خطة عراقية للاستعانة بالتكنولوجيا في دعم كفاءة صناعة النفط والغاز

إدخال التقنيات الحديثة في الإنتاج يقلص الإنفاق ويعزز الإيرادات.
الأربعاء 2021/07/14
التكنولوجيا تقلب حسابات الثروة النفطية

يسعى العراق وبدعم من شركات الطاقة العالمية للاستعانة بالتكنولوجيا لدعم كفاءة صناعة النفط والغاز في محاولة من الحكومة لتعزيز استدامة الاستثمارات في هذا القطاع مما يسمح لها بتقليص النفقات وتحصيل إيرادات أعلى مستقبلا رغم التحديات التي لا تزال تقف أمام تجسيد هذا الطموح.

بغداد – تسير خطط العراق لتحويل صناعة النفط إلى مجال أكثر كفاءة بخطى بطيئة في سبيل الابتعاد عن السياسة النفطية المرتبكة المليئة بالصراعات والوعود الفارغة التي اتسم بها القطاع لقرابة 18 عاما.

ويرى خبراء ومسؤولون عراقيون أن صناعة الطاقة المحلية تحتاج إلى انقلاب جذري عبر إدخال التكنولوجيا في سلسلة الإنتاج حتى يتمكن البلد من تحقيق أعلى استفادة من القطاع، رغم الظروف الاستثنائية التي لا يمكن مقارنتها بالظروف التي كانت متاحة للحكومات السابقة.

وترغب حكومة مصطفى الكاظمي في إلحاق العراق بركب البلدان التي تستخدم التكنولوجيا في صناعة النفط والغاز للمنافسة في السوق العالمية وأيضا زيادة القيمة في عمليات الإنتاج وبأقل ما يمكن من التكاليف.

ورغم أن الحكومة أطلقت قبل أشهر برنامجا لتنفيذ هذه الخطوة، لكن يبدو أنها تواجه بعض المعيقات، وهو ما يعكسه تشديد وزارة النفط على ضرورة المضي باعتماد برامج التحول الرقمي من قبل الشركات النفطية وبأسرع وقت.

كريم حطاب: اعتماد التكنولوجيا يقلل من الإنفاق والأخطاء ويضفي المرونة

ويؤكد وكيل الوزارة لشؤون الاستخراج كريم حطاب أن التحول الرقمي من أولويات الوزارة لاعتمادها في جميع قطاعات العمل الإدارية والفنية، ويعزز ذلك بالارتقاء بالبنى التحتية وتعزيز ثقافة العمل.

ونسبت وكالة الأنباء العراقية الرسمية إلى حطاب قوله خلال ورشة عمل عن التحول الرقمي نظمتها دائرة التدريب والتطوير بوزارة النفط مع شركة شلمبرغر العالمية، إن “اعتماد البرمجيات والتقنيات الحديثة سيقلل من الإنفاق والأخطاء، إضافة إلى تسريع العمل والإنجاز بفضل المرونة العالية التي يحققها في العمل”.

وأضاف أن “رقمنة جميع مرافق القطاع النفطي ستنعكس إيجاباً على خطط معدلات الإنتاج وفي تعزيز الإيرادات المالية، انسجاماً مع خطط التنمية المستدامة الداعمة للاقتصاد الوطني”.

وتأتي هذه الخطوة رغم تحذير وزير النفط العراقي إحسان عبدالجبار السبت الماضي من أن البيئة العراقية لم تعد مناسبة لاستقطاب الشركات الكبرى، حيث كشف عن سلسلة من القرارات اتخذتها كبريات شركات التنقيب الأجنبية المستثمرة في قطاع النفط المحلي.

ويعتمد العراق على إيرادات بيع النفط لتمويل نحو 95 في المئة من نفقات الدولة، ويعاني أزمة مالية خانقة جراء تراجع أسعار الخام بضغط من جائحة كورونا على الرغم من أنها تعافت بشكل واضح في الفترة الماضية حينما ارتفعت فوق حاجز السبعين دولارا.

