دعوات إلى تمكين المرأة الليبية من حقوقها السياسية بدءا من الانتخابات البلدية

تزايدت الأصوات الداعية إلى تمكين نساء ليبيا من حقوقهن السياسية والاجتماعية ومنحهن ما يحتجن إليه من دعم ومساندة لتحقيق تطلعاتهن في المساهمة الجادة والواسعة في إدارة الشأن العام بدءا من الانتخابات البلدية في جولتها الثانية المنتظر تنظيمها في أبريل القادم. وجددت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا دعمها لتعزيز حقوق المرأة الليبية وتأييد مشاركتها الفعالة والآمنة على جميع مستويات المجتمع وإعلاء مطالبها للحماية والمشاركة.
وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة حنّا تيتيه في بيان بمناسبة اليوم الدولي للمرأة، إن “النساء في ليبيا وخاصة أولئك المنخرطات في المجال العام والمجالات السياسية، يواجهن تحديات كبيرة، حيث تستمر العوائق المنهجية والتمييز والعنف في الوقوف بينهن وبين مشاركتهن الكاملة والهادفة”.
وأكدت المبعوثة الأممية أن عدم وجود تشريعات شاملة تحمي حقوق المرأة يؤدي إلى تفاقم هذه التحديات، ويمنع المجتمع من الاستفادة من مساهماتهن القيمة بما هو أبعد من دورهن في رعاية ودعم أسرهن على أهميته، مشيرة إلى أن المشاركة الفاعلة للمرأة في العمل السياسي يعد أمرا بالغ الأهمية لتعزيز الحكم الشامل والتمثيلي.
ودعت البعثة الأممية في ليبيا عبر البيان جميع الأطراف الليبية المعنية إلى اتخاذ إجراءات حاسمة للنهوض بوضع النساء والفتيات، وضمان حقوقهن ومنحهن فرصا متساوية للمساهمة في جميع مجالات الاقتصاد وإحداث فرق إيجابي. وكانت ليبيا شهدت في العام 2024 انتخاب الدكتورة الزائرة الفيتوري عميدة لبلدية زلطن، غربي البلاد، في لحظة وصفتها الأوساط الاجتماعية المحلية بأنها غير مسبوقة في تاريخ ليبيا الحديث. ودعت الفيتوري المرأة الليبية إلى التمسك بصوتها وانتزاع كافة حقوقها، لافتة إلى أن المرأة الليبية صانعة للأجيال والأمجاد وتستطيع تسيير أي مؤسسة مهما كان حجمها وثقلها.
بدورها، أكدت وحدة دعم المرأة بالمفوضية الوطنية العليا للانتخابات على استمرار دعمها لجميع النساء الليبيات من أجل نيل حقوقهن في المشاركة الانتخابية ترشحا وانتخابا، وترسيخ ثقافة المشاركة الفاعلة للمضي قدما نحو دولة الديمقراطية والبناء والاستقرار. ودعت الوحدة المرأة الليبية إلى المشاركة في انتخابات المجالس البلدية في البلديات المستهدفة حاليا، وتثمن عاليا إقبالها على المشاركة خلال الانتخابات السابقة كإيمان حقيقي بدورها في المجتمع وبمقدرتها على العطاء.
◙ العقلية الذكورية لا تزال تهيمن على المشهد السياسي في ليبيا، وخاصة مع اتساع دائرة تأثير الجماعات السلفية في المنطقة الشرقية وتيار الإسلام السياسي في غرب البلاد
وكانت الأمم المتحدة اعتبرت أن الانتخابات البلدية في ليبيا تشكل علامة فارقة في مشاركة المرأة السياسية، مع زيادة كبيرة في عدد النساء المرشحات المحتملات وزيادة الاهتمام في جميع أنحاء البلاد، من خلال المشاركة الفعالة في العملية الديمقراطية. وقالت إن النساء يسهمن في تشكيل مستقبل مجتمعاتهن والدفاع عن القضايا التي تهمهن، بينما يُعد الحكم الشامل أمرا حيويا لتحقيق التنمية المستدامة وترسيخ السلام، كما أن المشاركة الفاعلة للنساء في الحياة السياسية تعزز المؤسسات الديمقراطية وتدعم التقدم الاجتماعي.
وستشمل المرحلة الثانية 59 بلدية في مختلف مناطق البلاد من بينها طرابلس والزاوية وسرت (غرب) وبنغازي وطبرق (شرق) وسبها وغات والجفرة (جنوب)، فيما أكدت البعثة وقوف الأمم المتحدة في ليبيا على أهبة الاستعداد لدعم العمليات السياسية والانتخابية التي يقودها الليبيون ويملكون زمامها لتحقيق الشرعية والاستقرار طويل الأمد والتقدم الملموس للبلاد.
وتشكل نسبة النساء في الوقت الحالي حوالي 15 في المئة من مجلس الدولة و16.5 في المئة من مجلس النواب، على التوالي، بينما يتضمن التعديل الدستوري الثالث عشر الذي نشر إجراء مؤقتا تخصص بموجبه 20 في المئة من مقاعد مجلس النواب للنساء في الانتخابات المقبلة وكلف لجنة بتعيين مقاعد للنساء في مجلس الشيوخ.
وكانت 23 نائبة برلمانية قد أشرن في بيان لهن إلى “التوصيات والمطالبات التي نتجت عن ورشة العمل التي رعتها بعثة الأمم المتحدة للدعم لدى ليبيا بالمشاركة بين عضوات مجلس النواب ومجلس الدولة، وبعض حلقات النقاش مع مؤسسات المجتمع المدني والاتحادات النسائية على مستوى ليبيا، والتي اتفق فيها على تمثيل المرأة بنسبة لا تقل عن 30 في المئة”.
كما وجّه أكثر من 90 ناشطة وناشط بمؤسسات المجتمع المدني بالإضافة إلى أكاديميين وحقوقيين بيانا إلى لجنة “6+6” حول زيادة مشاركة المرأة في مقاعد البرلمان القادم، مشيرين إلى المعاهدات والاتفاقات الدولية التي كفلت حق المشاركة السياسية للمرأة، والعديد من القواعد والمعايير الدولية التي أولت أهمية كبيرة لتشجيع مشاركة المرأة في الفضاء العام وعملية صنع القرار.
ويرى مراقبون أن العقلية الذكورية لا تزال تهيمن على المشهد السياسي في ليبيا، وخاصة مع اتساع دائرة تأثير الجماعات السلفية في المنطقة الشرقية وتيار الإسلام السياسي في غرب البلاد والتي أصبحت جزءا غير معلن من الحكم حيث وجد الحكام الحاليون في الجماعات الدينية حليفا يقدمون له الكثير من التنازلات مقابل ما يحصلون عليه من دعم وولاء وسند سياسي واجتماعي.