"خريف العشّاق" دراما سورية تخوض في المسكوت عنه سياسيا

مسلسل "خريف العشاق" أثار الجدل قبل سنة بعد أن رفضت الرقابة نصه الذي يتناول قصة زواج ثلاثة ضباط بفتيات من طوائف مختلفة.
الجمعة 2021/02/12
قراءة ملحمية لمرحلة دقيقة من تاريخ سوريا

في ثاني تجاربه الإخراجية للدراما التلفزيونية يتطرّق المخرج السينمائي السوري جود سعيد في مسلسله الرمضاني الجديد “خريف العشاق” إلى قضية اجتماعية وسياسية معقّدة، لم تتطرّق إليها الدراما السورية من قبل، والمتمثلة في زواج ثلاثة ضباط بفتيات من طوائف مختلفة، ومدى انعكاس ذلك على مسارهم المهني في ما بعد.

دمشق- يواصل المخرج السوري جود سعيد تصوير مسلسله الجديد “خريف العشّاق”، وذلك تمهيدا للانتهاء من تصوير كافة مشاهده المتبقية استعدادا لعرضه في الموسم الرمضاني القادم.

والعمل الدرامي الاجتماعي الذي كتبته المؤلفة ديانا جبور وتنتجه شركة “إيمار الشام” أثار الجدل قبل سنة بعد أن رفضت الرقابة نصه الذي تنطلق قصته في فترة السبعينات لتمتدّ إلى الزمن الحاضر، حيث يتزوّج ثلاثة ضباط بثلاث فتيات من طوائف مختلفة.

جود سعيد: العمل لا يصطف إلى جانب أيّ طرف، لكن لا يقبل بتغييب الحقائق
جود سعيد: العمل لا يصطف إلى جانب أيّ طرف، لكن لا يقبل بتغييب الحقائق

ويستعرض المسلسل مدى رفض المجتمع لهذا الزواج في تلك الفترة الحساسة من تاريخ سوريا، كاشفا مدى تأثير الأحداث الاجتماعية والسياسية عليهم بعد الزواج ومصير هذه الثنائيات الثلاث بعد عدة أعوام.

ويقول مخرج العمل جود سعيد “يدور المسلسل حول قصة ثلاثة شبان قرروا مجابهة التيّار وتحدّي الزمن رغم قسوته آنذاك، أي في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، وراحوا بلهفتهم العارمة وصخب حماسهم المتّقد نحو حلمهم البسيط، لكنّه في الوقت ذاته يمكن أن يكون كابوسا يشبه المشي على حواف الموت. وعند تحقيق هذا الحلم أو الكابوس سيفتح السرد عينه بشكل متداخل بين الشخوص والجغرافيا والحدث الجسيم الراهن، وسيتقفّى الحدث الدرامي أثر كلّ الظروف والأزمات المتلاحقة والعقبات التي رصّفت طريق الحقبة الزمنية تلك، دون أن يصطفّ المسلسل إلى جانب طرف ضد آخر، لكنّه لا يقبل تغييب حقائق تاريخية جلية”.

والمسلسل من بطولة محمد الأحمد وشقيقه أحمد الأحمد وصفاء سلطان وحلا رجب ولجين إسماعيل وعلا سعيد وحسين عبّاس ومجموعة كبيرة من الممثلين والوجوه الشابة، فيما يحل الفنان المخضرم أيمن زيدان ضيف شرف على هذا العمل من خلال تجسيده دور “العم”.

ديانا جبور: المجتمع الأنثوي أقدر على التقاط الواقع ولا يتناقض معه على الإطلاق
ديانا جبور: المجتمع الأنثوي أقدر على التقاط الواقع ولا يتناقض معه على الإطلاق

وعنه يقول زيدان “إنّ الحامل النصي لشخصية ‘العم’ التي أؤدّيها في المسلسل على درجة كبيرة من الغنى والتنوّع، بمعنى تقديم مجموعة أشكال لنموذج سلطوي خارج الإطار التقليدي الذي تقدّم فيه هذه النوعية من الشخصيات في الدراما؛ دافئ أحيانا ومتوتر حينا، إضافة إلى تلوينات أخرى ساعدتني كممثل على تقديم جملة من الاقتراحات في شخصية مكثّفة”.

