دول الجنوب تغادر كوب 29 بحفنة دولارات
حتى لو صدقت الدول الموقعة على اتفاق كوب 29 ودفعت حصتها من مبلغ 300 مليار دولار سنويا، لن يكفي هذا الرقم لإنقاذ العالم. هو رقم تافه بكل المعايير. ومن حق الهند أن تعبّر عن غضبها منه، ويجد فيه آخرون إهانة للدول النامية والفقيرة.
الأمين التنفيذي للمؤتمر سيمون ستيل رأى في المبلغ المتفق عليه بوليصة تأمين للإنسانية، في ظل التأثيرات المناخية المتفاقمة التي تضرب كل دولة، ما من شأنه أن يحافظ على نمو طفرة الطاقة النظيفة ويحمي المليارات من الأرواح، وسيساعد جميع البلدان على مشاركة الفوائد الهائلة المترتبة على العمل المناخي الجريء؛ بالمزيد من الوظائف والنمو الأقوى والطاقة الأرخص والأنظف.
بما أنه اختار التعليق وإبداء الرأي، أفضل ما يمكن للسيد ستيل هو أن يقدم استقالته، فالكلام الذي صرح به إن لم يصدر عن جهل فهو إساءة للدول الفقيرة.
◄ الخسائر العالمية الناتجة عن التغيرات المناخية تقدر بحوالي 451 مليار دولار سنويا في السنوات الأخيرة. هذه الخسائر تشمل الأضرار الناتجة عن الكوارث الطبيعية
وكالة رويترز سبقت إلى نشر تقرير تحت عنوان “نظرة فاحصة – كوب 29.. ما القيمة التي تشكلها تعهدات بقيمة 300 مليار دولار؟” بينما كنت أعد شيئا شبيها، لأكتفي باستعمال بعض الأرقام التي أوردتها الوكالة.
وفق معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، أنفقت الحكومات حول العالم على القطاع العسكري في 2023 مبلغ 6.7 مليار دولار يوميا. وبحساب بسيط نجد أن تمويل مكافحة تغير المناخ السنوي الذي أقرته كوب 29 (300 مليار دولار سنويا) يعادل 45 يوما من الإنفاق العسكري عالميا.
وهو بسعر النفط الخام حاليا لا يتجاوز ثمن ما يستخدمه العالم من نفط في 40 يوما. والأرقام احتسبتها رويترز بناءً على الطلب العالمي على النفط الخام بحوالي 100 مليون برميل يوميا وأسعار خام برنت في نهاية نوفمبر – تشرين الثاني.
عندما تجري المقارنات، يحضر دائما إيلون ماسك؛ وفقا لمجلة فوربس، بلغت القيمة الصافية لثروة إيلون ماسك 321.7 مليار دولار في أواخر نوفمبر – تشرين الثاني.
الجيد أيضا أن نذكّر العالم بحجم الخسائر التي تتسبب بها الأعاصير سنويا ليس فقط في الدول النامية والفقيرة بل حتى تلك التي تلحقها بأكبر اقتصاد في العالم.
تسبب الإعصار كاترينا، أحد أكثر الأعاصير تدميرا وفتكا في تاريخ الولايات المتحدة، في أضرار قدرت قيمتها بنحو 200 مليار دولار في 2005.
ووفقا لتقديرات “أكيو ويذر”، يمكن أن تصل قيمة الخسائر الاقتصادية للإعصار هيلين، الذي ضرب بقوة إضافية بسبب تغير المناخ هذا العام، إلى 250 مليار دولار في الولايات المتحدة.
وحسب تقديرات أولية لوكالة “مورنينغ ستار دي.بي.آر.أس” للتصنيفات الائتمانية، كلف الإعصار ميلتون الذي ضرب ولاية فلوريدا في الولايات المتحدة، والذي زادت حرارة المحيط أيضا من قوته، المؤمن عليهم وغير المؤمن عليهم ما يقرب من 100 مليار دولار.
إنقاذ اليونان من الإفلاس كلف دول منطقة اليورو 271 مليار دولار.
◄ الحكومات حول العالم أنفقت على القطاع العسكري في 2023 مبلغ 6.7 مليار دولار يوميا. وبحساب بسيط نجد أن تمويل مكافحة تغير المناخ السنوي الذي أقرته كوب 29 يعادل 45 يوما من الإنفاق العسكري عالميا
من بين المقارنات، ذكرت رويترز ما قالته شركة “باين أند كومباني” من أن قيمة سوق السلع الفاخرة العالمية تقدر بنحو 378 مليار دولار عام 2024.
هناك مقارنات أخرى ذكرتها الوكالة، لكن ما لم تذكره أكثر.
الخسائر العالمية الناتجة عن التغيرات المناخية تقدر بحوالي 451 مليار دولار سنويا في السنوات الأخيرة. هذه الخسائر تشمل الأضرار الناتجة عن الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير والفيضانات وحرائق الغابات، والتي تتزايد بشكل ملحوظ بسبب التغيرات المناخية.
الفقراء كان عليهم أيضا أن يتحملوا أخطاء الاقتصاديات الكبرى في كلفة قفة الغذاء اليومية. كان التغير المناخي عاملا أساسيا في ارتفاع أسعار المواد الغذائية، حيث أدى ارتفاع درجات الحرارة والجفاف والفيضانات إلى انخفاض إنتاجية المحاصيل الزراعية وتراجع المراعي. ووفقا لدراسات كثيرة، علينا أن نتوقع أن يؤدي الاحترار المناخي إلى زيادة أكبر في أسعار المواد الغذائية في السنوات المقبلة، مع العلم أن دول الجنوب ستدفع الثمن الأكبر.
أليس من حق دول الجنوب بعد أن خرجت بحفنة دولارات أن ترى في النتيجة التي تفتق عنها مؤتمر كوب 29 إهانة؟
لماذا عندما يتعلق الأمر بدول الجنوب يصعب على الدول الثرية مد يدها داخل جيبها، رغم أنها هي من تسببت بإفقار شعوب المنطقة؟
