خطوات دولية حذرة في التعامل مع المجلس العسكري في مالي

فرنسا تعلق العمليات العسكرية المشتركة مع القوات المالية.
السبت 2021/06/05
لا تأثير للإجراءات الدولية على المجلس العسكري في مالي

لجأت الأسرة الدولية إلى إجراءات محدودة في التصدي للانقلاب الأخير في مالي حيث طغت حسابات أمن المنطقة التي تواجه خطر الجماعات الجهادية واستقرار الدولة المنهكة أصلا على تلك الإجراءات ما يُصعّب من عملية عودة المدنيين إلى السلطة.

باريس - يُراهن المجتمع الدولي على إجراءات محدودة لإرغام المجلس العسكري في مالي على إعادة السلطة إلى المدنيين وهي إجراءات تُحتمها التحديات التي تعيشها المنطقة وبالأساس حربها ضد الجماعات الجهادية.

وعكست الإجراءات التي اتخذتها منظمات إقليمية وشركاء مالي حذرا في التعامل مع المجلس العسكري، فهؤلاء لا يريدون قطيعة معه حرصا منها على مواصلة القتال ضد الجهاديين في المنطقة ومنع البلاد من السقوط في الفوضى.

وخلال الانقلاب الذي وقع في أغسطس 2020 أغلقت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا حدودها وأوقفت مبادلاتها المالية والتجارية مع مالي لفرض انتقال مدني عسكري خلال فترة محددة.

وبعد ثمانية أشهر وفي مواجهة الكولونيل أسيمي غويتا الذي أُعلن رئيسا هذه المرة بعد أن أطاح بالمدنيين الذين يتولون السلطة التنفيذية، علقت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا عضوية مالي في هيئاتها مطالبة بتعيين “فوري” لرئيس وزراء مدني جديد والإبقاء على الانتخابات في بداية 2022.

ويقول جان إيرفيه جيزيكيل الخبير في منطقة الساحل في مجموعة الأزمات الدولية إن “هذه الإدانات ليست سوى على الورق بشكل أساسي”.

وانضم الاتحاد الأفريقي وفرنسا الشريك الرئيسي لمالي في الحرب ضد الإرهاب مع قوة برخان (5100 رجل) إلى مجموعة غرب أفريقيا في موقفها.

وذهبت باريس مساء الخميس إلى أبعد من ذلك بإعلانها تعليق العمليات العسكرية المشتركة مع القوات المالية من دون أي تعديل كبير في مهمة برخان.

كارولين روسي: فرنسا اتخذت قرار الحد الأدنى، ويصعب تحديد تأثيره على الماليين

وشددت وزارة الجيوش الفرنسية في بيان على أن “المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي حددا شروطا وخطوطا حمراء لتوضيح إطار عملية الانتقال السياسي في مالي” و”بانتظار هذه الضمانات قررت فرنسا (…) تعليق العمليات العسكرية المشتركة مع القوات المالية مؤقتا فضلا عن المهمات الاستشارية” المقدمة لها.

وقالت كارولين روسي من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس إنه “قرار الحد الأدنى” ويصعب تحديد تأثيره على القادة الماليين.

وقال أبوبكر حيدرة الباحث في مركز “الأفارقة في العالم” في معهد العلوم السياسية في بوردو “كان من المتوقع أن يكون المجتمع الدولي ولاسيما المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا حازما ضد المجلس العسكري (…) العسكريون عززوا موقعهم ويمكن أن نتساءل ما إذا كانوا يرون حدودا لما يفعلونه بعد الآن”.

ولكن عقوبات جديدة كان من الممكن أن تهز قليلا مالي الدولة المهمة للاستقرار الإقليمي، والمنهكة بسبب انهيار مؤسسات الدولة والفقر وصعود التيار الجهادي الذي لم يتوقف خلال عشر سنوات.

وقالت كارولين روسي إن شركاء مالي لم يرغبوا في أن “يتعرض السكان لمزيد من الصعوبات وأن يشكل ذلك في نهاية المطاف نعمة للإرهابيين”.

ورأى جيزيكيل أن الماليين لم يتصدوا بقوة “للانقلاب على الانقلاب”، معتبرا أن “في غياب تعبئة شعبية بدا أن مجموعة غرب أفريقيا تقف ضد المجلس العسكري والماليين”.

وهناك عامل إضافي للتعامل مع العسكريين بهذه الطريقة، وهو “السابقة التشادية” وفقا لخبراء.

فبعد مقتل الرئيس إدريس ديبي إيتنو في أبريل، أقر الاتحاد الأفريقي وفرنسا باسم الأمن الإقليمي تولي المجلس العسكري في نجامينا السلطة بقيادة ابن الرئيس الراحل.

وصرح بوكار سانغاري الباحث ورئيس تحرير الموقع الإخباري المالي بينبيري أن “المجتمع الدولي لم يتمكن من التأثير على الوضع على الإطلاق، فقد السيطرة (…) وفي هذا الوضع بدا اتخاذ موقف حاسم حيال مالي أمرا معقدا”.

وزارة الجيوش الفرنسية شددت في بيان على أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي حددا شروطا وخطوطا حمراء لتوضيح إطار عملية الانتقال السياسي في مالي

وفي الحالتين تثير مسألة واحدة القلق وهي مواصلة التصدي لخطر الجهاديين الذي يمتد من مالي إلى الدول المجاورة وتبدو تشاد وهي من البلدان القليلة في المنطقة التي تمتلك جيشا قويا، لاعبا رئيسيا على الساحة الأمنية في المنطقة.

وتساءل جان إيرفيه جيزيكيل “ما هو الأهم في نظر شركاء مالي، مرحلة انتقالية بقيادة مدنيين أم حكومة تسمح بمواصلة القتال ضد الجهاديين؟”.

وأضاف “هناك تردد كبير في ممارسة ضغوط مبالغ فيها على المجلس العسكري الذي يعتبرون أيضا أنه تعاون بشكل جيد من وجهة نظر أمنية حتى الآن”.

وهدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بسحب قواته من مالي إذا “لم تعد هناك شرعية ديمقراطية أو عملية انتقال” في هذا البلد وإذا سارت باماكو “في اتجاه” الإسلام الراديكالي.

لكن الباحثة كارولين روسي رأت أن هذا التهديد مثل تعليق التعاون العسكري الثنائي يشير قبل كل شيء إلى “رغبة في التأثير على تشكيل الحكومة المالية الجديدة” حتى لا يتم تعيين شخصيات مقربة من الجهاديين فيها.

وبالنظر إلى التطورات الأخيرة يبدو أن المجتمع الدولي لا يستطيع التأثير كثيرا على الوضع السياسي في مالي.

وقال معهد الدراسات الأمنية في بريتوريا إن “الدروس المستخلصة من الانقلاب السابق تظهر أنه يجب التفاوض على حل دائم بين الأطراف في مالي”.

ويشدد جان إيرفيه جيزيكيل على أن “الماليين يجب أن يفعلوا ذلك بأنفسهم”.

5