دعم غربي لحملة ليبية لترحيل اللاجئين إلى رواندا

الاتحاد الأوروبي يفتتح في مدينة صبراتة مركز تدريب أساسي لحرس الحدود بهدف معالجة الهجرة غير الشرعية.
الأربعاء 2024/10/16
ليبيا تشتكي من تحمل أعباء كبيرة جراء تدفق المهاجرين غير الشرعيين

طرابلس - أعلنت وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية أنها تستعد لإطلاق حملة أمنية موسّعة، ضمن خطة لترحيل المهاجرين غير الشرعيين إلى بلدانهم أو إلى رواندا. وذلك في ظل جدل حاد حول مصير الآلاف منهم، واستعداد دول غربية لدعم طرابلس في هذا الشأن. وأوضحت وزارة الداخلية في بيان أن الحملة الأمنية ستنطلق خلال الأيام القليلة القادمة من العاصمة طرابلس لتتوسع لاحقا وتشمل المدن والمناطق كافة، وأضافت “أن هذه الخطوة تعكس إصرار الوزارة على تطبيق القانون، وضبط الأوضاع الأمنية مع التركيز على مواجهة التحديات المتعلقة بالهجرة".

وتأتي الحملة الليبية بعد تمديد رواندا ومفوضية الاتحاد الأفريقي ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، اتفاقاً لاستقبال لاجئين أفارقة عالقين في ليبيا. وأفادت الأطراف في بيان مشترك بأنه سيتم تمديد مذكرة التفاهم المبرمة في سبتمبر 2019 حتى 31 ديسمبر 2025. وقال البيان “تعيد الاتفاقية تأكيد التزام جميع الأطراف بتوفير الحماية والسعي إلى إيجاد حلول دائمة للاجئين وطالبي اللجوء الذين تم إجلاؤهم من ليبيا”.

وأوضح البيان أن أكثر من 2300 لاجئ وطالب لجوء من إريتريا والسودان وجنوب السودان والصومال وإثيوبيا ونيجيريا وتشاد والكاميرون وغينيا وكوت ديفوار ومالي تم إجلاؤهم منذ توقيع مذكرة التفاهم. وتبدي دول غربية عديدة استعدادها لمساعدة ليبيا في هذه الملف، باعتبار البلد الأفريقي إحدى بوابات الهجرة غير الشرعية الرئيسية، وقد دشن الاتحاد الأوروبي مركزا لتدريب حرس الحدود، فيما عبرت الولايات المتحدة عن استعدادها لتأمين الحدود الليبية.

وبحسب مصادر إيطالية، فإن 30147 مهاجرا وصلوا إلى بلادها من ليبيا بحلول 30 سبتمبر الماضي، وهو ما يعادل 55.94 في المئة من إجمالي الوافدين، وأضافت أن أغلب المهاجرين الذين غادروا الساحل الليبي انطلقوا من طرابلس، في حين وصل 939 مهاجرا (3.11 في المئة من المغادرين من ليبيا) إلى إيطاليا من برقة.

وقال وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية عماد الطرابلسي إن ليبيا بحكم موقعها الجغرافي كدولة عبور تتحمل أعباء كبيرة جراء تدفق المهاجرين غير الشرعيين، وهو ما يتطلب جهودا مشتركة من كافة الدول المعنية لمواجهة هذه المشكلة. وأضاف أن ليبيا تنظر إلى المهاجرين من منطلق إنساني، مؤكدا الالتزام بتقديم الدعم والرعاية وفقا للمعايير الدولية، وشدد على أهمية إيجاد حلول جذرية لملف الهجرة غير الشرعية مع ضرورة حماية حقوق المهاجرين وتحقيق الاستقرار في المنطقة، بحسب بيان وزارة الداخلية بحكومة عبدالحميد الدبيبة.

