داليا البحيري لـ"العرب": الاحتكار أزمة صناعة السينما والدراما في مصر

دخلت النجمة المصرية داليا البحيري عالم التمثيل من بوابة الجمال، لكنها استطاعت خلال عقدين أن تثبت موهبتها وتقنع بقدرتها على التلون في أكثر من دور بين الكوميديا والدراما، وكانت منذ فترة قصيرة مكرمة في المغرب، حيث التقيناها وجمعنا بها حوار شيق.
الرباط- داليا البحيري ممثلة مصرية لها بصمة مميزة في عالم الفن والإعلام، كانت لنا فرصة لقائها ضمن تكريمها في الدورة الأخيرة للمهرجان الدولي لفيلم المرأة في مدينة سلا المغربية، حيث تلقت تكريما مهما تقديرًا لعطائها الفني ومسيرتها الثرية، وسلط الضوء على مسيرتها الفنية الثرية، إذ يجسد هذا التكريم أكثر من مجرد جائزة؛ فهو تعبير عن الحب والاحترام العميق الذي تكنه لها جماهيرها، وهي التي كانت عضوًا في لجنة التحكيم في مهرجانات سابقة.
في حديثها مع صحيفة “العرب” حول هذا التكريم، عبرت الفنانة المصرية داليا البحيري عن مشاعرها قائلة: “ليس هناك أجمل من أن تُكرم من قبل الأشخاص الذين يحبونك، فهو يعكس التقدير المتبادل بيني وبين الجمهور المغربي، الذي يعتبر من أكثر الجماهير عشقًا للفن”.
وهذا التكريم لا يقتصر فقط على تكريم إنجازاتها الفنية، بل يُعتبر أيضًا رسالة حب من الجمهور، تعكس شغفهم وتقديرهم للفن وللممثلين الذين يؤثرون في حياتهم، وأظهرت الفنانة من خلال هذا التكريم كيف أن الفنون قادرة على تجاوز الحدود الثقافية والجغرافية، كما أكدت على عمق علاقتها بالسينما والثقافة المغربية، وهذا الاحتفاء يجعل الحدث مناسبة تجمع بين الاحتفاء بالإنجازات الفنية وتعزيز الروابط الإنسانية بين الشعوب، بينما تُجسد داليا البحيري نموذجًا للفنان الذي يُقدِّر فنه وجمهوره، وهذا ما عزز العلاقة بينها وبين المغرب كتجربة فريدة.
وتعود العلاقة الوثيقة بين الفنانة المصرية والمغرب إلى أكثر من 11 عامًا، حيث كانت موجودة في المغرب عام 2013 كعضو في لجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة، وفي حديثها عن تلك التجربة قالت: “استفدت جدا من تلك التجربة، فعلى الرغم من أن المهرجان كان صغيرًا في ذلك الوقت، إلا أنه كان له طابع خاص وحميمي، وكان من الجميل أن تكون لجنة التحكيم كلها من النساء، وهذا يبرز أهمية المهرجان ويعكس قوتنا كنساء في مجال الفن”.
وتُظهر هذه الكلمات كيف أن داليا لا تنظر فقط إلى جانب النجاح، بل تقدر أيضًا التجارب الغنية التي تعزز من مكانتها كفنانة، فتلك التجربة لم تكن مجرد وظيفة، بل كانت رحلة فنية مليئة بالتفاعل الإيجابي مع ثقافة وفن مختلفين.
وبالحديث عن مقياس نجاح الفيلم أو العمل الإبداعي في زمن السوشيال ميديا، قالت “هناك نوعان من النجاح: النجاح التجاري الذي يُحقق العائد للمنتج، والنجاح الفني الذي يعتمد على جودة الفيلم منحيث الكتابة والتمثيل والتصوير، وتؤكد داليا أن هناك أفلامًا قد لا تحقق رواجا تجاريا، لكنها تظل ناجحة من الناحية الفنية”.
ومن خلال تجربتها في المغرب ورؤيتها للنجاح، تبرز داليا البحيري كنموذج للفنانة الواعية التي تتبنى الفنون كوسيلة للتعبير والتواصل، سواء مع جمهورها أو مع الزملاء في المسرح أو في السينما تجسيدًا لحبها للفن وللناس.
