دريد لحام وباسل الخطيب يبتعدان عن أجواء الحرب في "يومين"

العنف في الأسرة وما يحمله من خطر على الأطفال، هو الهاجس الفكري الذي يقدمه فيلم “يومين”، أحدث إنتاجات المؤسسة العامة للسينما بسوريا في ثالث تعاون يجمع بين الممثل دريد لحام والمخرج باسل الخطيب، وهو فيلم روائي طويل يتابع حكاية طفلين تعرضا لعنف من والدهما وواجها خطر التشرد، لكن خطوات القدر ترسم لهما مسارات مختلفة.
دمشق - عرضت دار الأسد للثقافة والفنون “أوبرا دمشق” فيلما جديدا حمل عنوان “يومين”، وهو أحدث إنتاجات المؤسسة العامة للسينما، من بطولة دريد لحام وإخراج باسل الخطيب.
يقدم الفيلم حالة عن العنف الأسري في المجتمع السوري ويحكي قصة رجل يعيش أوضاعا اجتماعية مضطربة، ما يدفعه إلى ممارسة الكثير من العنف الاجتماعي تجاه زوجته وولديه، الأمر الذي يقذف بالطفلين في مهب الريح ويصبحان شبه مشردين، لكن القدر يجمعهما مع رجل قروي بسيط (دريد لحام) يذهب إلى المدينة كي يبتاع بعض المشتريات في شاحنته.
يتقاطع مسار حياة القروي مع مسار حياة الطفلين، فيصبح مسؤولا عنهما بمحض الصدفة، لتبدأ سلسلة من الأحداث التي يكشف الفيلم من خلالها عوالم نفسية واجتماعية تخص بعض الشخصيات التي تحمل ملامح عصرية مزيفة، كما يعرض بعض ملامح الشخصيات التي تتميز بالأصالة.
“يومين” هو ثالث فيلم روائي طويل يجمع دريد لحام وباسل الخطيب بعد فيلمي “دمشق حلب” و”الحكيم”. في فيلم “دمشق حلب” قدم الثنائي لحام والخطيب حكاية اجتماعية على خلفية سياسية معاصرة تحدث في زمن الحرب السورية. قدم فيه متتالية أحداث تخص مذيعا متقاعدا يعيش حياة قلقة بين مدينته دمشق التي يسكن فيها وحلب حيث تسكن ابنته. ورصد الفيلم من خلال رحلة باص سياحي مجموعة من العلاقات الاجتماعية التي تربط عدة أشخاص كانوا في تلك الرحلة لتتكشف من خلالهم انعكاسات الحياة الاجتماعية التي خلفتها الحرب ومقدار التشوهات النفسية والأخلاقية التي آلت إليها أحوال السوريين. كتب الفيلم تليد الخطيب وشارك في التمثيل صباح الجزائري وسلمى المصري وكندة حنا وعبدالمنعم عمايري ونظلي الرواس وعاصم حواط وعلاء قاسم وشكران مرتجى وآخرون.
أما الفيلم الثاني “الحكيم” فقد قدم فيه كما الأول حكاية اجتماعية تحمل خصوصية مجتمع قرية تعيش فوضى اجتماعية بسبب آثار الحرب. في هذا العمل تتراجع مساحة الحرب لتحتل مكانها مساحة الحياة الاجتماعية وتقدم حكاية طبيب متقاعد يعيش في قرية بين ناسها البسطاء ملتزما بتقديم العون لهم في ظروف حياتهم الصعبة التي يواجهونها. وفي الفيلم تبدو ملامح الريف وعلاقاته البسيطة في تعقيدات المشهد الحالي بسوريا، حيث تغزو تجارة الممنوعات بعض الأسواق والعائلات وتخلق شروخات اجتماعية عميقة حتى بين الأشقاء الذين يختلفون في اقتسام ميراثهم. الفيلم من تأليف ديانا جبور وشارك فيه دريد لحام وصباح الجزائري وروبين عيسى وربى الحلبي وليا مباردي وعاصم حواط ورامي أحمر ومحمد قنوع.
وفي الفيلم الثالث “يومين” يتابع الثنائي لحام والخطيب معالجة الموضوعات الاجتماعية التي ابتعدا فيها أكثر عن الحرب وأجوائها ليقدما حكاية اجتماعية خالصة تتضمن عينة من حالات العنف الأسري وما يمكن أن يسببه من مخاطر على المجتمع السوري. والفيلم من تأليف تليد الخطيب عن قصة لدريد لحام وشارك في التمثيل دريد لحام وأسامة الروماني وحازم زيدان ورنا شميس ويحيى بيازي ومحسن غازي والطفلان شهد الزلق وجاد دباغ.
من ناحية أخرى يبدو الفنان دريد لحام شغوفا بتقديم موضوعات فنية تهم الأطفال، وهذا ما رافق إنتاجه الفني ليس في السينما فحسب بل في المسرح والتلفزيون أيضا. ففي المسرح قدم منذ سنوات طويلة عملا مسرحيا متكاملا حمل عنوان “العصفورة السعيدة” وعَرفه بأنه مقدم للأسرة والطفل، كما طرح في السينما فيلم “الكفرون” الذي كان في مجمله مقدما للأطفال ومن بطولة عدد منهم مع بعض الفنانين العرب. وقدم في التلفزيون برنامجا مخصصا لهم حمل عنوان “عالم دريد”.
وقدم الفنان الراحل أسامة الروماني في فيلم “يومين” آخر إسهاماته في مجال السينما، بعد انقطاع طويل تجاوز الأربعين عاما، عقب مشاركته في فيلم “المغامرة”، من إنتاج المؤسسة العامة للسينما وإخراج محمد شاهين، وهو مأخوذ عن مسرحية “مغامرة رأس المملوك جابر” للكاتب سعدالله ونوس.
كان الروماني طرح في العام الماضي أول فيلم سينمائي له من خلال المؤسسة العامة للسينما بعنوان “أماني”، وهو فيلم روائي قصير من تأليف وإخراج محمد سمير طحان. وقدم الممثل الراحل في الفيلم شخصية قروية كثيرا ما توجد في نسيج المجتمع القروي السوري وتحمل دلالات على مقدار الحالة التقليدية التي يحملها الريف في بعض جوانبه.
ثنائية لحام – الخطيب في فيلمي “دمشق حلب” و”الحكيم” حازت عددا من الجوائز السينمائية، خاصة على المستوى العربي. فمن خلال مشاركته في الدورة الرابعة والثلاثين لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط تحصل فيلم “دمشق حلب” في مسابقة الفيلم العربي (نور الشريف) على جائزة أفضل فيلم متكامل كما نال دريد لحام جائزة التمثيل الكبرى. وحقق الفيلم خلال عام 2019 جولة عروض سينمائية غير مسبوقة لصالح السينما السورية فعرض في بيروت وبغداد وعمان كما قدم في العديد من دول الخليج العربي وعرض في مهرجان الشام السينمائي في أستراليا، كما قدم بشكل خاص في العديد من الدول الأوروبية.
بدوره عرض فيلم “الحكيم”، تأليف ديانا جبور، في العديد من الدول العربية فشارك في أيام السينما السورية في بغداد وكرم أبطاله هناك، كما شارك في مهرجان سينمانا في سلطنة عمان، ونال فيه جائزة أفضل عمل متكامل، وشارك في مهرجان فجر في إيران ونال جائزة لجنة التحكيم الخاصة فيه. وكان من المفترض أن يشارك فيلم “يومين” في أيام قرطاج السينمائية في دورة العام الماضي قبل أن تعلن الجهة المنظمة إلغاء الدورة بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة في فلسطين.