دافوس الصحراء يفتح أبواب السعودية للاستثمار الأجنبي

تدفق كبار مستثمري العالم يختبر استعدادات الدخول في عهد اقتصادي جديد.
الاثنين 2019/10/28
بوابة لعهد اقتصادي جديد

تستعد السعودية لفتح أبوابها أمام الاستثمارات العالمية بطريقة غير مسبوقة مع انعقاد “مبادرة مستقبل الاستثمار” التي يطلق عليها أيضا دافوس الصحراء هذا الأسبوع وسط تسابق المستثمرين العالميين، بعد أن سجلت السعودية أكبر قفزة هائلة في مؤشر ممارسة الأعمال الذي أصدره البنك الدولي الأسبوع الماضي.

الرياض - تستقبل السعودية غدا العشرات من أكبر مسؤولي صناديق الاستثمار العالمية وسط حالة من التفاؤل الشديد بعد انحسار تداعيات مقتل الصحافي جمال خاشقجي التي هيمنت على أعمال “مبادرة مستقبل الاستثمار” في العام الماضي.

وسجل مؤتمر “دافوس الصحراء” الذي يستمر من الثلاثاء إلى الخميس إقبالا غير مسبوق من المستثمرين العالميين، بعد أن قطع برنامج الإصلاحات شوطا كبيرا في الأشهر الماضية، توجته الرياض بفتح أبواب التأشيرات السياحية.

وكان الكثير من قادة الأعمال والسياسيين قد انسحبوا من المشاركة في مؤتمر العام الماضي في اللحظة الأخيرة بسبب الجدل الذي خلفه مقتل خاشقجي، لكنهم عادوا هذا العام للتسابق لحضور المؤتمر في نسخته السنوية الثالثة.

ستيفن هيرتوغ: أكبر حدث في الفعاليات المرتبطة بالأعمال في السعودية
ستيفن هيرتوغ: أكبر حدث في الفعاليات المرتبطة بالأعمال في السعودية

وسيكون من أبرز المشاركين في المنتدى، رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ورئيس البرازيل جايير بولسونارو، إضافة إلى وفد أميركي كبير يقوده وزير الخزانة ستيفن منوتشين ويضم جاريد كوشنير، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومستشاره.

ويقول الأستاذ في كلية لندن للاقتصاد ستيفن هيرتوغ إن مبادرة مستقبل الاستثمار سوف تكون “أكبر حدث ضمن قائمة الفعاليات السنوية المرتبطة بالأعمال في السعودية”.

وذكرت وسائل إعلام أميركية أن شركات أميركية كبرى ستشارك في المؤتمر، عبر مسؤولين كبار بينهم رؤساء جيه.بي مورغن وسيتي غروب، في وقت تسعى فيه المصارف للحصول على دور في عملية الطرح الأولي الوشيك لحصة في شركة أرامكو العملاقة.

ويأتي المؤتمر بعد أيام على تحقيق السعودية قفزة هائلة في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال 2020 الصادر عن البنك الدولي، حيث تقدمت 30 مرتبة، لتصبح بذلك الدولة الأكثر تقدماً وإصلاحا بين 190 دولة حول العالم.

ومن المقرر أن يحضر ماسايوشي سون، مؤسس مجموعة سوفتبنك ورئيسها التنفيذي، حيث سيحاول جمع التمويل لصندوق “رؤية سوفتبنك 2” بعد أن ساهم صندوق الثروة السيادي السعودي بنحو 45 مليار دولار في الصندوق الأول.

وتسعى الرياض لاستقطاب الاستثمار الأجنبي من أجل تمويل مشاريع خارج قطاع النفط مثل الصناعات التحويلية والتكنولوجيا المتقدمة، بهدف خلق ملايين الوظائف للسعوديين.

وتحثّ الرياض الخطى لطرح حصة في أرامكو لاستخدام الأموال في تعزيز قدرة صندوقها السيادي على دعم مشاريع محلية عملاقة مثل مدينة نيوم المستقبلية، التي أُعلن عنها خلال مؤتمر 2017 والتي تسعى لجذب استثمارات بقيمة 500 مليار دولار.

