داعش يظهر مجددا في ليبيا: هذه المرة في الجنوب

تونس - يبعث الهجوم الذي شنه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في مدينة القطرون جنوب ليبيا على قوات الجيش رسائل مفادها أن التنظيم لا يزال حاضرا هناك وقادر على التحرك في أي منطقة.
وكان التنظيم قد سيطر سنة 2015 على مدينة سرت غربي البلاد، وقبلها على درنة عام 2014 قبل أن يبث زعيمه السابق أبوبكر البغدادي تسجيلا صوتيا أعلن فيه قبوله لمبايعات الولاء من مؤيديه في خمس دول -ضمت ليبيا- وأعلن عن إقامة ثلاث ولايات فيها: برقة في الشرق وفزان في الجنوب وطرابلس في الغرب.
والخميس خاض الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر معارك دامية مع التنظيم أفضت إلى مقتل 23 عنصرا من عناصره في القطرون ما فاقم المخاوف من عودة قوية محتملة للتنظيم الذي تلقى ضربات موجعة غير أن بعض العوامل قد تُسهم في عودته.
وتصاعدت الخلافات بين الجيش الليبي، الذي خاض مواجهات أدت إلى تحجيم نفوذ داعش والقضاء عليه في عدة مناطق في ليبيا على غرار درنة وبنغازي وغيرهما، وحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة برئاسة عبدالحميد الدبيبة، وهي حكومة رفضت مؤخرا صرف رواتب عناصر الجيش.
وقال المحلل السياسي محمد قشوط إن “الجنوب يمثل منطقة رخوة وحدودها الطويلة الممتدة مع دول تشاد والنيجر والجزائر وصعوبة تضاريسها تُسهل على التنظيم التحرك فيها لحماية نفسه واتخاذها قاعدة انطلاق للتمدد نحو مدن أخرى في الشمال والشرق، ولهذه الأسباب يفضل التنظيم التحرك فيه”.

محمد قشوط: الجنوب منطقة رخوة تُسهّل على داعش التحرك واتخاذها قاعدة للتمدد نحو مدن أخرى
وأضاف قشوط في اتصال هاتفي مع “العرب” أن “تحركات تنظيم داعش، التي حدثت في جبل عصيدة غرب منطقة القطرون بالجنوب الليبي والتي أسفرت عن مقتل 19 شخصا من عناصره بعد مواجهات خاضها الجيش الليبي ضده على مدار يومين متتاليين، ترتبط ارتباطا وثيقا بتحركات التنظيم في العراق وسوريا في مدينة الحسكة، وفي رأيي الخاص هذه التحركات توحي بأن التنظيم يريد أن يثبت وجوده من خلالها”.
وتابع مستدركا “إلا أن التفكير يذهب بنا إلى فكرة أن اختيار توقيت الهجمات مازال يؤكد نظرية أن التنظيم ما وجد إلا من خلال عمل مخابراتي يهدف إلى استمرار زعزعة أمن دول عربية لاستدامة الفوضى وإنهاك جيوشها”.
وبالرغم من أن الجيش الليبي يحاول بعث رسائل طمأنة بشأن تأمينه لجنوب البلاد وشرقها والإيحاء بأنه لم يبق لداعش إلا مجرد فلول فإن الخلافات المتنامية بينه وبين الدبيبة وحكومته واستمرار تهميش إقليم فزان (جنوب) يثيران المخاوف من قدرة داعش على العودة بقوة ولملمة صفوفه، لاسيما في ظل تعثر العملية السياسية بعد انهيار الانتخابات في وقت سابق.
وقال قشوط إن “العمليات في القطرون خاضها الجيش الليبي عبر وحداته وألويته المعززة ولا أحد يجهل سيطرة الجيش على الجنوب بكامله وانعدام وجود حكومة الدبيبة التي تجاهلت عدة هجمات سابقة دون أن تترحم على شهداء الجيش واختارت هذا الحدث لكي تنسبه إلى نفسها كمحاولة لتصدير صورة تفيد بأنها مكافحة للإرهاب وأخرى لإنقاذ نفسها، خصوصا أنها تعد أيامها الأخيرة في ظل الذهاب نحو تشكيل حكومة جديدة خلال الأسبوعين القادمين”.
وفجر الهجوم الأخير لتنظيم الدولة الإسلامية سجالات بين الدبيبة والجيش، وذلك على خلفية إعلان وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية عن المشاركة في هذه العملية ومقتل ثلاثة عناصر أمنية تابعة لها في الاشتباك الأخير.
واتهم الناطق باسم القيادة العامة للجيش، اللواء أحمد المسماري، الدبيبة وحكومته “بسرقة الانتصار الذي حققه الجيش”.
وقال المسماري في مؤتمر صحافي عقده مساء الجمعة، وهو أول مؤتمر له منذ أشهر، إن العملية نفذتها القوات المسلحة دون غيرها، وأسفرت عن مقتل 24 إرهابيا منهم 4 انتحروا بأحزمة ناسفة، وأسر آخر، إضافة إلى مقتل 4 من القوات المسلحة في معركة الـ44 ساعة.
وأضاف أنه “تم توجيه كل الإمكانيات للقضاء على بقايا داعش في الجنوب الليبي، وسط تعاون المواطنين في الجنوب”، موضحا “كما أرسلت القيادة العامة إمدادات عسكرية لقطع الطريق على أي تحركات لبقايا التنظيم”. وشدد على أن داعش يتحرك في مجموعات منفصلة على طول الحدود مع تشاد والنيجر والجزائر.
اقرأ أيضاً: داعش يعود.. لكن هل غاب التنظيم أصلا؟