خطوة ليبية على طريق استعادة السيطرة على الأصول المالية في الخارج

رحبت ليبيا بالقرار الصادر الخميس عن مجلس الأمن الدولي والذي ينص على السماح للمؤسسة الليبية للاستثمار بإعادة استثمار أصولها المالية في الخارج مع بقائها مجمدة، استجابة لطلب المؤسسة لاستثمار الأرصدة النقدية، للمحافظة على قيمتها وتجنب الخسائر. ووصفت المؤسسة الليبية للاستثمار القرار بأنه خطوة نحو تعديل تدابير تجميد الأصول الليبية للسماح بإعادة استثمارها، وقالت إنه يعكس نجاحها في تعزيز الحكومة والشفافية، واعتماد المعايير الدولية لإعداد القوائم المالية المجمعة.
واعتبرت المؤسسة، في بيان لها الجمعة، أن القرار رقم 2769 للعام 2025 نص على السماح لها “باستثمار الاحتياطيات النقدية المجمدة في ودائع زمنية لدى المؤسسات المالية الدولية قليلة المخاطر مع بقائها مجمدة مع عوائدها،” كما كفل القرار للمؤسسة “إعادة استثمار النقد المتراكم لدى مدراء صناديق الاستثمار مع بقائه وعوائده مجمدة.” ونص القرار أيضا على إعادة النظر خلال الفترة المقبلة في باقي بنود خطة إعادة استثمار الأصول المجمدة قصيرة المدى، التي سبق وأن قدمتها لمجلس الأمن في بداية العام الماضي، وفق البيان.
ورأت المؤسسة أن القرار يعكس الثقة العالية التي بنتها على المستوى الوطني والدولي، وجهودها خلال السنوات الماضية لتعزيز الحوكمة والشفافية والامتثال لمبادئ سانتياغو، إلى “جانب نجاح المؤسسة في اعتماد المعايير الدولية لإعداد القوائم المالية المجمعة وتدقيقها واعتماد إستراتيجية واضحة لإدارة الأصول، ما انعكس على تعزيز مكانة المؤسسة كصندوق سيادي ملتزم بأعلى المعايير الدولية.”
وأكدت أن سماح مجلس الأمن بإعادة استثمار الاحتياطيات النقدية المجمدة جاء نتيجة جهد مشترك مع اللجنة الخاصة المعنية بليبيا التابعة للمجلس على مدار السنوات الماضية لمعالجة الآثار السلبية للتدابير المفروضة على أصول المؤسسة منذ العام 2011.
وأبرزت المؤسسة أن هذا القرار بشكل خطوة في الاتجاه الصحيح لتعديل تدابير تجميد الأصول، والسماح بإعادة استثمارها لتعظيم قيمتها، والمحافظة عليها من مخاطر التآكل وفقد القيمة، معبرة عن تطلعها للتعاون مع اللجنة المعنية بليبيا من أجل اعتماد باقي بنود خطة إعادة استثمار الأصول المجمدة “لتحقيق أهداف وفلسفة فرض تدابير تجميد الأصول الليبية للمحافظة عليها لصالح الشعب الليبي.”
وأشادت المؤسسة بتفهم وتعاون جميع الدول الأعضاء في اللجنة المعنية بليبيا مع جهود المؤسسة لمعالجة الآثار السلبية المترتبة على تنفيذ تدابير تجميد الأصول الليبية، مشيرة إلى أن قرار مجلس الأمن نص على استمرار هذه الأصول والعوائد المحققة مجمدة وفقا لتدابير التجميد الصادرة بموجب قرارات المجلس، وأنها لا تسعى لرفع تدابير تجميد الأصول وإنما إعادة استثمارها مع بقائها مجمدة.
بدوره أشاد رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة بقرار مجلس الأمن الدولي الذي يسمح للمؤسسة الليبية للاستثمار بإدارة أصولها المجمدة، والتي تقدر بـ70 مليار دولار. وأكد الدبيبة على أن هذا القرار يمثل خطوة تاريخية نحو تعزيز السيادة المالية لليبيا وحماية أصولها في الخارج، موضحا أن هذا الإنجاز هو ثمرة جهود حكومة الوحدة في تحسين الحوكمة والشفافية داخل المؤسسة الليبية للاستثمار، مما عزز ثقة المجتمع الدولي وأدى إلى اتخاذ هذا القرار الهام.
وأبرز الدبيبة أن السماح بإدارة الأصول المجمدة سيدعم الاقتصاد الليبي، ويعزز قوة الدينار الليبي، مما سينعكس إيجابيا على الوضع الاقتصادي للبلاد، مردفا في بيان له الجمعة “نؤكد على التزامنا بمواصلة العمل لفك الحصار المفروض على أموال الشعب الليبي منذ عام 2011، باعتبارها حقًا سياديا لا يمكن التنازل عنه.”
