خطة تكويت الوظائف الحكومية تعمّق أزمة العمالة المصرية في الخارج

القاهرة- تحققت رغبة الممثلة الكويتية حياة الفهد في التخلص من الوافدين، ومنهم المصريون في بلادها، باستبعادهم أو رميهم في الصحراء لأنهم ينافسونها على التسوق والتسبب بغياب البصل بأسرع مما توقعت.
وفرضت سياسة كويتية بتوطين الوظائف واقعا جديدا على العمالة المصرية التي تبدو من أكثر المستهدفين بالاستبعاد والدفع بهم نحو العودة إلى بلادهم.
وتقدم النائب زكي عباس، عضو مجلس النواب المصري، بسؤال إلى رئيس البرلمان عن تداعيات قرار الحكومة الكويتية القاضي بإنهاء خدمات الوافدين، معتبراً أن القرار سيكون له تأثير مباشر على الأوضاع الاقتصادية المصرية، وطالب بالتدخل لإيجاد حلول يمكن أن تحافظ على حقوق العاملين.

حسن شحاتة: الوزارة ستتدخل لحماية أي عامل مصري في حال فقدانه وظيفته للحصول على كافة مستحقاته بالطرق القانونية
وشهدت الأيام الماضية جدلاً واسعًا بشأن عودة المصريين العاملين في الكويت، والبالغ عددهم نحو 700 ألف عامل، إلى البلاد مرة أخرى مع إعلان الحكومة عن خطة جديدة لـ”تكويت الوظائف”. وحاولت وزارة القوى العاملة المصرية التقليل من شأن الإجراء بتأكيدها على أن المستهدف هو الوظائف الحكومية فقط التي لا يتجاوز عدد المصريين فيها 40 ألف شخص.
ومن المقرر أن تبدأ المرحلة الأولى من التكويت في مطلع الشهر المقبل بإنهاء عقود 33 في المئة من غير الكويتيين بفترة إنذار، على أن تبدأ المرحلة الثانية في مطلع فبراير من العام المقبل بإنهاء عمل 33 في المئة من الوافدين، بينما يتم في المرحلة الثالثة منح فترة إنذار اعتبارا من 1 يوليو 2023 للعدد المتبقي من الموظفين الحكوميين.
وقالت مصادر حكومية مصرية لـ”العرب” إن “المرحلة الأولى تتضمن إنهاء عقود العاملين في بلدية الكويت ولا يتجاوز عدد العاملين المصريين فيها ألف عامل”.
وشهدت الأيام الماضية تدخلات من جانب وزير القوى العاملة حسن شحاتة والسفير المصري في الكويت أسامة شلتوت لبقائهم في أعمالهم أو إعادة دمجهم في وظائف أخرى حكومية أو خاصة وضمان عدم ترحيلهم.
وأشار وزير القوى العاملة الذي تولى منصبه منذ حوالي أسبوعين في بيان صحافي إلى أن التعاون مستمر بين وزارة القوى العاملة والجهات المعنية في الكويت فيما يخص حقوق العمالة المصرية هناك، وأن الوزارة ستتدخل لحماية أي عامل مصري في حال فقدانه وظيفته للحصول على كافة مستحقاته بالطرق القانونية، وأن الكثير من المصريين العاملين ممن سبق إنهاء خدماتهم بقرارات التكويت السابقة تمت إعادة تعيينهم على عقود الاستعانة بجهات كويتية أخرى.
وتعول القاهرة على نجاحها في التفاوض حول مستقبل المصريين العاملين في الوظائف الحكومية مثلما هو الحال في المرات السابقة التي أعلنت فيها الحكومة الكويتية خطط التكويت في عامي 2017 و2020، وجرى تجميد الخطة عقب انتشار فايروس كورونا.
◙ جدل واسع بشأن عودة المصريين العاملين في الكويت، والبالغ عددهم نحو 700 ألف، مع إعلان الحكومة عن خطة لتكويت الوظائف
وأكد نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر (حكومي) مجدي البدوي أن العلاقات الوطيدة بين البلدين تجعل الفرصة سانحة للتفاوض بشأن وضعية المتضررين من القرارات الحكومية، وهناك توافق على تطبيق مبدأ “لا ضرر ولا ضرار”، ما يمهد لتعيين عمال بلدية الكويت في وظائف أخرى.
وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “الحكومة المصرية تستهدف ضمان عدم عودة هؤلاء إلى الداخل حاليا، مع حاجتها إلى الحفاظ على قيمة تحويلات المصريين من الخارج، وتدرك أن الأزمة الحقيقية ستتجسّد إذا أقدمت الكويت على تكويت الوظائف الخاصة التي ينتشر فيها المصريون بصورة كبيرة، لكن الأعداد الحالية في الوظائف الحكومية، تحديداً في بلدية الكويت، قابلة للتفاوض”.
وارتفعت تحويلات المصريين العاملين في الخارج، خلال الفترة الممتدة من يوليو 2021 إلى مايو الماضي، بنحو 2.1 في المئة لتصل إلى 29.1 مليار دولار، مقابل نحو 28.5 مليار دولار في الفترة نفسها من العام المالي الماضي، بحسب بيان للبنك المركزي.
وتؤكد دوائر حكومية أن وزارة القوى العاملة ووزارة الهجرة المصريّتيْن تنفذان خططا لحصر العمالة في دول الخليج والوصول إلى الفترات الزمنية المتبقية في عقودهم حال كان الأمر مرتبطًا بالقطاع الخاص حتى لا تجد الدولة نفسها أمام عودة جماعية.

