دخول الشاهد السباق الرئاسي يُغيّر معادلات التنافس

يوسف الشاهد يتحدى حركة النهضة الإسلامية برفض الاستقالة من رئاسة الحكومة.
السبت 2019/08/10
تحد صعب

رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد ينضم إلى السباق الرئاسي بالإعلان عن ترشحه للانتخابات المزمع إجراؤها منتصف سبتمبر المقبل، وهو ما أحيا الجدل بشأن استغلال موارد الدولة لأغراض انتخابية.

تونس - بدأت معادلات التنافس الانتخابي في علاقة بالاستحقاق الرئاسي التونسي، السابق لأوانه، المُقرر تنظيمه في منتصف شهر سبتمبر المُقبل، تتغيّر بسرعة، بدخول رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، هذا السباق، وسط تصعيد للخطاب السياسي في ظل مناخ مُلبّد بالتوترات التي تُنذر بحملات انتخابية ساخنة.

واختار يوسف الشاهد الانضمام إلى هذا السباق في الربع ساعة الأخير، حيث وصل في حدود الساعة التاسعة من صباح الجمعة، بالتوقيت المحلي، إلى مقر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، مصحوبا بالعشرات من أنصار حزبه “تحيا تونس”، لتقديم ملف ترشحه لهذا الاستحقاق الرئاسي، وذلك قبل ساعات قليلة من غلق باب قبول ملفات الترشح.

علية العلاني: قول الشاهد إنه"ليس عصفور النهضة"، يحتاج هذه المرة إلى أفعال
علية العلاني: قول الشاهد إنه"ليس عصفور النهضة"، يحتاج هذه المرة إلى أفعال

وكان الشاهد (44 عاما)، قد أعلن في ساعة متأخرة من مساء الخميس، نيته الترشح إلى الانتخابات الرئاسية خلال اجتماع استثنائي للمجلس الوطني لحزبه “تحيا تونس” الذي تأسس في بداية السنة، وأصبح يملك ثاني أكبر كتلة نيابية في البرلمان الحالي، وذلك بعد كتلة حركة النهضة برئاسة راشد الغنوشي.

وقال في كلمة ألقاها خلال ذلك الاجتماع الاستثنائي للمجلس الوطني لحزبه الذي عُقد في قصر المؤتمرات بتونس العاصمة، “سأتحمّل المسؤولية بقبول الترشح لمنصب رئيس الجمهورية”.

وأضاف أنه يريد من خلال هذا الترشح أن يمثّل “القطيعة مع المنظومة التي تُكبّل حاليا تونس، وهي منظومة القوانين القديمة”، مؤكدا في نفس الوقت أنه “مرشّح القوى الوطنية والتقدمية”.

كما أكد أنه ليس “العصفور النادر للنهضة”، وذلك في إشارة إلى تصريحات سابقة لرئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي أشار فيها إلى أن حركته بصدد البحث عن “عصفور نادر” لترشيحه لخوض هذا الاستحقاق الرئاسي.

ويرأس يوسف الشاهد الحكومة التونسية الحالية منذ شهر أغسطس من العام 2016، وكان قبل ذلك قياديا في حركة “نداء تونس” التي فازت بانتخابات 2014، لكنها جمّدت عضويته بسبب خلافاته مع الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي.

وارتبط اسمه خلال الأشهر القليلة الماضية، بالكثير من الجدل الذي اختلطت فيه الاتهامات المُتبادلة بينه وبين بقية القوى السياسية، وخاصة منها الديمقراطية المدنية والوسطية والحداثية، بسبب حصيلة عمل حكومته، ومواقفه السياسية التي عكست اصطفافا إلى جانب حركة النهضة الإسلامية.

وعلى هذا الأساس، أثار قرار الشاهد خوض السباق الرئاسي سلسلة لا تنتهي من التساؤلات، لاسيما وأن توقيته بدا على صلة بحسابات سياسية مُرتبطة بمعادلات العملية الانتخابية، وتعقيداتها التي تداخلت فيها التطلعات الذاتية، وتشابكت مع جملة من العوامل الحزبية التي أملتها مراهنات مُتعددة.

