ديمستورا يناقش في الرباط تطورات ملف الصحراء المغربية

الرباط - يعود المبعوث الأممي للصحراء المغربية ستافان ديمستورا إلى المغرب في زيارة خاصة إلى الأقاليم الجنوبية، بعدما أكد المتحدث باسم الأمم المتحدة الجمعة ستيفان دوجاريك أن ديمستورا يعتزم مقابلة “جميع أصحاب المصلحة في المنطقة في الأيام المقبلة”.
وكان ديمستورا قد بدأ مهامه رسميا من مكتبه في بروكسل مطلع نوفمبر الماضي، وأطلق أول جولة زار خلالها المغرب وموريتانيا وتندوف في الجزائر، حيث التقى مسؤولين من جبهة بوليساريو الانفصالية.
وأكد صبري الحو، الخبير في القانون الدولي ونزاع الصحراء والهجرة، أن المجتمع الدولي قد يكون مستعدا لإعلان الحل الأخير بسيادة المغرب على الإقليم، ولهذا تأتي زيارة ديمستورا لمعاينة التطورات الميدانية على كافة الأصعدة التنموية والأمنية، إلى جانب لقاء ممثلي سكان الأقاليم الجنوبية.

صبري الحو: زيارة ديمستورا إلى المغرب تؤسس لمنعطف جديد
وشدد الحو في تصريح لـ”العرب” أن الزيارة تتجاوز مجرد الإعداد لتقرير أكتوبر المقبل، وتتجاوز الإعداد لمناقشات المائدة المستديرة، بل تأتي في إطار مغاير، وتؤسس لمنعطف جديد هو تأكيد حل يستند على التاريخ والقانون وله مرجعية قضائية، ويتماشى مع الإرادة الدولية المجسدة على أرض الواقع والمتطابقة مع مبادرة المغرب بالحكم الذاتي.
وبخصوص إعادة إطلاق طاولات مستديرة مماثلة لتلك التي نظمها المبعوث الأممي السابق هورست كولر عام 2019 قبل استقالته، اكتنف الغموض إجابة المتحدث باسم الأمم المتحدة، مكتفيا بالقول إن “ما يبحث عنه هو كيف يمكننا دفع الحوار قدما في سياق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.
ومن المتوقع أن تكون النقاط الرئيسية في أجندة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، البدء من حيث انتهى المبعوث الأممي السابق كولر، أي استئناف الموائد المستديرة، رغم رفض الجزائر المشاركة في هذه الصيغة التي تتبناها الأمم المتحدة وصادق عليها مجلس الأمن في قراره الأخير عدد 2601.
وتأتي زيارة ديمستورا إلى المغرب ضمن سياق مرتبط بملف الصحراء، حيث حقق المغرب إنجازات مهمة، فيما تدعم الولايات المتحدة وألمانيا وإسبانيا مقترح الحكم الذاتي، ما يشكل أرضية إضافية ستساعد مهمة المبعوث الأممي للتحرك عكس المبعوثين السابقين.
وبخصوص جدول زيارة ديمستورا، بدا دوجاريك أكثر حذرا وهو يرد على سؤال صحافي بخصوص إمكانية زيارة المبعوث الأممي لنواكشوط والجزائر، على غرار الزيارة الأولى التي كانت استكشافية، مؤكدا أنه سيعلن عن معلومات أخرى إذا توافرت مع تقدم الرحلة.
وعلّق الحو على ذلك بالقول إن “الأهم هو أن قناعة أممية ودولية حصلت، ويجب العمل على تنفيذها، فالجزائر وموريتانيا وبغض النظر عن الصفة والمصلحة في حضورهما كطرفين في النزاع، فإن التطورات التي حصلت قلصت حضورهما وأفرغته من محتواه ومضمونه”.
وربطت الجزائر دعم جهود المبعوث الأممي بـ”السعي إلى إطلاق مفاوضات مباشرة بين المغرب وجبهة بوليساريو”، انطلاقا من أنها تعتبر نفسها غير معنية بهذا الصراع، وهو الأمر الذي يرفضه المغرب الذي يدعو في المقابل إلى مفاوضات مباشرة مع الجزائر.
كما أن جبهة بوليساريو أعربت بدورها على غرار حاضنتها الجزائر، عن رفض المشاركة في “الموائد المستديرة”، وطالبت بـ”مفاوضات مباشرة مع المغرب”، وهو ما ترفضه الرباط بشكل قاطع.
جبهة بوليساريو ترفض المشاركة في "الموائد المستديرة"، وتطالب بـ"مفاوضات مباشرة مع المغرب" وهو ما ترفضه الرباط
وربط الحو مستوى حضور الجزائر بالتزاماتها بتطبيق قواعد القانون الدولي الخاصة باللجوء، عبر التقيّد بالقانون الدولي بتفكيك المخيمات وتطبيق الحلول الدائمة الخاصة باللجوء من خلال السماح لمن أراد من سكان تندوف ومن اللاجئين بالعودة إلى المغرب والإقليم، أو الاندماج في النسيج الوطني والاجتماعي الجزائري.
وأعلن المغرب التزامه باستئناف العملية السياسية المتعلقة بإقليم الصحراء على أساس المبادرة المغربية للحكم الذاتي، تحت الرعاية الحصرية لهيئة الأمم المتحدة وفي إطار الموائد المستديرة بحضور الأطراف الأربعة (المغرب، الجزائر، موريتانيا، بوليساريو).
ولفت الحو إلى أن الأمم المتحدة والمغرب خاصة يدفعان في اتجاه ضرورة تجاوز التعنت الجزائري لإيجاد حل، وأنها لا يجب أن ترهن الجميع إلى ما لا نهاية لعلاقة النزاع بالتنمية الجهوية وبالأمن والاستقرار الإقليمي.
وكان مجلس الأمن قد دعا في قراره 2602 إلى استئناف المباحثات “دون شروط مسبقة وبحسن نية”، بمشاركة الجزائر والمغرب وموريتانيا وبوليساريو، بهدف الوصول إلى حلّ سياسي عادل ودائم ومقبول من الأطراف.
وخلال آخر جلسة لمجلس الأمن تم تقديم إحاطة من المبعوث الأممي ديمستورا كشف فيها أنه مدعوم بشكل كبير من الدول الأعضاء للعودة إلى المسار السياسي.