وأدخلت شركات النفط الكبرى خلال السنوات القليلة الماضية تكنولوجيات مختلفة من الطائرات بدون طيار وتصميمات الحفر إلى إدارة البيانات بهدف خفض التكاليف واجتياز فترة التراجع الحاد في سوق النفط.

وأبرمت وزارة النفط العراقية في يناير الماضي اتفاقية مع شركة توتال الفرنسية لنقل التكنولوجيا في تطوير قطاع النفط والطاقة، وخصوصا في مشاريع الاستثمار الأمثل للغاز، والطاقة النظيفة والبنى التحتية وغيرها.

وتستخدم شركة توتال الفرنسية العملاقة للنفط والغاز حاليا المسيرات لتنفيذ عمليات تفقد في حقولها النفطية في أعقاب تجارب مكثفة أجريت على منصاتها البحرية إلجن فرانكلين في بحر الشمال.

Thumbnail

وكان العراق قد توصل إلى اتفاقيات مع الشركات الأميركية شيفرون وبيكر هيوز وهانويل للتخطيط المستقبلي لتقليل كلفة إنتاج برميل النفط.

وأدى انخفاض أسعار النفط إلى تطبيق أساليب هندسية جديدة أخرى، حيث تستخدم شيفرون جهازا آليا لإنجاز عملية تنظيف أنابيب النفط من الداخل وتفقدها بشكل أسرع وقد دشنت عملياتها خلال عام 2016 في حقل أرسكين ببحر الشمال.

وقال نائب رئيس فرع شلمبرغر في العراق سعد الضامن إن “التحول الرقمي سيعمل على تحسين الأداء ويفتح آفاقا كبيرة للنمو من خلال استخدام التقنيات الحديثة”.

وأضاف أن “التحول الرقمي عبارة عن تداخل التكنولوجيات والمعلومات الكبيرة والذكاء الاصطناعي، ويؤدي إلى تطوير الأداء نحو الأفضل”.

سعد الضامن: التحول الرقمي سوف يحسن الأداء ويفتح آفاقا لنمو القطاع

ويقول المتابعون إن هذه الطموحات، حتى ترى النور، تحتاج إلى عدة عوامل بينها الاستقرار السياسي من أجل الاستثمار في هذه الخطط التي قد تقلص من حجم الخسائر المادية بسبب الحرب على الإرهاب، وأيضا السيطرة على العجز في الموازنة السنوية.

وقال مدير عام دائرة التدريب والتطوير بوزارة النفط العراقية باسم محمد خضير إن “الوزارة تعتمد برامج التدريب الحديثة بالتعاون مع جهات ذات خبرة عالمية بهدف الارتقاء بمستوى الأداء والإدارة السليمة وبما يحقق الاهداف بأقل الكلف المالية والجهد البدني”.

ودخلت صناعة النفط منذ الغزو الأميركي للعراق في عام 2003 في حالة من الفوضى بسبب اجتثاث الكفاءات العراقية وتسليم الحقول للشركات الأجنبية بموجب عقود يشوبها الفساد وتمنح الشركات حقوقا مالية مجحفة.

لكن دور الكوادر المحلية بدأ يتزايد بشكل كبير في وقت يؤكد فيه محللون تحسن أداء وزارة النفط التي نجحت في خفض حرق الغاز المصاحب في الكثير من الحقول وبدأت بتنفيذ عدد كبير من مشاريع الاستكشاف والتكرير الجديدة.

وكان العراق حتى عام 2003 يعتمد بشكل كلي على الكوادر العراقية في إدارة صناعة النفط منذ تأميمه عام 1972.

وكشفت حكومة الكاظمي العام الماضي عن خطة تتضمن النهوض باقتصاد البلاد عبر تشجيع الاستثمار وتحسين البنية التحتية وزيادة عائدات الضرائب وتحفيز الزراعة والتصنيع وتحسين جودة التعليم، بما يتلاءم مع سوق العمل العالمية.

10