دراجات كهربائية تنتشر ببطء في المدن العربية

ترتبط الدراجات الأحادية في الأذهان بالسيرك عادة، ودفعت التكنولوجيا التي أضيفت إليها وحولتها من مجرد لعبة طفولية إلى وسيلة مواصلات سريعة ومريحة، إلى انتشارها بشكل كبير حول العالم، وباتت تلقى رواجا كثيفا في المدن المكتظة بالسكان والسيارات.
ومثلت الدراجة الأحادية الكهربائية ظاهرة ملحوظة في عدد من العواصم العربية، وأصبحت ملاحظة شاب يرتدي خوذة ويقف مستقيما على لوح بعجلة واحدة، ويتجول في أحد الشوارع المزدحمة مسألة اعتيادية للأعين بعد أن اختار الآلاف تلك الوسيلة الحديثة حلا للهروب من واقع مدنهم المزدحمة.
غيرت الدراجات الأحادية الكهربائية والنصف كهربائية الكثير من المفاهيم العامة لأشكال المواصلات ووضعت آليات وأشكالا جديدة تواكب عصر السرعة، الذي يعيشه العالم.
بدأت فكرة اختراع اللوح الكهربائي أو الدراجة الأحادية منذ بدايات القرن العشرين، وتحولت مع الوقت، خاصة في الستينات، إلى إحدى الأيقونات المثيرة التي تداولتها أفلام الخيال العلمي الأميركية، وتنبأت بأن تتحول تلك العجلات إلى وسيلة المواصلات الأساسية في المستقبل.
واجتهدت الكثير من الشركات حول العالم في تطوير الفكرة معتمدة على مجموعة من أجهزة الاستشعار والشرائح الذكية التي توفر توازنا وثباتا، ومقاييس تتحكم في زيادة السرعة والكبح.
وتجمع أنواع الدراجات الجديدة بين سرعات بطيئة لا تزيد عن 20 كيلومترا في الساعة وأخرى سريعة للغاية. وهناك نوعان منتشران؛ أحدهما لوح أو سكوتر كهربائي يعتبر أكثر أمانا بسبب سهولة توازنه ولا يحتاج إلى الكثير لتعلم ركوبه لأن السائق يضع قدميه بشكل متواز على اللوح ويسير به في وضعية الوقوف ويستخدم أكثر في الجانب الترفيهي. أما النوع الآخر فهو مركبة تتشابه في حجمها وطريقة ركوبها مع الدراجة العادية، وتحتوي على محركين، وهو الأكثر استخداما كوسيلة مواصلات لكونه أكثر سرعة وتحكما في الحركة.
قال أحمد فراج، صاحب متجر متخصص ببيع الدراجات الكهربائية، إن شغف البشر الدائم يدفع إلى تطوير وسائل النقل وتحسينها، بحثا عن أسرع وأكثر الوسائل راحة وانسيابية، وتطورت كل الوسائل، سواء السيارات الخاصة أو الطيارات أو القطارات وحتى الدراجات، لتتواكب مع تطلعات الناس، وقد لمس ذلك من خلال عمله لقرابة 25 عاما في مجال بيع الدراجات والعربات الكهربائية.
وأوضح في تصريحات لـ”العرب” أنه قبل عشرين عاما فقط، لم يكن يصدق الناس أنه يمكن تعميم تجربة صناعة سيارات تعمل بالكهرباء والطاقة الشمسية، أما الآن فأضحى الأمر عاديا، وعلى العكس فالجميع في انتظار أن تنقرض السيارات التي تعمل بالوقود في المستقبل.
وأشار إلى أن المواطن العربي متطلع إلى كل ما هو جديد بشكل عام، ويبحث عن شراء وسائل المواصلات غير النمطية حتى لو كان على سبيل الترفيه.
قبل العام 2011 كثر الطلب على “الأحذية العجلية” التي تعمل بالكهرباء، و”السكوتر” الكهربائي اللوحي، أما الآن فالجميع يبحث عن الدراجات الأحادية الكهربائية وسيارات “سيغواي” الجديدة.
تحمل تلك الدراجات عموما مميزات متعددة، ولعل أهمها قدرتها على المرور بين الشوارع المكتظة بالسيارات بسهولة وبسرعة مقبولة تحقق الأمان للراكب.
تضاف إلى تلك الميزة سهولة حمل الدراجة ووضعها في حقيبة حجمها لا يزيد عن الحقائب المدرسية، وعززت مرونة الاستخدام أن يختار البعض شراء الدراجات الأحادية ليقوم بثنيها وحملها معه إلى عمله أو المكان المتجه إليه دون أن يحمل هم البحث عن مكان للانتظار وتكبد دفع رسوم لذلك.
وترى لبنى شريف، التي اعتادت قيادة دراجاتها الأحادية الكهربائية لقرابة العام ونصف العام يوميا للوصول إلى عملها بإحدى شركات التسويق الإلكتروني، أن أجمل ما وفرته الدراجة هو الجودة الاقتصادية، وهي لا تستهلك الكثير من الطاقة، ولا تحتاج أكثر من أربع ساعات لشحنها، بالإضافة إلى كونها موفرة، فلا تتطلب صيانة مستمرة، وقطع الغيار متوفرة ورخيصة الثمن.
وتؤكد شريف لـ”العرب” أن اختيارها جاء في المقام الأول بسبب رغبتها في عدم إضاعة الكثير من الوقت أثناء رحلتها اليومية إلى العمل، ووجدت الكثير من المميزات بعد ذلك، منها أن الدراجة صديقة للبيئة وتقدم حلا لأزمة الأسعار التي يواجها الشباب، فضلا عن سرعتها الجيدة مقارنة بالدراجة العادية.
ولا تجد لبنى الكثير من المساوئ في العجلة الكهربائية الأحادية، غير أنها تتعرض للكثير من المضايقات أثناء سيرها بها في الشارع، “ربما البعض لم يعتد أن يرى وسيلة مواصلات بذلك الشكل من قبل وربما يجد البعض صعوبة في استيعاب أن يرى بنتا تركب دراجة وتسير في الشارع، ويعد تحديق الناس لها، وتحرشهم لفظيا، في بعض الأحيان، المنغص الأكبر”.
ويرى الكثير من سائقي الدراجات الأحادية أن أكثر ما يهدد مستقبل انتشارها هو اصطدام تحدي زيادة السرعة مع عوامل الأمان، ويمثل معضلة كبيرة مع صعوبة تحقيق حماية كاملة للسائق، نظرا للاعتماد على عجلة واحدة، وعدم وجود مقود يدوي، وتبدو تلك الدراجات الأقل آمانا بين كافة الوسائل المتشابهة من ألواح وسكوتر ودراجات كهربائية وبخارية.