دراما رمضان المصرية تدخل عالم الخلافات الزوجية

سبعة مسلسلات تستعرض مشاكل الزواج والطلاق وتعدد الزوجات.
الأربعاء 2023/04/05
التعدد ليس مشكلة الزواج الوحيدة

تتجه الدراما المصرية على غرار نظيراتها العربية إلى القضايا الاجتماعية وتسلط عليها الضوء في أكثر من عمل، وهو ما يؤكد حجم المشاكل الاجتماعية التي تبدأ من علاقة الفرد مع ذاته وبالأسرة، ولعل أبرز القضايا الشائكة التي تناقشها أعمال هذا العام قضية الزواج وما يصيبه من خلل.

القاهرة - حظيت المشاكل الزوجية بقدر كبير من القضايا الدرامية للمسلسلات المصرية التي يغلب عليها الطابع الاجتماعي هذا العام، لكنّ مؤلفيها اختاروا الغوص في تفاصيل الحياة الزوجية والتركيز على أوجه عديدة للخلافات التي تقود إلى الطلاق وتعدد الزوجات، وقدمت نماذج عديدة تنشب بسببها المشكلات، ما طرح تساؤلات حول إذا ما كان هذا التكرار المقصود منه تقديم رسائل توعوية أم جاء صدفة في ظل انتقادات طالت الدراما المصرية السنوات الماضية بالاستغراق في تقديم موضوعات أمنية.

وتناقش سبعة مسلسلات طويلة وقصيرة يتم عرضها حاليًا مشكلات يومية تعاني منها قطاعات واسعة من الأسر المصرية، أبرزها “الهرشة السابعة” و”مذكرات زوج” و”كامل العدد”، و”جعفر العمدة”، و”جميلة”، و”علاقة مشروعة”، إلى جانب أعمال أخرى اجتماعية سلطت الضوء على مشكلات متنوعة من دون أن يكون ذلك الخط الدرامي الرئيسي فيها، مثل “1000 حمدلله على السلامة” و”الكبير أوي – 7″.

قصص حب فاشلة

أحمد سعدالدين: إجمالي الأعمال تأتي في سياق الدراما الاجتماعية المهيمنة
أحمد سعدالدين: إجمالي الأعمال تأتي في سياق الدراما الاجتماعية المهيمنة

يقدم الفنان طارق لطفي الذي يجسد شخصية “رؤوف” في مسلسل “مذكّرات زوج” قصة مكررة لزوج يصاب باكتئاب شديد بسبب عدم رضاه عن حياته مع زوجته “شيرين” التي تجسّدها الفنانة التونسية عائشة بن أحمد ليقرّر اللجوء إلى طبيب نفسي ثم يترك المنزل، وتتوالى الأحداث في اتجاه العديد من الأزواج إلى الأطباء النفسيين أو ما يُعرف باسم “اللايف كوتشينغ” في محاولة للوصول إلى نقاط تفاهم تجعل الزوج أو الزوجة قادراً على استكمال حياته مع الآخر.

اقتبس مؤلف العمل محمد سيلمان عبدالمالك قصة المسلسل من رواية تحمل الاسم ذاته للكاتب المصري الراحل أحمد بهجت، وهو من ضمن فئة المسلسلات القصيرة، إذ يُعرض في 15 حلقة، وينتهي عرضه في النصف الأول من شهر رمضان، ويشارك في بطولته سما إبراهيم، إدوارد، عمر الشناوي، سارة الشامي، علي الطيب، جيهان الشماشرجي، حازم إيهاب، فدوى عابد، هناء الشوربجي، الطفل آدم وهدان.

وتتكرر المشاكل الزوجية بصورة مختلفة قليلاً في مسلسل “الهرشة السابعة”، ويقدم قصة حب رومانسية تنتهي بالزواج بين بطلي العمل أمينة خليل ومحمد شاهين، ثم يتسرب الملل إلى الحياة الزوجية بعد مرور سنوات قليلة ويقع كل طرف من طرفي العلاقة أسيراً للإحباط ويواجهان صعوبات في استمرار العلاقة الزوجية مع تحديات الغيرة والإغراءات وتحمل المسؤوليات.

وجسد المسلسل أكثر من مشكلة شائعة في العلاقات الزوجية والتي تتمثل في الملل الزوجي خلال السنوات الأولى وعدم رضاء الزوجة عن تصرفات زوجها التي تختلف بين فترات الخطوبة والزواج وصولا إلى مواجهة مشكلات الحمل وتحمل مسؤوليات الأبناء وحاجة الزوجة بشكل مستمر لمساعدة زوجها في أمور المنزل وغيرها من الأزمات التي تظهر فيها الزوجة كشخص تتأثر تصرفاته بما يواجهه من ضغوط.

حاول المسلسل تقديم نصائح للزوج للحفاظ على حياته مع زوجته وأظهر المسلسل بطله محمد شاهين متفهما لعصيبة زوجته ليكرر مشاهد تقبيلها على يدها وجبهتها، واحتوائها في المواقف المختلفة، ويبعث إشارات على إمكانية استمرار الحياة الزوجية المبنية على الحب والتفاهم بين الثنائي حتى وإن واجهت مشكلات عديدة.