ولا يتردد البعض من المراقبين في وصف تلك المراهنات بـ”الخاطئة”، فيما يذهب البعض الآخر إلى التحذير من تداعياتها، ومن مخاطر وانعكاساتها على المشهد السياسي العام، بالنظر إلى أن التفاهمات المزدوجة التي طالما مارسها يوسف الشاهد وحركة النهضة على أرضية تقاسم الأهداف والأجندات لم تصل بعد إلى آخر فصولها، إلى جانب إعلانه التمسك بالبقاء رئيسا للحكومة الذي بعث بإشارات غير مُطمئنة على نزاهة الانتخابات.

ويُنظر إلى هذا الإعلان الذي بدا في ظاهره تحديّا واضحا لحركة النهضة الإسلامية التي سبق لرئيسها راشد الغنوشي أن دعا الشاهد إلى الاستقالة في صورة الترشح للانتخابات، مُقدمة لسجال سياسي قادم محمول على أجندات لم تتضح عناوينها بعد بحيث يصعب معها الجزم بنهاياته. لكن ذلك لم يمنع خالد شوكات، القيادي في حركة نداء تونس، من القول لـ”العرب”، إن تمسّك الشاهد برئاسة الحكومة “مردّه سبب واحد، وهو انه يعرف أنه دون هذا المنصب، لن يعني شيئا للتونسيين، فلا أداؤه طيلة السنوات الماضية يُقنع عاقلا، ولا في تاريخه ما يمكن أن يستند إليه، كما أنّ حزبه نفسه لم يكن ليتأسس أصلا لو لا وجوده على رأس السلطة التنفيذية”.

Thumbnail

أما بالنسبة لعلاقة الشاهد مع النهضة، فقد اعتبر شوكات، أن راشد الغنوشي “سيقف خلال الأيام القادمة على أن تحالف حركته مع الشاهد بما تسببه في إيلام الرئيس الراحل ساعتها، لم يكن إلا خطأ جسيما ارتكبه في حق نفسه وحركته قبل حق الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي”.

ورأى المُحلل السياسي علية العلاني، أنّ رفض الشاهد الاستقالة من رئاسة الحكومة “يمكن اعتباره” تحديّا للغنوشي، رغم أنه لا يوجد أي مانع قانوني أو دستوري في بقائه في منصبه”. وقال لـ”العرب”، إن ترشح يوسف الشاهد للانتخابات الرئاسية متوقّع، ولو لم يترشح لانفرط عقد حزبه الجديد “تحيا تونس”، لافتا إلى أنّ هذا الترشح يأتي في ظل انقسام وتشظّي العائلة الليبرالية.

واعتبر أنّ عددا من العناصر ستُصاحب الشاهد في حملته الانتخابية، أهمها “تخوف الناخبين من تحالفه مع حركة النهضة وما يمكن أن يحمله من مخاطر على مستقبل تونس بعد الانتخابات، وبالتالي فإن قوله إنه “ليس عصفور النهضة”، يحتاج هذه المرة إلى أفعال لأنّ جزءا هاما من الناخبين لن يكونوا هذه المرة مُتسامحين مع التحالف مع الإسلاميين”.

وسيُواجه الشاهد الذي خرج من جلباب الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، منافسة تبدو شرسة بسبب صعوبة تسويق حصيلة عمل حكومته، وتبرير تحالفه مع النهضة الإسلامية، وبالنظر إلى حجم الشخصيات المعنية بهذا الاستحقاق، أبرزها وزير الدفاع المُستقيل، عبدالكريم الزبيدي، ومُرشح النهضة، عبدالفتاح مورو.

أجهزة الدولة سلاح أصحاب السلطة: من يحصّن الانتخابات في تونس

4