"دبلوماسية كورونا" يرفضها ترامب فيدفع لروسيا مقابل إمدادات طبية

واشنطن – لم تمنع اللهجة التصالحية التي برزت في الآونة الأخيرة في محادثات الرئيس الصيني والأميركي من ناحية والأميركي والروسي من ناحية أخرى، اعتماد الولايات المتحدة على مواردها المالية في مجابهة تداعيات وباء كورونا خاصة في ظل انتقادات لاذعة تتعرض لها إدارة الرئيس دونالد ترامب.
وبالرغم من اعتمادها على إمدادات صينية وروسية في مكافحة الوباء، إلا أن مصادر في الإدارة الأميركية رجحت أن ترامب دفع لموسكو مقابل المستلزمات الطبية دون أن يتطرق للتفاصيل أو الآلية التي جرت بها مع الصين في هذا الصدد.
وعلى سبيل المثال، قال مسؤول رفيع بإدارة ترامب الخميس، إن الولايات المتحدة دفعت لروسيا ثمن معدات طبية نقلت جوا من موسكو للمساعدة في مكافحة تفشي كورونا، وذلك في توضيح للغط بشأن هوية دافع الفاتورة.
ويرى مراقبون أن ضغوط الداخل هي التي أرغمت الرئيس الجمهوري على الدفع للخصم الروسي أولا، ولا يستبعدون الدفع للصين كذلك في خطوة تهدف لقطع الطريق أمام المشككين في إدارة ترامب للأزمة خاصة أن الأخير يخوض هذا العام مغامرة إعادة الانتخاب.
وبالرغم من أنهم انتقدوا مرارا تعامل الصين مع وباء كورونا إلا أن السياسيين الأميركيين يواجهون اليوم حقيقة قاسية تتمثل في أن بلادهم بحاجة ماسة إلى إمدادات الصين.
وكانت الصين، التي ظهر الوباء فيها لأول مرة، قد أنتجت ما يقارب نصف عدد الأقنعة الواقية التي تم استيرادها من الولايات المتحدة وتكلف في الأوقات العادية أقل من دولار واحد.
ولكنها اختفت من رفوف أماكن البيع وسط دعوات متزايدة للأميركيين العاديين بضرورة ارتدائها عند خروجهم.
وبينما يبدو أن الصين تمكنت من احتواء انتشار الفايروس المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الشديدة، والذي أصاب أكثر من مليون شخص في جميع أنحاء العالم منذ ظهوره لأول مرة في أواخر العام الماضي، أصبحت المصدر الأول لمعدات الحماية المطلوبة لمواجهة كورونا في العالم.
ويقول تشاد باون من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي إن “الصين مصدر كبير لتوريد هذه المنتجات في وقت تشتد فيه الحاجة إليها، سواء في الولايات المتحدة أو على الصعيد العالمي”.
وأضاف “لذلك، دون انفتاح على الصين ومحاولة الشراء منها الآن، لن يكون هناك أمل”.
وزادت الشركات الأميركية المصنعة للأقنعة الواقية طاقتها الإنتاجية.
وقد رفعت “3 أم” و”هاني ويل” معا طاقتهما الإنتاجية إلى سبعين مليون وحدة شهريا، لكن هذا أقل بكثير من الاحتياجات. وتسعى وزارة الصحة والخدمات البشرية إلى شراء 500 مليون قناع لتأمين مخزون استراتيجي.
وتشكل الأزمة الصحية فرصة للتسويق والبيع للمصنِعين الصينيين لما يسمى بأقنعة “أن 95” التي صممت لحجب 95 في المائة من الجزيئات الصغيرة جدا.
وتمارس الصين نوعا من الاستقواء لأنها تنتج 48 في المئة من معدات الحماية الشخصية التي تستوردها الولايات المتحدة وخمسين في المئة من تلك التي يستوردها الاتحاد الأوروبي، وفقًا لحسابات باون.
ومنذ اجتياح وباء كورونا الولايات المتحدة التي سجلت 6098 حالة وفاة بـ”كوفيد19-″، انتقل الرئيس الأميركي دونالد ترامب من إطلاق الانتقادات اللاذعة ضد بكين إلى الإشادة بالتعاون مع الرئيس شي جين بينغ.
وقال ترامب الذي فرض رسوما جمركية على السلع الصينية بمليارات الدولارات منذ توليه منصبه، الأربعاء، إن الأرقام الصينية حول تفشي وباء كورونا “تبدو أقل من الواقع قليلا”.
ودعا مستشار ترامب السابق للأمن القومي جون بولتون الذي واجه انتقادات بشأن الاستعدادات لمواجهة الجائحة، الخميس، الولايات المتحدة إلى اتباع “سياسات جديدة لمنع استمرار الاعتماد الأميركي المفرط على الصين في الاستيراد”.
وقال يانجونغ هوانغ خبير الصحة العالمية في مجلس العلاقات الخارجية وجامعة سيتون هول، إن تصنيع الأقنعة الواقية نما في الصين للأسباب نفسها مثل العديد من صناعات التصدير. فالإنتاج منخفض التقنية وهناك كثافة العمالة. وأضاف أن المشكلة المحتملة هي توريد المكونات الصيدلانية الفعالة.
وورد في جلسة استماع في مجلس الشيوخ العام الماضي أن أكثر من 80 في المائة من المكونات الرئيسية في الصناعات الدوائية في الولايات المتحدة منشأها في الخارج.
ويأتي معظمها من الصين أو الهند التي لديها علاقات دافئة مع الولايات المتحدة.