لماذا يؤدي الزواج إلى الملل
لماذا يؤدي الزواج إلى الملل

الزواج الثاني

يحارب مسلسل “علاقة مشروعة” فكرة الزواج الثاني وانعكاساتها السلبية على الأسرة، علاوة على التطرق لقضية العنف ضد المرأة، وتدور قصة العمل في إطار تشويقي من خلال قصة “عمرو” الذي يقوم بدوره الفنان ياسر جلال المتزوج من “عاليا” وتجسد دورها الفنانة داليا مصطفى، ولديه أبناء في مرحلة المراهقة، واستغرق العمل في مناقشة شكل العلاقة التي تجمعه بزوجته وأبنائه قبل أن يتزوج سراً وسط محاولات الإخفاء عن زوجته الأولى ليبدأ الأمر في الانكشاف يوما بعد يوم.

في المقابل يطرح مسلسل “جعفر العمدة” فكرة تعدد الزوجات، وما إذا كان يحقق حياة سعيدة للزوج أم لا، وتدور قصته في إطار من الدراما الشعبية الاجتماعية وتعتمد أحداثها على صراع بين بطل العمل محمد رمضان والفنان منذر رياحنة.

يمتلك محمد رمضان الذي يظهر بشخصية “جعفر” مجموعة من شركات المقاولات، ومتزوج من أربع سيدات، وهن: مي كساب، ومنة فضالي، وإيمان العاصي، وزينة، ويبحث محمد رمضان خلال الأحداث عن ابنه المختطف.

كما يسلط مسلسل “جميلة” بطولة الفنانة ريهام حجاج الضوء على وضعية الزوجة الثانية والمطلقة وتقدم الفنانة عبير صبري شخصية “نرمين” المطلقة التي تحاول بشتى الطرق إفساد العلاقة بين طليقها وزوجته الجديدة.

ب

وأعاد مسلسل “كامل العدد” تقديم قصة رجل وامرأة التقيا وأعجبا ببعضهما البعض ثم اكتشفا أن لكل واحد منهما أطفالا وبعد زواجهما يجتمع الأولاد جميعا في منزل واحد لتحدث بينهم العديد من المواقف الطريفة والمفارقات الشبابية، والتي كانت عامل جذب للمسلسل الذي يشارك في بطولته دينا الشربيني وشريف سلامة.

البناء الدرامي

يؤكد الناقد الفني أحمد سعدالدين أن سيطرة البناء الدرامي لأكثر من سبعة مسلسلات حول المشاكل الزوجية من بين 30 عملا مصريا تعرض هذا العام يشير إلى أننا أمام ظاهرة، ما يبرهن على أن الاتجاه الرئيسي للمؤلفين كان صوب الأزمات التي تواجه المتزوجين والتركيز على الأسباب التي تؤدي إلى زيادة معدلات الطلاق، وهي قضايا حيوية وتهيمن على جزء كبير من الأوضاع الاجتماعية في مصر بوجه عام.

ويوضح في تصريح لـ”العرب” أن المسلسلات ركّزت على الظروف التي تساهم في تغذية الخلافات الزوجية، بينها الأزمة الاقتصادية وإهمال الأبناء والعلاقات خارج الإطار الرسمي وانشغال الزوج بالعمل وإهمال زوجته، ويمكن استخلاص العوامل الإيجابية وراء هذه المواقف عبر تقديم الجوانب التوعوية للمقبلين على الزواج.

ويقول سعدالدين إن إجمالي الأعمال تأتي في سياق الدراما الاجتماعية المهيمنة على ما تقدمه شركات الإنتاج في موسم رمضان،

وحاول البعض من المؤلفين الخروج من سياق التكرار من دون أن يشهد هذا العام تقديم أفكار خارج الصندوق، وهو ما يرجع إلى ممارسة الكتّاب أنفسهم الذين يقومون بعملية الكتابة والتأليف وفقًا لتجاربهم الحياتية وليس وفقا لثقافة كل كاتب التي تتراجع أحيانا بالنسبة إلى المشاركين في ورش التأليف.

وتواجه ورش التأليف وكتابة السيناريو الجزء الأكبر من اتهامات تكرار المحتوى الدرامي وضعفه، ما يقود إلى تآكل في الحبكة الفنية والقصصية بالتبعية.

ب

ويرى البعض من النقاد أن مشاركة أعداد كبيرة في التأليف والسيناريو وانتقال الكتّاب من ورشة إلى أخرى يسمح بإحداث هذا القدر من التكرار، وهي مسألة غابت عندما كانت الدراما المصرية تعتمد على مؤلف واحد متمكن في ظل وجود أسماء كبيرة من المؤلفين حققوا نجاحات جماهيرية وفنية مهمة.

ويصعب الفصل بين التوجه إلى عرض مشكلات الخلافات الزوجية في وقت تحاول فيه الحكومة المصرية الحد من معدلات الطلاق واتجاهها نحو تقديم قانون جديد للأحوال الشخصية، الأمر الذي تتم ترجمته في أعمال تسير في نفس السياق.

وتبقى الأزمة في تكرار النمطية التي قد تقود إلى تقديم رسائل عكسية لا تقنع الجمهور، ناهيك عن انفصال العديد من الأعمال عن البيئة المحيطة بالأزواج والصعوبات الاقتصادية والمعيشية التي يواجهونها ويجعلها تنفصل إلى حد مّا عن الواقع الحقيقي.

وتواجه بعض الأعمال انتقادات لاستغراقها في مشاهد البكاء والحزن والتي تتحول من أداة لمحاكاة الواقع إلى أحد أبرز أساليب جذب الجمهور للأعمال المعروضة والاعتماد على خلطة تدغدغ مشاعر المشاهدين تسعى لتقديم بطل العمل كشخصية لديها قدرات خارقة نادرة، ما يخدم صورة البطل وليس القضية التي يناقشها العمل.

13