وفي السنوات الأخيرة لم تظهر الكثير من الأعمال الجديدة لداليا البحيري، وهو ما أثار تساؤلات كثيرة حول سبب غيابها عن الساحة الفنية. أوضحت الفنانة ذلك لصحيفة “العرب” بالقول: “لا يوجد فنان يحب الابتعاد عن الفن، فالأمر ليس اختيارًا بل يتوقف على العروض التي تُقدم لي، ولم أجد أعمالا تضيف لي قيمة أو تطورني كممثلة، فالابتعاد هو حفظ لماء الوجه والكرامة، وأريد أن أحافظ على الاحترام الذي حصلت عليه من الجمهور، وللأسف، هناك أزمة تمر بها صناعة السينما والدراما في مصر، حيث أن هناك مركزية في الإنتاج وبعض الشركات تحتكر المجال، وإنه مؤسف أن أرى فنانين قدامى مثلنا لا يحصلون على فرص عمل. هناك زملاء كثيرون يحتاجون لفرص أيضًا، وأمل أن تتحسن الأوضاع وأن نرى حراكًا في الصناعة. نحن نحتاج لأعمال ذات مستوى عالٍ، كما علينا تقدير الأجيال التي ساهمت في هذا المجال”.
وعبرت داليا البحيري عن علاقتها بالكوميديا وحبها لهذا النوع من الفن بالقول: “أحب الكوميديا جدا، ولم أكن أتخيل أن ألعب دورا كوميديا، لكن الفنان قادر على تقديم الكوميديا من خلال الموقف بسهولة، كتجربتي مع مسلسل “يوميات زوجة مفروسة أوي”، حيث استمتعت بأدائها، وعكس ما يظنه الناس فالكوميديا ليست سهلة، فمن السهل أن تبكي الناس لكن الصعب هو أن تجعلهم يضحكون”.
◄ هناك أزمة تمر بها السينما والدراما في مصر حيث أن هناك مركزية في الإنتاج وبعض الشركات تحتكر المجال
وتؤكد داليا البحيري أهمية الانضباط في الأعمال الفنية اليوم، مشيرة إلى أن الأعمال التي يقودها كبار الفنانين عادة ما تكون أكثر انضباطًا، مثل الفنان الكبير عادل إمام، فقد كنا نعمل 12 ساعة وكان هناك انضباط واضح، ولم أشعر بالتعب بل كان كل شيء مرتبًا، وأريد أن أقدم أعمالًا تليق بجمهوري، وأتمنى أن أكون دائمًا متواجدة في الساحة الفنية، وأعمل الآن مع الفنان هاني رمزي وأنا سعيدة بعودته للإنتاج”.
يذكر أن داليا البحيري وُلدت في مدينة طنطا بمحافظة الغربية، حيث بدأت مسيرتها بالنجاح منذ أن حصلت على لقب “ملكة جمال مصر”، ما قادها للظهور في مسابقات عالمية وتمثيل وطنها بنجاح. تخرجت من كلية السياحة والفنادق، وعملت كمرشدة سياحية، ثم انتقلت إلى مجال تقديم البرامج وعرض الأزياء، وهو ما مهّد لدخولها إلى عالم التمثيل لتصبح إحدى أبرز الوجوه النسائية في السينما المصرية.
وتميزت داليا بقدرتها على أداء الأدوار المعقدة، إذ بدأت مسيرتها الفنية بأداء دور “سعاد” في فيلم “علشان ربنا يحبك”، وتوالت نجاحاتها في السينما مع أفلام مثل “محامي خلع” و”حريم كريم” و”السفارة في العمارة”، ولم يكن التمثيل مجالها الوحيد، فقد حصلت على لقب سفيرة للنوايا الحسنة عام 2010، وركزت جهودها على دعم حملات التوعية الصحية.
ولمع اسمها في الدراما التلفزيونية في عدد من الأعمال التي أصبحت علامات بارزة، مثل مسلسل “يوميات زوجة مفروسة أوي”، الذي قدمت من خلاله شخصية “إنجي” التي حازت على إعجاب الجمهور. ويمكن القول إنه على مدار أكثر من عشرين عامًا من العطاء، أثرت داليا الساحة الفنية العربية بأدوارها السينمائية والتلفزيونية.