دعوات في ليبيا للتظاهر ضد تصريحات الدبيبة ومؤتمر برلين 3

تعددت الدعوات المطالبة بالاحتجاج في الشارع الليبي اليوم الجمعة، وسط غموض سياسي في العاصمة طرابلس. فبينما دعت دار الإفتاء إلى التظاهر ضد مؤتمر برلين 3، تعالت الأصوات الشعبية الرافضة لبقاء حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة.
ارتفعت أصوات المنادين بالخروج اليوم إلى شوارع العاصمة الليبية طرابلس للاحتجاج، بينما دعا رئيس دار الافتاء صادق الغرياني أنصاره للتظاهر إثر صلاة الجمعة ضد مؤتمر برلين 3 الذي ستحتضنه العاصمة الألمانية. كما دعت فعاليات شعبية واجتماعية إلى الخروج في مظاهرات حاشدة تنادي بالإطاحة بحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها وذلك للاحتجاج على تصريحات رئيسها عبد الحميد الدبيبة خلال اجتماع أمني موسع انعقد الأربعاء بوزارة الداخلية في طرابلس، عندما أكد أن “المكان لا يتسع لاثنين ولا بد من الاحتكاك.”
وأعرب حراك طرابلس والمنطقة الغربية عن رفضه القاطع لتصريحات الدبيبة، وقال إنه تفاجأ بما وصفه بـ”تصريحات غير مسؤولة” ألمح فيها صاحبها إلى أن “طرابلس لا تتسع إلا له.” وأن “الاحتكاك أو الحرب لا بد منها.” معتبرًا أن هذه التصريحات تمثل تهديدا مباشرا لأمن العاصمة وسكانها، وتكشف عن “نزعة استبدادية خطيرة.”
وأشار البيان إلى أن ما حدث ليل الأربعاء – الخميس من قمع للجماهير الرياضية وسقوط قتلى وجرحى، يعكس خطورة الخطاب السياسي الحالي، ويؤكد الحاجة إلى التهدئة لا التصعيد.
وأكد الحراك أن طرابلس ليست ملجأ لأحد، ولن تكون ساحة لحرب جديدة، مشددا على أن أي محاولة لجر العاصمة إلى العنف ستواجه بـجدار سلمي، وأن أبناء المدينة سيقفون صفا واحدا دفاعا عنه، معتبرا أن مثل هذه التصريحات لا تصدر إلا عمن “ضاق صدره بالتغيير ويرى في الكرسي غاية لا وسيلة،” داعيًا إلى رفض خطاب الفتنة والتمسك بالمسار السلمي.
من جانبه، أعلن حراك سوق الجمعة عن تنظيم مظاهرة شعبية واسعة اليوم الجمعة، للمطالبة بإسقاط حكومة الوحدة الوطنية، متهمًا إياها بالفساد والتفريط في دماء الليبيين.
وقال إن “الوقت قد حان لرفع الصوت بلا تردد،” مؤكدًا رفض الحراك لما وصفه بحكومة الدم والعار التي “كمّمت الأفواه، وتغوّلت على الحقوق، وأغرقت الوطن في الأزمات،” وفق نص البيان الصادر عنه.
وأضاف الحراك أن الحكومة الحالية “ليست حكومة شعب، بل عصابة تبيع الوطن وتنهب مقدراته،” مشددًا على أن المطلب واضح وصريح: إسقاط حكومة التطبيع والفساد فورًا.
في المقابل، دعا رئيس دار الافتاء التابعة لحكومة الدبيبة الصادق الغرياني، الليبيين إلى الخروج في مظاهرات شعبية، رفضا لمؤتمر برلين، واصفًا إياه بـ”المؤامرة الصهيونية الخبيثة.”
وقال في برنامجه الأسبوعي على قناة “التناصح”، التي تبث برامجها من تركيا إن “الشعب الليبي لا يجوز له البقاء في البيوت والتفرج على من يذبحون أبناءه ويسلبون إرادته،” معتبرًا أن ما تحقق من تضحيات قد يضيع هباءً بسبب ما وصفه بـ”الاجتماعات الدولية المُخترعة.”
وأضاف الغرياني، أن مؤتمر برلين ليس إلا امتدادًا لمخرجات اتفاق الصخيرات، الذي حمّله مسؤولية ما وصفه بـالانتهاكات والاحتلال، مشيرًا إلى أن الدول الغربية، بما فيها الولايات المتحدة وروسيا، “متفقة على استمرار معاناة الليبيين.”
واتهم الغرياني أطرافًا داخلية، من بينها القائد العام للجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر ورئيس البرلمان عقيلة صالح، بـجلب الغزو الروسي إلى البلاد، مؤكدًا أن “التحالفات لم تعد تخفي نفسها، وأن ما سينتج عن برلين هو إعادة تدوير نفس الشخصيات في حكومات انتقالية جديدة.”
وفي سياق متصل، أصدر نادي اتحاد طرابلس، بيانًا رسميًا أعرب فيه عن استنكاره الشديد للأحداث المؤسفة التي رافقت مباراة فريقه الأول لكرة القدم أمام غريمه التقليدي، والتي أقيمت الأربعاء، وأكد رفضه القاطع لما وصفها بـ”الأفعال المسيئة”، في إشارة إلى الاعتداء الذي تعرضت له بعثة الفريق الأول، بالإضافة إلى قيام مجهولين بإحراق حافلة النادي، معتبرًا أن هذه التصرفات “تسيء للرياضة وأخلاقياتها وتخرج عن إطار التنافس الشريف.”
