دمشق تقيم المهرجان الأول للملحنين السوريين

تحت شعار “رحلوا بالجسد، وبقي نبضهم مخزونا في موسيقاهم، لأنهم سوريون، ولأن موسيقاهم تشبه حياتنا.. نستذكرهم”، أطلقت في دمشق أعمال الدورة الأولى من مهرجان الملحنين السوريين الأول، الذي بدأ في الـ11 سبتمبر الجاري لينتهي في الـ18 منه، مقدّما قطعا موسيقية نادرة لأسماء فنية سامقة لفها النسيان.
الجمعة 2017/09/15
قديم لا يموت

دمشق - تحفل الحياة الموسيقية السورية خصوصا والعربية عموما بأسماء العديد من الملحنين السوريين الذين كانت لهم أدوار هامة في تاريخ الموسيقى المحلية والعربية على حد سواء، فمن لا يعرف الموسيقي السوري الأشهر أحمد أبوخليل القباني الذي أسس لفن المسرح الغنائي في سوريا ومصر والعالم العربي، ومن أشهر ألحانه “يا مال الشام” و”يا طيرة طيري يا حمامة”، ومن لا يعرف الموسيقي والعازف والمطرب الراحل فريد الأطرش وألحانه الخالدة “أضنيتني بالهجر” و”فوق غصنك يا لمونة”، ولغيره “عالله” لوديع الصافي و”يا دلع” لصباح.

وكذلك الفنان الشهير محمد محسن صاحب لحن “مظلومة يا ناس” لسعاد محمد و”سيد الهوى قمري” لفيروز، وكذلك محمد عبدالكريم، أمير البزق، صاحب الأغنية الشهيرة لنجاح سلام “رقة حسنك”، وعبدالغني الشيخ وأغنيته الشهيرة “ميل يا غزيل” وغيرهم الكثير ممن كان لهم دور في التلحين أو حفظ التراث الموسيقي العربي، خاصة في مصر، وما قام به كميل شمبير من تدوين ألحان الفنان العبقري سيد درويش.

معرض آلات موسيقية

تواصلا مع ما تركه عظماء الأغنية والتلحين العربي عامة والسوري خاصة أطلقت في دمشق أعمال الدورة الأولى من مهرجان الملحنين السوريين الأول، الذي ينتهي في الـ18 من سبتمبر الجاري.

أوركسترا ندى قدمت مقطوعات موسيقية مر على تأليف بعضها ما يزيد عن المئة عام لملحنين غير مشهورين إلا لماما

والمهرجان الذي جاء تحت شعار “رحلوا بالجسد، وبقي نبضهم مخزونا في موسيقاهم، لأنهم سوريون، ولأن موسيقاهم تشبه حياتنا.. نستذكرهم”، يهدف كما قال منظموه إلى استذكار أعمال هؤلاء المؤسسين الذين قدموا جهدا كبيرا في الموسيقى السورية والعربية على حد سواء، وكان لهم رصيدهم في وجدان المواطن العربي. وقبل الدخول إلى قاعة العرض الموسيقي، أعد منظمو المهرجان حيزا خاصا، عرض فيه العديد من الآلات الموسيقية الشرقية التقليدية (عود، قانون، بزق)، وقدم فيه العديد من صنّاع العود في دمشق بعضا من صناعاتهم الجديدة، وكذلك بعض النماذج من آلات قديمة.

والهدف من هذا المعرض، كما صرّح عيسى عوض المشرف عليه، هو “التأكيد على الحرفية الكبيرة والمتأصلة التي يمتلكها المصنع السوري للعود، فهذه المهنة متجذرة في صميم المجتمع السوري عموما، وصنّاع العود في دمشق يتميزون بمهارات خاصة، تجعلهم في مصاف الكبار، لذلك عرضنا آلات عمرها ما يزيد عن المئة وعشرين عاما”.

ويضيف عوض “طبعا هذه الصناعة تطورت كثيرا من حيث استخدام تقنيات العصر الحديثة التي اختصرت الزمن كثيرا، لكن الطرق التقليدية ما زالت هي المتبعة وبنفس المنهجية الأصيلة التي كنا نعمل بها والتي تعلمناها من آبائنا”.

نظم المهرجان ثلاث حفلات موسيقية، قدمت على امتداد أيامه، وكانت الأولى موعد الافتتاح الـ11 من سبتمبر الجاري، حيث قدمت أوركسترا ندى، بقيادة المايسترو حسام الدين بريمو، مجموعة من الألحان السورية القديمة التي وضعها ملحنون غير مشهورين، لكنهم قدموا أعمالا موسيقية كبيرة وخالدة، فقدمت أعمالا لمحمود العجان، حسان سكاف، محمد رجب، محمد عبدالكريم، صبحي سعيد، أحمد الأوبري، كميل شمبير، عبدالرحمن جبقجي وتوفيق الصباغ، ومن المشهورين فريد الأطرش.

معرض للعديد من الآلات الموسيقية الشرقية التقليدية

أوركسترا ندى

عن تقديم هذه المقطوعات الموسيقية التي مر على تأليف بعضها ما يزيد عن المئة عام يقول المايسترو حسام الدين بريمو “كان الهدف إحياء هذه الألحان مجددا ونبشها من النسيان، بعضها ألف في عصر يختلف عن عصرنا الحالي من حيث التوزيع الموسيقي وفنونه، فقمنا مع معدي هذه الألحان بما افترضنا أنه سيكون حالة انسجام أفضل بين تلك الموسيقى القديمة وجمهورنا اليوم”.

ويضيف بريمو “المهرجان فرصة جيدة لكي نعيد ألق تلك الأسماء الكبيرة التي تعلمنا منها فنا نبيلا وكبيرا، وهذا هو الواجب والهدف الأبعد من هكذا مهرجانات، وسوف نتابع تقديم هذه الأعمال مهما كانت النتائج متواضعة في البداية، لأن الهدف كبير ونبيل ويستحق منا بذل كل الجهد الصادق في مسعى النجاح في الوصول إليه”.

وعن البعض من المصاعب في العمل التي واجهت ترتيبات الحفل يضيف المايسترو السوري “لا بد من بعض المتاعب، واجهتنا في بعض المؤلفات مشكلة هامة، وهذا ما حدث مثلا بلحن ‘رقص الهوانم’ لكميل شمبير، الذي كان بين أيدينا النص الأصلي للمقطوعة كما ألفها صاحبها، وهو الذي يختلف قليلا عن اللحن الشهير الجميل والمتداول على آلة العود، والمستخدم كثيرا في البعض من الأعمال الفنية والراسخ في ذهن الناس، هنا اخترنا أن نقدم النص الأصلي كحالة توثيقية لقطعة موسيقية، ولكي نحافظ على رأي المؤلف في تلحين مقطوعته، فهنا فرضت الحالة العلمية والتوثيقية نفسها فذهبنا بها لآخر مداها”.

يذكر أن المهرجان نظم إلى جانب الحفل الأول، حفلين آخرين، حيث قدمت فرقة الموشحات والموسيقى العربية بقيادة صلاح عربي القباني في الحفل الثاني أعمالا لأبي خليل القباني تضمن بعضا من أهم موشحاته منها “يا من لعبت به الشمول”، وموشح “يا غصن نقى” وغيرهما، كما قدمت جوقة شام في آخر الحفلات أعمالا لموسيقيين سوريين من العصر الحالي منهم سهيل عرفة وعبدالفتاح سكر وسليم سروة وآخرون.

16