◙ ليبيا بحكم موقعها الجغرافي كدولة عبور تتحمل أعباء كبيرة جراء تدفق المهاجرين غير الشرعيين وهو ما يتطلب جهودا مشتركة لمواجهة المشكلة

وأكد على ضرورة تكثيف التعاون الدولي للحد من هذه الظاهرة التي تشكّل عبئا كبيرا على الدولة الليبية، في ظل ما تعانيه من تداعيات سلبية اقتصادية واجتماعية وأمنية. كما أبدى استعداد بلاده للتعاون الكامل مع كافة الدول والمنظمات الدولية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والتزامها باحترام مختلف المواثيق الدولية ذات العلاقة، مشدّدا على رفض ليبيا المبدئي لأن تكون منصة عبور أو فضاء للإقامة المؤقتة للمهاجرين غير النظاميين ووضع حد للتداعيات السلبية التي تؤثر على أمنها واستقرارها.

وفي الأسبوع الماضي عرض القائم بالأعمال في السفارة الأميركية لدى ليبيا جريمي برنت تقديم بلاده الدعم لإدارة وحماية الحدود ومكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا، بالإضافة إلى مساندة جهود وزارة الداخلية لتأمين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المرتقبة.

كما ناقش خلال لقاء مع الطرابلسي دعم الولايات المتحدة لجهود وزارة الداخلية في تعزيز الأمن والاستقرار والترتيبات الأمنية في العاصمة طرابلس، مؤكداً حرص بلاده على مواصلة التعاون من أجل تعزيز القدرات الأمنية وتحقيق الاستقرار في المنطقة.

وأشرف سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا نيكولا أورلاندو الثلاثاء على افتتاح مركز تدريب أساسي في مدينة صبراتة لحرس الحدود التابع لوزارة الدفاع، تنفذه المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا ومن قبل وزارة الداخلية الإيطالية، كجزء من برنامج سيبميل الممول من الاتحاد الأوروبي، وقال “يعتبر دعم ليبيا في إدارة حدودها وتنفيذ عمليات البحث والإنقاذ في الصحراء، مع احترام حقوق الإنسان، إحدى ركائز شراكتها مع الاتحاد الأوروبي”.

 وأكد أنه “بفضل الدعم الأوروبي المستمر والتدريب في مجال حقوق الإنسان الذي تقوده المنظمة الدولية للهجرة، سيستمر الضباط الليبيون المتميزون في إنقاذ الأرواح ومكافحة الاتجار بالبشر ومعالجة الهجرة غير الشرعية حيث تشتد الحاجة إليها”.

وفي الأثناء طالبت منظمة “ميديتيرانيا” الإيطالية، المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق مع وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوزي على خلفية دوره في منع وصول قوارب المهاجرين من ليبيا إلى الشواطئ الأوروبية، لاسيما بعد أن صرح بأنه تم اعتراض 16220 مهاجرا في البحر منذ شهر يناير وإعادتهم بأمان إلى ليبيا. إلا أن المنظمة اعتبرت أن إعادة هؤلاء الأفراد قسرا إلى ليبيا تعد جريمة، داعية إلى فتح تحقيق مستقل من قبل المدعين العامين في المحكمة الجنائية الدولية.

وفي آخر تقرير لها أشارت المنظمة الدولية للهجرة إلى أن عدد المهاجرين في ليبيا وصل إلى 761322 شخصا بين يونيو ويوليو 2024، موزعين على 100 بلدية، مع تركّز كبير في طرابلس (15 في المئة) ومصراتة (11 في المئة) وبنغازي (10 في المئة) والزاوية (6 في المئة). وفسرت المنظمة الدولية للهجرة ارتفاع أعداد المهاجرين في ليبيا بوصول مواطنين سودانيين فارين من الصراع في السودان، مع العلم أن 80 في المئة من المهاجرين في ليبيا يأتون من النيجر والسودان ومصر وتشاد.

وكانت حكومة الوحدة الوطنية قد أعلنت عن وجود مليونين إلى 2.5 مليون أجنبي في ليبيا، 70 إلى 80 في المئة منهم دخلوا إلى البلاد دون تأشيرات خلال الحروب والاضطرابات السابقة التي تسببت في انهيار الأجهزة الأمنية، وحينها “أصبحت الحدود متاحة للجميع من دون إجراءات.. وهم يدخلون ويستفيدون من الكهرباء والوقود المدعم”، حيث فشلت الحكومات المتعاقبة في وضع حد لتلك الظاهرة بسبب الانقسامات السياسية وضعف الأجهزة الأمنية.

4