر بلاغ الدعم المخصص للمهرجانات السينمائية في المغرب.
يقول بحكاني “انتظرنا كجمعيات منذ أكثر من شهرين هذا الدعم، ولم نتلق حتى الآن بلاغا رسميا يوضح قيمة الدعم الذي حصلت عليه كل جمعية تنظم مهرجانا في عدة مدن ومناطق في المغرب. وجدنا الأمر غريبا، لأنه كانت العادة أن ينشر المركز السينمائي في مدة لا تتجاوز أسبوعين نتائج الدعم مباشرة بعد تقديم الجمعيات المعنية تقاريرها أمام لجنة الدعم”.
أهمية دعم المهرجانات
دور مهرجانات السينما المغربية بناء ثقافة سينمائية جادة وتفعيل النقد واختيار الأعمال الجيدة والانفتاح على الشباب
يذكر بحكاني في حديثه لـ”العرب” أنهم تواصلوا مع جميع الجهات المسؤولة في البلاد، بما في ذلك وزير الشباب والثقافة والاتصال لنشر البلاغ الرسمي حول قيمة الدعم المقرر إسناده، علما أنه تم تسريب بعض النتائج لقيمة دعم بعض المهرجانات، وهو أمر كما يقول “لم نفهمه كاتحاد. لذا، نحن نطالب بنشر النتائج بشفافية ووضوح دون غير”.
أما عن الأسباب والدوافع وراء إصدار البيان فإنها كما يبين رئيس الاتحاد المغربي للمهرجانات السينمائية “ترتبط برغبة أساسية في تعزيز دعم المهرجانات واحترام المجهود المبذول من قبل عدد من الجمعيات، وإحياء السينما، والهدف هو تنشيط الفعل الثقافي في هذا المجال عبر الفن السابع الذي يظل رافدا هاما من روافد الثقافة في بلادنا، وذلك لضمان تنشيط مناطق بعيدة أحيانا والمساهمة ثقافيا، بالإضافة إلى تمكين وتقريب السينما كفن لكافة المغاربة من مختلف مناطق المملكة”.
وبالحديث عن أهمية المهرجانات السينمائية في المغرب ودورها في تعزيز الإنتاج السينمائي والثقافة المحلية، يشير إلى أن أهمية المهرجانات تكمن في تعزيز الحركة الثقافية والفنية في بلادنا وفتح قنوات التواصل مع الفاعلين جميعهم في هذا المجال.
وفي رأيه تُعتبر المهرجانات أداة تواصل أساسية بين هؤلاء الفاعلين والمواطنين، وتعريفهم بالإنتاج السينمائي الذي يعزز الترويج والتثقيف ويزيد الوعي حول ما يحدث في الساحة السينمائية العالمية، ويعتقد أن المهرجانات تُمثل فرصة تواصلية هامة لجميع أشكال الفعل الثقافي والدبلوماسية الموازية، سواء داخل المغرب أو خارجه.
أما الدور الذي يقوم به الاتحاد المغربي للمهرجانات السينمائية فيتمثل، وفق بحكاني، في جمع المعنيين تحت راية واحدة لتحديد الأهداف ومراقبة التجاوزات وتطوير المنتج الذي يُقدّم في المهرجانات.
ويعمل الاتحاد أيضا على تنسيق توقيت المهرجانات، لأنه في بعض الأحيان يحدث تضارب في المواعيد، حيث تتزامن عدة مهرجانات في الفترة نفسها، في حين تكون هناك أوقات تفتقد فيها الفعاليات.
التحديات التي تواجه إنتاج السينما المغربية تكمن في البحث عن أفكار جريئة ومبتكرة والتعامل معها بروح وطنية وتأصيلها
كما يُعد الاتحاد إطارا للدعم والمساعدة على تنظيم وتطوير المهرجانات، ويعمل على تقديم الدعم اللازم لكل مهرجان لضمان أفضلية الأداء والرهان على الجودة، كما يشدد على أهمية دعم المهرجانات الصغرى وتحفيزها للمزيد من المهنية والتطور.
وفي ما يخص الأحداث والفعاليات التي سينظمها الاتحاد المغربي للمهرجانات السينمائية سنويا وأهدافه المستقبلية، يشير بحكاني إلى أن الاتحاد حديث التأسيس ويعتزم تنظيم لقاءات مستمرة، ومن بين المشاريع المستقبلية تنظيم ندوات ولقاءات مع شخصيات سينمائية والمشاركة في اليوم الوطني للسينما، كما يخطط في القريب العاجل لعقد ندوة حول آفاق السينما المغربية في ظل التحولات الحالية.