زكي عباس: القرار سيكون له تأثير مباشر على الأوضاع الاقتصادية المصرية
ويتوقع العديد من المتابعين أن تواجه الحكومة المصرية مشكلات قد لا تقود إلى النتائج التي حققتها من قبل وحافظت من خلالها على وظائف عمالتها، لأن مصطلح “إعادة تدوير العاملين الوافدين” واجه امتعاضًا من دوائر كويتية مختلفة، فالهدف من التكويت إعادة هيكلة التركيبة السكانية وإتاحة الفرصة للأيدي العاملة المحلية.
ويشير هؤلاء إلى أن الأرقام الحكومية الكويتية التي جرى الإعلان عنها قبل عامين، وكشفت أن 70 في المئة من المقيمين في البلاد ليسوا كويتيين، دقت ناقوس الخطر بالنسبة إلى السلطات الكويتية التي التفتت إلى الخلل في التركيبة السكانية، ودفعتها إلى المضي قدمًا في تنفيذ رؤيتها التي من المتوقع أن يتم تنفيذها على فترات متباعدة كي لا تحدث فجوة داخلية.
ولا ترتبط الخطة الكويتية بمساعيها نحو القضاء على البطالة فقط، لأن التكويت يشكل عبئاً ماليًا على الحكومة التي سيكون عليها توفير ميزانيات مضاعفة للموظفين الكويتيين مقارنة برواتب الوافدين الزهيدة، وتستهدف التعامل مع مخاطر التركيبة السكانية، وهو ما يُضاعف صعوبة مهمة المفاوض المصري.
وأظهرت إحصائية سوق العمل الصادرة عن الإدارة المركزية للإحصاء في الكويت أن العمالة المصرية احتلت المرتبة الأولى في سوق العمل بالكويت، بنسبة 24 في المئة من إجمالي العاملين في الدولة البالغ عددهم 1.9 مليون نسمة في جميع القطاعات، ما عدا القطاع العائلي، وحلت العمالة الهندية ثانية بنسبة 23.7 في المئة، تلتها العمالة الكويتية بنسبة 22.3 في المئة.
وكشفت الإحصائية أن متوسط الراتب الشهري للكويتيين في سوق العمل بالقطاعين العام والخاص بلغ 1490 دينارا في الشهر، بينما بلغ راتب غير الكويتيين 331 دينارا.