خطة أرمنية لإعادة إعمار إقليم قره باغ المنكوب

رئيس الوزراء الأرمني يقر بمسؤوليته عن "إخفاقات" الصراع مع أذربيجان.
الخميس 2020/11/19
اتفاق سلام مؤلم

يريفان - وضع رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان، الأربعاء، خطة لإعادة إعمار منطقة ناغورني قره باغ المنكوبة بالحرب، في مواجهة اضطرابات حاشدة بسبب موافقته على التنازل عن أراض لأذربيجان المجاورة.

وفقدت أرمينيا سيطرتها على أراض مهمة في المنطقة المتنازع عليها خلال اشتباكات استمرت ستة أسابيع مع أذربيجان وانتهت باتفاق السلام الأسبوع الماضي.

وقبل رئيس الوزراء الأرمني تحمل المسؤولية عن “إخفاقات” أرمينيا في الصراع، قائلا في بيان إنه “الشخص الأول” المسؤول.

وأكد باشينيان أنه يتعين على أرمينيا إعادة إعمار المناطق التي دمرتها الحرب والتي يمكنها الوصول إليها وإتاحتها من أجل العودة الآمنة للنازحين إلى ديارهم، مشيرا إلى أنه “سيشارك بالكامل في هذا العمل”.

وواجه باشينيان احتجاجات حاشدة في يريفان منذ أن وقع الاتفاقية مع أذربيجان وروسيا. ودعاه ساسة المعارضة إلى الاستقالة.

وأعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن دعمه لباشينيان في بيان صحافي الثلاثاء، قائلا إنه سيكون “انتحارا” لأرمينيا أن تشكل حكومة جديدة لا تمتثل للاتفاق.

نيكول باشينيان: يتعين علينا إتاحة العودة الآمنة للنازحين إلى ديارهم
نيكول باشينيان: يتعين علينا إتاحة العودة الآمنة للنازحين إلى ديارهم

ويقر الاتفاق بانتصار أذربيجان عسكريا وبحصولها على مناطق واسعة في هذه المنطقة التي يقطنها الأرمن حصريا بعد فرار الأذريين من ناغورني قره باغ إثر حرب أولى في التسعينات.

وينص الاتفاق أيضا على نشر قوة روسية لحفظ السلام في ناغورني قره باغ، وصلت إلى المنطقة الأسبوع الماضي.

ورغم توقف القتال الذي يكرّس هزيمة الأرمن في وجه أذربيجان، فإن الحل الدائم للصراع المستمر منذ عقود ما زال بعيد المنال.

وسيتعين على أرمينيا وإقليم ناغورني قره باغ الذي تجنّب السيطرة الأذرية منذ الحرب في التسعينات، أن تتنازل للقوات الأذرية بين 20 نوفمبر و1 ديسمبر عن ثلاث مناطق هي أغدام وكلبجار ولاتشين.

وهذه المناطق، بالإضافة إلى أربع أخرى، أعادت باكو احتلالها عسكريا بين 27 سبتمبر و9 نوفمبر ولا تشكل في الواقع جزءا من قره باغ، لكنها شكلت حزاما أمنيا حول المنطقة لنحو ثلاثين عاما.

وبدأ السكان الأرمن الذين يبلغ عددهم عشرات الآلاف، الفرار من هذه المناطق، كما فعل الأذريون في التسعينات.

وفر ما بين 75 ألفا و90 ألفا من سكان المنطقة البالغ عددهم 150 ألف نسمة خلال القتال ويتوجّب عليهم أن يقرروا ما إذا كانوا سيعودون أم لا. ودعت السلطات المحلية السكان إلى العودة وقد وصلت أولى الحافلات إلى العاصمة ستيباناكرت السبت.

وسيشكّل استقبال هؤلاء السكان في أرمينيا تحديا اقتصاديا واجتماعيا وإنسانيا لهذا البلد الفقير الذي يبلغ عدد سكانه ثلاثة ملايين نسمة.

وترى هذه الجمهورية المعلنة من جانب واحد أن وجودها مضمون بموجب الاتفاق الموقع في 9 نوفمبر برعاية روسيا بين يريفان وباكو. وحتى لو تم إضعافها وتقليص مساحتها، يبدو أن بقاءها مضمون بنشر حوالي ألفي جندي روسي لحفظ السلام، لفترة خمس سنوات قابلة للتمديد.

وهذا الاتفاق الذي وُقّع برعاية الرئيس الروسي وأنهى الصراع الأخير، لا يذكر أي حل طويل الأمد للمنطقة أو أي مفاوضات بهذا الشأن. كما أنه منذ منتصف التسعينات، لم تسفر وساطة مجموعة مينسك برئاسة روسيا والولايات المتحدة وفرنسا، عن أي نتائج تذكر.

وتبنى الرئيس الأذري إلهام علييف الانتصار العسكري لبلاده وأعلن، خلافا للوعود التي قُطعت قبل الأعمال العدائية في الخريف، أن إقليم ناغورني قره باغ لن يتمتع أبدا بالحكم الذاتي عندما يعود إلى أذربيجان.

وتعتمد باكو في تحديها على الدعم الثابت لتركيا التي رسخت نفسها كلاعب رئيسي في المنطقة بعدما قامت بتسليح أذربيجان ودعمها بالمرتزقة في الحرب الأخيرة.

وبالنسبة إلى يريفان، فإن تركيا عدو قديم عازم على محو أرمينيا من الخارطة، ومن هنا، ستعمل من أجل تقليص مشاركتها في أي مفاوضات مستقبلية بشأن قره باغ.

وليس من المرجح أن تشن أذربيجان أي هجوم ما دام الجيش الروسي موجودا وإلا فقد يتسبب ذلك في صراع إقليمي. كما سيضمن الجيش الروسي أمن ممر لاتشين البالغ عرضه خمسة كيلومترات والذي يشكل الرابط البري الوحيد بين ناغورني قره باغ وأرمينيا.

5