ويشدد على أن المهرجانات السينمائية تسهم في تعزيز التبادل الثقافي والتواصل بين المخرجين والممثلين المغاربة ونظرائهم الدوليين، ومن الواضح أن دور المهرجانات يكمن في تعزيز التواصل بين مختلف الفاعلين وإبراز قدرات ومهارات متنوعة للممثلين، وبناء على علاقات مهنية قوية.
وتُعد المهرجانات بوابة مهنية وإنسانية لتعزيز التبادل الثقافي، سواء مع الشركات والمؤسسات أو الأفراد، من خلال توقيع اتفاقيات وشراكات جديدة أو عقد لقاءات مع المحترفين لاكتشاف الإنتاج السينمائي وتبادل الخبرات وتوسيع شبكة العلاقات مع مختلف المحترفين.
السينما والثقافة المحلية
يشير بحكاني إلى أن التحديات التي تواجه إنتاج السينما تكمن في البحث عن أفكار جريئة ومبتكرة والتعامل معها بروح وطنية وتأصيلها في السياق المغربي، كما يرى أن دور المهرجانات يجب أن يتضمن تفعيل النقد البناء واختيار الأعمال الجيدة، والتفتح على الطاقات الشابة في البلاد، ويعمل الاتحاد أيضا على التزام أكبر بهذا الدور وتفعيله لفتح آفاق جديدة أمام الجيل الجديد من منتجي السينما في المغرب.
ويُشير إلى أن “التعاون الدولي مع المنظمات السينمائية الأخرى يعتبر واردا، حيث نحن في مرحلة التأسيس والتخطيط للتدخلات المحتملة التي يمكن للاتحاد أن يكون جزءا فاعلا فيها على المدى القريب والمتوسط والبعيد، ويهدف هذا التعاون إلى أداء دور ريادي في الدبلوماسية الموازية والدفاع عن القضايا الحيوية لبلادنا”، مضيفا أن “للسينما دورا حيويا في التوعية والتثقيف، إذ تعكس قضايا عديدة نعيشها يوميا في مجتمعاتنا، كما تُعد وسيلة لنقل القيم الحضارية والإنسانية”.
ويتابع “يرى الاتحاد أن السينما في بلادنا ما تزال مدعوة للتفاعل مع قضايانا اليومية وتاريخنا لتعزيز هويتنا وتقدير ثقافتنا وانتمائنا المغربي، حيث أن الصورة السينمائية أمر أساسي لنشر تأثيرنا والترويج لقيمنا المغربية وفهم كل ما يجري من حولنا، ونظل نحتاج إلى صناعة سينمائية قوية لتعزيز هذا الوعي بأصالتنا”.
ويبين أن هناك خططا واضحة لتوسيع نطاق المهرجانات السينمائية في المغرب وتطوير مشاريع جديدة لدعم الصناعة السينمائية، قائلا “نحن مازلنا في مرحلة البدايات، ولكن طموحاتنا كبيرة. ندرك تماما أهمية السينما ودورها الثقافي والاقتصادي والفني، كما أنها مجال حيوي لخلق فرص عمل”.
ويضيف بحكاني “يمكن للجمهور المهتم بالسينما المشاركة والاستفادة من فعاليات السينما في المغرب، فهو النجم الأول في تقديرنا. دون جمهور، لا يمكن للمهرجانات أن تزدهي. يجب تفعيل دور التواصل لجذب الجمهور إلى المهرجانات، حيث يعاني بعضها من نقص في الجمهور وبعضها الآخر من وفرة. المهرجانات مجال مفتوح للجمهور الذي يتوقع الجودة والاحترافية”.
أخيرا، يوجه بحكاني رسالة خاصة للشباب المهتمين بمجال السينما في المغرب حول أهمية المساهمة في تطوير هذا القطاع الفني الهام اليوم، قائلا “لنتحد جميعا لبناء ثقافة سينمائية جادة تعزز روح المجتمع المغربي وتعزز الوعي الوطني. لنقدم أعمالا تعكس الثقافة المحلية وتلتقي مع القيم الإنسانية العالمية لتحقيق تواصل فني إبداعي يلمس القلوب والعقول”.