خلاف يعرقل حل ملف المؤسسات الإعلامية المصادرة في تونس

حالة من الغموض والإرتباك تعيشها المؤسسات الإعلامية المصادرة في تونس في ظل المشاكل المالية التي تهدد ديمومتها وتباطؤ الحكومة في تنفيذ تعهداتها.
الجمعة 2021/02/12
ملف عالق منذ سنوات

تونس- استنكرت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين والجمعية العامة للإعلام عدم جدية الحكومة الحالية في معالجة ملفات مؤسسات الإعلام المصادرة وغياب الشفافية والوضوح في إعادة الهيكلة، ودعتا العاملين في هذه المؤسسات إلى الاستعداد لخوض كل الأشكال الاحتجاجية دفاعا عن مؤسساتهم.

وأفادت النقابة والجمعية في بيان مشترك الأربعاء بأن وفدا نقابيا يضم ممثلين عنهما إلى جانب ممثلي فروع النقابتين في كل من إذاعة “شمس أف.أم” و”دار الصباح” ومؤسسة “كاكتوس برود” انسحب من جلسة عمل انعقدت الأربعاء مع وزير الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار بمقر الوزارة، بعد رفضه التوقيع على أي محضر اتفاق في التعهدات التي كان قدمها شفويا بحجة أن الجلسة هي فقط لتبادل الآراء والنقاش وليس للتفاوض.

وأدانتا استخفاف الوزير بحجم المشاكل التي تعيشها المؤسسات الإعلامية المصادرة والتي تهدد ديمومتها، معربتين عن رفضهما لطريقة تعامله مع الهياكل النقابية وما أبداه من إقصاء وأحادية في التعامل مع هذه الملفات.

دار "الصباح" تعتبر من أعرق المؤسسات الإعلامية التونسية، إذ يعود تاريخ تأسيسها إلى سنة 1953
دار "الصباح" تعتبر من أعرق المؤسسات الإعلامية التونسية، إذ يعود تاريخ تأسيسها إلى سنة 1953

ويعتبر ملف الإعلام المصادر تحديا للحكومة الحالية، بعد أن فشلت الحكومات المتعاقبة في حله، إذ صادرت الدولة التونسية هذه المؤسسات بعد ثورة يناير 2011 وعينت إدارات خاصة للإشراف عليها إلى حين بيعها للقطاع الخاص. إلا أنّه لم يطرأ أي تغيير على هذه المؤسسات التي تعيش حالة من الغموض والارتباك أثرت على سير العمل فيها، ما جعلها تعاني من مشاكل مالية كبرى انعكست على الصحافيين العاملين فيها.

ودار “الصباح” من أعرق المؤسسات الإعلامية التونسية، إذ يعود تاريخ تأسيسها إلى سنة 1953 وتصدر ثلاث صحف، اثنتان يوميّتان وواحدة أسبوعية، وتعاني من فوضى غير مسبوقة.

ومؤسسة “كاكتوس برود” تعاني أيضا من تردي الأوضاع الاجتماعية والإدارية حيث لا يتمتع الصحافيون والعاملون بالمؤسسة بالتغطية الاجتماعية مع عودة المضايقات والوعيد بالطرد التعسفي لمجرد الاختلاف في الآراء مع المتصرف القضائي، إضافة إلى غياب الشفافية في طريقة التعيينات في مؤسسة مصادرة تحت إشراف الدولة.

والمتصرف القضائي هو مدير عام يُعيّنه القضاء التونسي للإشراف على المؤسسات المصادرة، لأنّه لم يتم الحسم في وضعيّتها القانونيّة بعد عملية المصادرة.

أما إذاعة “الزيتونة للقرآن الكريم”، ورغم أنها تعيش وضعا ماليا مستقرا نسبيا، إلا أنها تعاني من فوضى تسيير العمل. وجرى الاتفاق بين النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) على إلحاقها بالإذاعة العمومية (الرسمية)، لكن ذلك لم يتحقق حتى الآن.

وحمّلت كل من النقابة والهايكا المسؤولية للحكومة لتباطئها في تنفيذ تعهداتها بإلحاق إذاعة الزيتونة بالإعلام العمومي، وذلك في إطار سياسة الوفاق والتنازلات مع حركة النهضة. وهي سياسة جعلت البعض يتهم “النهضة” بالرغبة في السيطرة على هذه الإذاعة وتوظيفها لأغراضها السياسية من خلال تعيين مدير للتحرير فيها لا علاقة له بالمجال الإعلامي وينتمي سياسيا للحركة.

كما أن إذاعة “شمس أف.أم” ينتظر العاملون فيها عملية بيعها لمستثمر خاصّ أو مستثمرين شريطة الالتزام بالتعهدات والاتفاقات السابقة الخاصة بعملية الخصخصة، في إطار ضمان حقوق الصحافيين والعاملين بالمؤسسة مع التأكيد على استمرارية الإذاعة في العمل.

ويقول متابعون للأوضاع الإعلامية في تونس إن وضعية هذه المؤسسات مرشحة للتصعيد، في ظل التجاذبات السياسية وإقحام ملف الإعلام بالمصالح الحزبية ورغبة كل طرف في السيطرة على هذه المؤسسات لخدمة أجنداته السياسية.

18