دون جوان جديد كما يراه بيتر هاندكه

دمشق – صدرت عن داري نشر “سرد” و”ممدوح عدوان”، الترجمة العربية لرواية “دون جوان يحكي عن نفسه”، للروائي والكاتب النمساوي بيتر هاندكه. ونقلها من الألمانية إلى العربية المترجم المصري سمير جريس.

وفي هذه الرواية، يستعيد هاندكه شخصية دون جوان الأسطورية، ويقدمها بطريقة مغايرة لما اعتدنا عليه في مسرحيات وروايات وقصائد وأعمال أوبرالية عالمية لكتاب وشعراء وفنانين معروفين أمثال تيرسو دي مولينا، وموليير، وألكسندر بوشكين، اللورد بايرن، وبرتولد برشت، وماكس فريش، وموتسارت، وغيرهم من المبدعين الذين قدموه عاشقا ماجنا يغوي النساء ثم يولي الأدبار.

دون جوان شخصية أسطورية تحتل المخيلة الغربية منذ القرن السابع عشر، بداية من حكايات شفهية متداولة، حتى صياغتها أدبيا في نصوص عديدة، وينسب الكثيرون هذه الشخصية إلى الكاتب الإسباني تيرسو دي مولينا الذي ذكرها في مسرحية له عام 1630 بعنوان «ضيف من حجر»، وقد جعل من الرجل رمزا للفساد والإغواء.

أما هاندكه، فيكاد يجرد دون جوان من الرغبات الجسدية، ويقدمه مطاردا يتنقل بين البلدان، لكنه يبحث دائما عن “الوصال والتواصل”، ولعل هاندكه يقترب كثيرا من رؤية الكاتب التشيكي جوزيف تومان، الذي قدم دون جوان بطلا تراجيديا، وأسقط عنه نزعته الحسية الشهوانية.

وكتب الناقد محمد عبدالرحيم أن الراوي في عمل هاندكه موزع “بين رجل مطارد وآخر وحيد وحدة اختيارية أو قدرية، يتوارى خلف شخصية دون جوان ـ يسرد ما يسمعه ـ إلا أن الصوت هنا هو صوت الراوي، صاحب الحديقة والمطعم في الدير، هذا الرجل الذي مل قراءة نصوص الأدب العالمي، يتخذ أخيرا صوت السارد ليحكي عن حقيقة دون جوان، راسما صورة أخرى غير المعهودة في الأعمال الأدبية”.

وأثارت كتب هاندكه من اللغط في الأوساط الثقافية والفكرية، بسبب مساندته الصرب في حرب البلقان، ومعارضته لتدخل الناتو، وانشقاقه عن الكنيسة الكاثوليكية، وإعادته “جائزة بوشنر” لمانحيها الألمان، الأمر الذي دفعه إلى الانزواء في بيته الباريسي بعيدا عن وسائل الإعلام التي تضعه في دائرة الحرج والارتباك.