خطة أمنية عراقية لتحييد رموز الانتفاضة الشعبية

بغداد - قالت مصادر استخبارية إن ضباطا في المؤسسة الأمنية العراقية وضعوا بالتنسيق مع زعماء ميليشيات موالية لإيران، خطة للحد من الضغط الذي يسلطه نشطاء بارزون في الحراك الاحتجاجي المتواصل في البلاد منذ مطلع أكتوبر الماضي وتسبب في إسقاط حكومة رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي، ووضع جميع الأحزاب التابعة لطهران في وضع حرج.
وذكرت المصادر لـ”العرب” أنّ الخطة تتضمن إصدار أوامر اعتقال ضد أبرز النشطاء، الذين عُرفت عنهم المشاركة الفعالة في التحشيد للتظاهرات في العراق المستمرة منذ أكثر من أربعة أشهر، مؤكدة أن “خطة تنفيذ عمليات الملاحقة تعتمد على التنسيق بين قوات أمنية رسمية وأخرى تابعة لميليشيات خاضعة لإيران، بهدف ضمان فعاليتها”.
وكشفت المصادر أن عمليات القبض والملاحقة تعتمد على أوامر أصدرها قضاة تابعون لقوات الحشد الشعبي، ما يعني أنها ليست شرعية، لأن القوانين العراقية تحصر إصدار مذكرات القبض في جهات محددة، ليس من بينها الحشد الشعبي.
ويسعى الضباط القائمون على هذه العملية إلى تنفيذ طلبات أحزاب سياسية على صلة بإيران، تريد لرئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي أن يدشن ولايته بهدوء، وسط إصرار من ساحات التظاهر في عموم البلاد على رفضه.
وحتى الآن، لا يحظى علاوي سوى بدعم الأحزاب والتيارات المعروفة بولائها لإيران كتحالف الفتح بزعامة هادي العامري، أو التي التحقت مؤخرا بالركب الإيراني كتحالف سائرون الذي يرعاه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، فضلا عن مجموعتين سنيتين صغيرتين، الأولى بزعامة رجل الأعمال خميس الخنجر وتضم 9 مقاعد في البرلمان العراقي المكون من 329 نائبا، والثانية بزعامة أسامة النجيفي وتملك 3 مقاعد في البرلمان.
وبينما تقف أكبر القوى السنية والكردية في الجانب الآخر المواجه لعلاوي وخياراته، تقف جميع الأطراف الشيعية المتبقية في منطقة وسطى بين قبول متردد أو رفض خجول.
وعلى سبيل المثال، يعبر زعيم القائمة الوطنية إياد علاوي، وهو شيعي ليبرالي، عن موقف رافض لتمرير حكومة محمد توفيق علاوي، إذ يقول إنها تكرر نموذج المحاصصة، بينما يعبر زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم وزعيم تحالف النصر حيدر العبادي وهما شيعيان متدينان، عن دعم خجول لحكومة علاوي، بينما لا يزال موقف زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي غامضا حتى الآن.
لذلك، يقول نواب وسياسيون عراقيون إن حكومة علاوي لم تضمن بعد الأصوات اللازمة لمرورها في البرلمان، ما يساوي بين حظوظ نجاحها وفشلها في نيل الثقة.
وطالب علاوي البرلمان بالانعقاد يوم الاثنين للتصويت على كابينته، التي يحرص على التكتم الشديد بشأن أسماء أعضائها.
وعلمت “العرب” أن “علاوي أعد قائمة خيارات موسعة لمواجهة البرلمان، تحسبا لرفض بعض مرشحيه من قبل كتل معينة”.
وقالت مصادر مطلعة على تفاصيل عمل الفريق المحيط برئيس الوزراء المكلف، إن بعض الوزارات التي يعتقد علاوي أنها تهم كتلا بعينها وستعمل على عرقلة مرور المرشحين لها، تم اختيار اسمين أو ثلاثة لها، تحسبا لسقوط المرشح الأول.
ومن بين الخيارات التي يضعها علاوي في حساباته، وفقا للمصادر المطلعة على خططه، أن يمرر جزءا من الكابينة الوزارية، يضمن تحقيق النصاب داخل مجلس الوزراء الجديد، بطريقة النصف زائدا واحدا.
وتوضح المصادر، أن علاوي ربما يتخلى عن عرض الوزارات التي وقعت ضمن حصة مرشحين أكراد إلى وقت لاحق، لحين التفاهم مع الأحزاب الكردية.
وتقول الأحزاب الكردية إنها ليست معنية بالظروف التي دفعت علاوي إلى اختيار “شخصيات مستقلة” لشغل الحقائب المصنفة ضمن حصة الأحزاب الشيعية، إذ أن حركة الاحتجاج اندلعت في المناطق الشيعية، واستهدفت في الأساس الأحزاب الموالية لإيران.
وترأس قائد قوات الحشد الشعبي فالح الفياض وفدا ضم ساسة شيعة وسنة لإجراء مفاوضات مع الأطراف الكردية البارزة، بهدف إقناعها بدعم حكومة علاوي، بعد تقديم ضمانات تتعلق بمصالحها، بينما قاد زعيم منظمة بدر هادي العامري جهود إقناع القوى السنية المعارضة، وفي مقدمتها تحالف القوى المؤلف من 50 نائبا بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
وعقد الفياض والعامري اجتماعات مغلقة مع الزعيم الكردي البارز مسعود بارزاني ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي على التوالي، فيما أكدت مصادر مطلعة على كواليس المفاوضات أن النتائج ليست مبشرة حتى الساعة.
وستكون حكومة علاوي على المحك يوم الإثنين، في حال انعقدت جلسة التصويت عليها، من دون إقناع بارزاني والحلبوسي بالموافقة على تمريرها.