خطة عراقية طموحة لحل مشكلة نقص الكهرباء من الطاقة النووية

يسعى العراق المتعطش للكهرباء إلى إضافة الطاقة النووية في مزيج إنتاج الطاقة النظيفة والتي تسير ببطء شديد، بهدف تغطية العجز الكبير في توفير الكهرباء، لكن محللين يرون أن الخطة الطموحة قد تواجه عقبات خاصة في ما يتعلق بإقناع المستثمرين بضخ أموال في المشروع.
بغداد - كشف العراق عن خطط لاستثمار قرابة أربعين مليار دولار في مشاريع للطاقة النووية، حيث تسعى الدولة النفطية المرقهة اقتصاديا إلى إنهاء انقطاع التيار الكهربائي واسع النطاق في معظم المناطق والذي أثار اضطرابات اجتماعية طيلة السنوات الماضية.
ويحتاج المنتج الثاني للنفط في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) الذي يعاني بالفعل من نقص الطاقة والاستثمارات غير الكافية في المحطات القديمة إلى تلبية قفزة متوقعة بنسبة 50 في المئة في الطلب بحلول نهاية العقد الحالي.
وأدت سنوات من الإهمال والفساد إلى جانب انخفاض أسعار النفط الخام منذ منتصف 2014 إلى حرمان الدولة من الأموال اللازمة للحفاظ على نظام الكهرباء وتوسيعه.
وأثارت الانقطاعات الناتجة عن ذلك احتجاجات هددت بإسقاط الحكومات المتعاقبة، وقد لجأ العراق إلى إيران طيلة سنوات من أجل تزويدها بشحنات من الوقود لتشغيل المحطات الكهربائية المتهالكة.
ونسبت وكالة بلومبرغ الأميركية للأنباء الاقتصادية إلى كمال حسين لطيف رئيس الهيئة العراقية للسيطرة على المصادر المشعة قوله إنه “لمواجهة التحدي تخطط البلاد لبناء ثمانية مفاعلات ذرية قادرة على إنتاج حوالي 11 غيغاواط”.
وأكد لطيف أن الحكومة أجرت محادثات مع المسؤولين الروس والكوريين الجنوبيين وشركات الطاقة النووية الحكومية بشأن العمل معًا لبناء المحطات خلال العقد المقبل. كما أن الهيئة تحدثت أيضا مع مسؤولين فرنسيين وأميركيين بشأن الخطة.

كمال حسين لطيف: نهدف من المفاعلات النووية إلى إنتاج حوالي 11 غيغاوات
وأضاف “لدينا عدة تنبؤات تظهر أنه بدون الطاقة النووية سنواجه مشكلة كبيرة بحلول عام 2030”.
واختارت الهيئة النووية العراقية 20 موقعا محتملا للمفاعلات ويتوقع لطيف أن يتم توقيع العقود الأولى في العام المقبل.
ولا يقتصر الأمر على نقص الطاقة وزيادة الطلب، ولكن العراق يحاول أيضًا خفض الانبعاثات وإنتاج المزيد من المياه عن طريق تحلية المياه، وهي “قضايا تثير جرس الإنذار”.
والعراق ليس المنتج العربي الوحيد للنفط في الخليج الذي يتطلع إلى تقسيم الذرات لتلبية الاستهلاك ا
لمتزايد.
فقد قامت الإمارات، المنتج الثالث في منظمة أوبك، بتوصيل أول مفاعل لها بالشبكة هذا العام وتخطط لتشغيل ثلاثة مفاعلات أخرى. كما تسعى السعودية، أكبر منتج في أوبك، إلى هذه التكنولوجيا وتقوم ببناء مفاعل اختبار.
وستساعد الطاقة النووية التي لا تنتج ثاني أكسيد الكربون جهود دول الخليج لخفض الانبعاثات بينما تتطلع الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى أن تصبح أكثر اخضرارًا. وستسمح التكنولوجيا أيضا بتخصيص المزيد من الهيدروكربونات القيمة للتصدير.
وتحرق السعودية على سبيل المثال ما يصل إلى مليون برميل من النفط الخام يوميًا في محطات توليد الكهرباء خلال أشهر الصيف في الخليج عندما ترتفع درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية.
وقال لطيف إن “مجلس الوزراء العراقي يراجع اتفاقا مع شركة روساتوم الروسية للتعاون في بناء المفاعلات”.
وقال مسؤولون كوريون جنوبيون هذا العام إنهم يريدون المساعدة في بناء المحطات وعرضوا على العراقيين جولة في مفاعلات شركة كوريا للطاقة الكهربائية في الإمارات العربية المتحدة.
ويرى محللون أنه حتى لو قام العراق ببناء العدد المخطط له من محطات الطاقة النووية، فلن يكون ذلك كافياً لتغطية الاستهلاك المستقبلي.
ويؤكد رئيس الهيئة العراقية للسيطرة على المصادر المشعة أن بلده يواجه بالفعل نقصًا قدره 10 غيغاواط بين السعة والطلب ويتوقع أن يحتاج إلى 14 غيغاواط إضافية هذا العقد.
ومع وضع هذا في الاعتبار، يخطط العراق لبناء ما يكفي من محطات الطاقة الشمسية لتوليد كمية مماثلة من الطاقة للبرنامج النووي بحلول نهاية العقد.
ويفتخر العراق حاليًا بأنه ينتج 18.4 غيغاواط من الكهرباء، بما في ذلك 1.2 غيغاواط المستوردة من إيران.
وتعني إضافات السعة أن التوليد سيرتفع إلى ما يصل إلى 22 غيغاواط بحلول أغسطس المقبل، ولكن هذا أقل بكثير من الطلب الافتراضي الذي يبلغ 28 غيغاواط تقريبًا في ظل الظروف العادية.
وبحسب وزارة الكهرباء، فإن ذروة الاستخدام خلال الأشهر الحارة في يوليو وأغسطس تتجاوز 30 غيغاواط. وقال لطيف إن “الطلب سيصل إلى 42 غيغاواط بحلول عام 2030”.
وكشف التحقيق الذي أعدته لجنة برئاسة نائب رئيس البرلمان العراقي حسن الكعبي، أن الحكومات المتعاقبة بين 2005 و2019 صرفت على قطاع الكهرباء 80 مليار دولار، من دون أن تلامس ولو من بعيد الحاجة الاستهلاكية للبلاد.
وتعرض قطاع الكهرباء الحكومي إلى أضرار بالغة خلال حرب إخراج العراق من الكويت العام 1991، حيث دمر طيران الولايات المتحدة وحلفائها محطات التوليد الكبرى وشبكات النقل الرئيسية ومراكز التوزيع الفرعية، مغرقا البلاد في ظلام تام دام لشهور.