ودعا نادي الاتحاد جماهيره إلى ضرورة التحلي بروح المسؤولية وسمو الأخلاق، والابتعاد عن أي ردود أفعال قد تزيد من حدة التوتر، وقال إن التهدئة هي السبيل الأمثل لتجاوز مثل هذه الحوادث، داعيا النائب العام، إضافة إلى رئيس وأعضاء مجلس إدارة الاتحاد الليبي لكرة القدم، إلى ضرورة فتح تحقيق عاجل وشامل، ومعاقبة كل من يثبت تورطه في هذه الأعمال.
وأصدر النادي الأهلي طرابلس بيانا، أعرب فيه عن إدانته الشديدة لاستخدام القوة المفرطة والرصاص الحي ضد جماهيره خلال وبعد المباراة التي أقيمت داخل مقر النادي، ما أدى إلى إصابة عدد من المشجعين بجروح متفاوتة، وأن “السلوك الاستفزازي وغير الرياضي من أحد لاعبي الفريق الخصم كان الشرارة الأولى لسلسلة الأحداث المؤسفة،” مشيراً إلى أن التصعيد بلغ حد استخدام القوة من قبل جهات أمنية دون مبرر واضح.
وطالب النادي بفتح تحقيق عاجل وشامل تحت إشراف النيابة العامة لتحديد المسؤوليات من داخل الملعب وحتى محيط النادي، واتخاذ إجراءات قانونية صارمة بحق جميع المتورطين، بغض النظر عن مواقعهم أو صفاتهم.
وأكد أهلي طرابلس أنه سيتخذ كافة الإجراءات القانونية لضمان محاسبة المتورطين، وختم بيانه بالتشديد على أن “حق جماهيره لن يضيع، وأن النادي لن يرضى إلا بتحقيق العدالة.”
وكانت المباراة بين الأهلي طرابلس والاتحاد في الدوري الليبي الممتاز لكرة القدم توقفت، في الدقيقة 39 بعد أن اقتحم المشجعون أرضية الملعب اعتراضا على احتفال لاعبي الاتحاد بتسجيل الهدف الأول، وترتب عن ذلك اشتعال حافلة وإصابة الحكم البرتغالي وعدد من المشجعين.
في الأثناء، أكد الدبيبة، أن المظاهرات الأخيرة مرّت دون تسجيل أي انتهاكات أو اعتقالات، مشيدًا بتحمّل وزارة الداخلية لمسؤولياتها الكاملة، ما يعكس ما وصفه بـ”النضج الأمني” الذي بلغته الوزارة، واحترامها لحرية التعبير لدى المواطنين.
الدبيبة يؤكد أن المظاهرات الأخيرة مرّت دون تسجيل أي انتهاكات أو اعتقالات، مشيدًا بتحمّل وزارة الداخلية لمسؤولياتها الكاملة، ما يعكس ما وصفه بـ"النضج الأمني" الذي بلغته الوزارة
وخلال اجتماع موسّع بمقر وزارة الداخلية، شدد الدبيبة على ضرورة التعاون الوثيق بين وزارة الداخلية ووزارة الدفاع وجهاز الأمن الداخلي، بما يضمن تطبيق القانون على الجميع دون استثناء، مشيرا إلى أن أوامر القبض والتوقيف يجب أن تصدر حصريًا عن وزارة الداخلية، وليس من قبل أي مجموعات مسلّحة أو جهات خارجة عن القانون، مؤكدًا أن الحكومة لن تسمح بوجود سجون خارج سيطرة الدولة.
وقال الدبيبة: “انتهى عصر الشيخ والحاج في أجهزتنا الأمنية والعسكرية،” مشددا على أن وزارتي الداخلية والدفاع أصبحتا اليوم في موقع يؤهلهما لتأسيس مؤسسات الدولة على أسس نظامية، داعيا مديرية أمن طرابلس الى تقديم نموذج أمني يشمل كل البلديات والأحياء، مشيدا بالتزامها في تأمين المظاهرات وضبط النفس، معتبرا ذلك علامة نضج أمني.
وأصدر المجلس الرئاسي، بصفته القائد الأعلى للجيش، قرارا بترقية آمر المنطقة العسكرية الغربية، اللواء أسامة الجويلي، وأعضاء اللجنة العسكرية المشتركة “5+5” عن المنطقة الغربية إلى الرتبة التي تليهم.
وشمل القرار، إلى جانب اللواء أسامة الجويلي، أعضاء اللجنة العسكرية عن المنطقة الغربية: اللواء أحمد علي عمران بوشحمة، واللواء المختار ميلاد محمد النقاصة، واللواء ركن الفيتوري خليفة صالح غريبيل، واللواء مصطفى علي محمد يحيى، واللواء رضوان إبراهيم محمد الغراري.
ويرى مراقبون، أن الأجواء العامة في طرابلس تتسم بالغموض السياسي والاحتقان الاجتماعي، وأن هناك مخاوف جديدة من اشتغال المواجهات بين القوى المتصارعة على السلطة والنفوذ، لاسيما مع إصرار الدبيبة على التمسك بمقاليد الحكم، ورفضه أية مبادرة لحلحلة الأزمة قد تفرض عيه التنازل عن منصبه الحالي.