وصاحبت القرار الصادر عن مجلس الأمن جملة من الشروط من بينها أن تكون تلك الودائع لدى مؤسسة مالية تقع داخل حدود الولاية القضائية التي توجد بها حاليا الاحتياطيات النقدية المجمدة، وبقاء الودائع وفوائدها مجمدة، وأن تكون الخطوة بالتشاور مع الحكومة الليبية المعترف بها، وبعد إخطار اللجنة من جانب الدولة العضو أو الدول الأعضاء المعنية التي تكون الأصول محتجزة لديها، على أن توافق على ذلك الاستثمار، مع خضوع كل استثمار جديد لتلك الودائع وما تراكمه من فوائد.
وسمح القرار باستثمار الاحتياطيات النقدية المجمدة في أدوات الإيرادات الثابتة، شريطة أن تظل تلك الأدوات وما تراكم من إيرادات مجمدة أيضا كما اشترط إخطار اللجنة من جانب الدولة العضو أو الدول الأعضاء المعنية للحصول على الموافقة مع تقييم كل استثمار جديد لتلك الأدوات على أساس كل حالة على حدة ومراعاة الظروف المحددة في ذلك الوقت، ودعا فريق الخبراء إلى تقييم أثر تلك الاستثمارات وأدائها وتقديمها في تقارير نهائية بشكل سنوي.
وحث القرار الدول الأعضاء على التقليل من مخاطر تحويل الأصول واختلاسها وعدم الامتثال لتدابير تجميد الأصول، وقال إنه يشجع تلك الدول على التعاون مع مؤسسة الاستثمار الليبية، من خلال تزويدها بالمعلومات المتعلقة بالأصول متى اقتضت الحاجة إليها، داعيا رئيس لجنة الدولة العضو المعنية إلى إبلاغ البعثة الدائمة لدولة ليبيا بالنتائج النهائية لنظر اللجنة في إخطارات الإعفاء والطلبات المقدمة من الدول الأعضاء بشأن الأصول للمؤسسة دون أن يشكل أيّ سابقة، كما قرر تشجيع الدول الأعضاء صاحبة الإخطار على إبلاغ المؤسسة عند تقديم طلب إعفاء يتعلق بأصول مجمدة تعود ملكيتها للمؤسسة، على أن تقوم الأخيرة كذلك بإبلاغ الحكومة بحسب الاقتضاء.
وأوضح مستشار المؤسسة الليبية للاستثمار لؤي القريو أن قرار مجلس الأمن الدولي يسمح للمؤسسة الليبية للاستثمار بإعادة استثمار أصولها المالية في الخارج مع بقائها مجمدة، استجابة لطلب المؤسسة لاستثمار الأرصدة النقدية غير المستثمرة للمحافظة على قيمتها وتجنب الخسائر، وأضاف في تصريح صحفي أن القرار يُعطي الحق باستثمار النقد غير المستثمر أما في ودائع لدى بنوك تختارها المؤسسة أو في سندات مع شرط بقائها مجمدة، حيث قدمت خطة استثمار تحتوي على خمسة طلبات، تمت الموافقة على طلبين من مجلس الأمن كمرحلة أولى، وعلى أن تعيد تقديم الطلبات الأخرى هذه السنة لمناقشتها مجدداً.
وتابع القريو أن جميع طلبات الاستثمار التي قدمتها المؤسسة الليبية للاستثمار تهدف إلى إعادة توظيف الأموال المجمدة غير المستثمرة، مع بقائها مجمدة، ولم تقدم المؤسسة طلب الإفراج عن الأموال المجمدة، بل قدمت خطة إعادة استثمارها مع بقائها مجمدة للحفاظ على قيمتها لافتا إلى أن قيمة الأصول المستهدف استثمارها بناء على هذا القرار تبلغ 10 مليارات دولار تقريباً، وسيتم استثمارها في ودائع لدى البنوك الأجنبية، وسندات حكومية، كما أن السياسة الاستثمارية للمؤسسة الليبية للاستثمار تتطلب التعامل مع البنوك ذات التصنيف الائتماني (BBB).
ولدى المؤسسة، التي تعتبر أكبر صندوق ثروة سيادي في أفريقيا، أصول تقدر قيمتها بنحو 70 مليار دولار، منها 29 مليار دولار في قطاع العقارات عبر العالم، و23 مليار دولار ودائع استثمار في أوروبا والبحرين، و8 مليارات في الأسهم موزعة على أكثر من 300 شركة حول العالم. كما لديها نحو ملياري دولار من السندات المستحقة.