ولم يتحقق أي تقدم يذكر في المشروع باستثناء تشييد مطار وقصور ملكية. لكن المتحدثة باسم شركة نيوم أكدت أن المحادثات متواصلة مع عدد كبير من المستثمرين المحتملين الأجانب والمحليين.

وقال روبرت موجيلنيكي، الباحث المقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن إن “توقيع الاتفاقات التجارية عظيم للعلاقات العامة، لكن ما تحتاجه السعودية هو انتقال العديد من مبادرات التنمية من حيز الفكرة إلى حيّز التنفيذ بالتعاون مع شركاء أجانب من القطاع الخاص”.

ويظل طرح أرامكو، الذي يستهدف ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من ورائه تقييم الشركة بنحو تريليوني دولار، أكبر عامل جذب للمستثمرين في السعودية.

وكان من المقرر أن تعلن الرياض في 20 أكتوبر الجاري خطط إدراج نسبة تتراوح بين واحد واثنين بالمئة في سوق الأسهم السعودية، في عملية قد تصبح الأكبر من نوعها على الإطلاق بناء على التقييم.

روبرت موجيلنيكي: المؤتمر سوف يمثل تقييما للقواعد التجارية وإجراءات الشفافية
روبرت موجيلنيكي: المؤتمر سوف يمثل تقييما للقواعد التجارية وإجراءات الشفافية

لكن ذلك تأجل. وأبلغ مستشار البنوك المشاركة أن أرامكو تريد الانتظار لحين نشر نتائجها للربع الثالث من العام من أجل تدعيم ثقة المستثمرين عقب هجمات على منشأتين للشركة في الشهر الماضي، أدت إلى تراجع إنتاج النفط السعودي. ونسبت وكالة رويترز إلى مصادر مطلعة تأكيدها أن الرياض بحاجة لمزيد من الوقت من أجل استقطاب مستثمرين رئيسيين للإدراج.

أما برنامج الخصخصة للمؤسسات الحكومية الأخرى، فلا يزال بعيدا عن الوصول إلى هدف تحقيق إيرادات غير نفطية تتراوح بين 9.33 إلى 10.66 مليار دولار بحلول العام المقبل.

وقال متحدث باسم المركز السعودي للتخصيص إن خمس صفقات شراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال البنية التحتية تم إبرامها منذ ديسمبر الماضي باستثمارات جديدة تتجاوز 13 مليار دولار في العامين إلى الثلاثة أعوام القادمة.

ويرى ريتشارد سيغال من مانولايف لإدارة الاستثمار أن “الفرص المتاحة حتى الآن تتركز في الأسهم المدرجة والاستثمار المباشر، أما الخصخصة أو الطروح العامة الأولية فظلت تقتصر على قطاع النفط والغاز”.

وسبق أن سعى الأمير محمد لخطب ود وادي السيليكون بزيارات إلى شركات مثل فيسبوك ومايكروسوفت في 2016 و2018. وكانت أبل وأمازون تجريان محادثات في 2017 لإقامة حضور لهما في السعودية، لكن مصادر قالت إنها لم تتحول إلى صفقات.

وأحجمت فيسبوك وأبل عن التعليق بشأن مشاركتهما في مؤتمر الأسبوع الحالي، في وقت أعلنت فيه شركة سامسونغ أن رئيسها التنفيذي سيوقع خلال المناسبة مذكرة تفاهم مع منتجع القدية الترفيهي السعودي، حسبما أعلنته شركة المشروع.

ويعد الحضور الأميركي الكبير من العلامات البارزة على فرص نجاح المؤتمر، بعد أن أكد ترامب أهمية السعودية كحليف استراتيجي. كما أكد ديفيد مالباس مدير البنك الدولي أنه سيحضر مؤتمر الأسبوع الحالي.

وقال موجيلنيكي إن “مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار قد يكون اختبارا فوريا، لكن الاختبار الحقيقي لثقة المستثمرين في السعودية سيتضمن تقييما بعيد المدى لاتجاهات الاستثمار الأجنبي المباشر والقواعد التجارية وإجراءات الشفافية”.

11