واعتبر النجم السوري أنّ الموضوع الذي يتم تناوله في العمل “في غاية الأهمية ويكاد يقارب منطق الرواية التلفزيونية عبر قراءته شبه الملحمية لمرحلة دقيقة وحسّاسة من تاريخ سوريا المعاصر والمنطقة بشكل عام بكل تقلباتها السياسية والاقتصادية، وبصورة غير مباشرة؛ وذلك من خلال تتبّع مسار حيوات شخوصه المتعدّدة، تلك المرحلة التي أسّست لمراحل مستقبلية لاحقة، بما في ذلك ما نعيشه في الوقت الراهن”.

ولفت زيدان إلى أنّ نص “خريف العشّاق” يقترب من مناطق كثيرة مسكوت عنها في الدراما السورية، وذلك ضمن قالب حكائي متقن الصياغة على مستوى صنعة كتابة السيناريو.

أيمن زيدان: المسلسل يقدّم قراءة ملحمية لمرحلة دقيقة من تاريخ سوريا
أيمن زيدان: المسلسل يقدّم قراءة ملحمية لمرحلة دقيقة من تاريخ سوريا

ويقول أحمد الأحمد “المسلسل يقدّم جائحة حب عاصفة، طوّقتها معطيات حياتية وسياسية واجتماعية لاهبة، فاشتعلت إلى أقصى حد. وكل ذلك يأتي استنادا إلى خلفية تاريخية توثّق لمرحلة مترفة بالمعطيات، لم تتصدّ لها الدراما التلفزيونية السورية والعربية كما يجب، لكن كل ذلك سنتلقاه بمنطق تلفزيوني سلس، لا يلقي عن كاهله مشروعية الترفيه والإمتاع والتسلية”.

وعن طبيعة العمل ووجود دور كبير للجانب الأنثوي فيه رأت كاتبة النص ديانا جبور أن المجتمع الأنثوي أقدر على التقاط الواقع، ولا يتناقض معه على الإطلاق.

ولفتت إلى أن هناك فنانين على رأسهم أحمد الأحمد أحسّوا بأن العمل “أنثوي” رغم كبر مساحة دوره في المسلسل، إلى جانب وجود عدد ذكوري متوازن مع الإناث.

وأشارت إلى أن الأحمد قال لها “العمل أنثوي.. تبدو البطولة متوازية، لكن البطولة وروح العمل للنساء”.

وعن دور المرأة في المجتمع وصفت الكاتبة السورية المرأة بأنها “رافع أساسي للأنسنة في المجتمع”، مشيرة إلى أن وجود النساء كفيل بإضفاء الطابع الإنساني على المجتمع الذكوري.

وقالت إن المجتمع الذكوري البحت دون ملامح أنثوية يكون “حالة جافة وقاسية ذات لون واحد وبعد واحد، وحضور الأنثى فيه كفيل بإخراجه من هذا الإطار”.

وشدّدت على ضرورة قيام الجميع بتمكين المرأة، معتبرة أن دور المرأة سيكون أساسيا في نهضة سوريا ما بعد الحرب.

ويجمع “خريف العشاق” الشقيقين أحمد ومحمد الأحمد في ثاني تعاون بينهما، منذ اشتراكهما عام 2004 في مسلسل “ليل السرار” من تأليف نبيل ملحم وإخراج عدنان إبراهيم.

نص "خريف العشّاق" يقترب من مناطق كثيرة مسكوت عنها في الدراما السورية، وذلك ضمن قالب حكائي متقن الصياغة على مستوى صنعة كتابة السيناريو

كما يعدّ المسلسل ثاني تجارب جود سعيد في الإخراج للدراما التلفزيونية بعد مسلسل “أحمر” (2016) الذي تدور أحداثه حول القاضي “خالد العبدالله” الذي يُقتل في ظروف غامضة، لتبدأ بعدها التحقيقات للكشف عن ملابسات الجريمة ونوايا القاتل، حيث يتم التوصل إلى ماض مهم مسكوت عنه، يتعلق بالقاضي المقتول وعمله.

والمسلسل من بطولة كل من عباس النوري وسلاف فواخرجي وديمة قندلفت ورفيق علي أحمد وصفاء سلطان، وأنجز السيناريو كل من علي وجيه ويامن حجلي.

وسعيد صاحب تجارب سينمائية متعدّدة انطلقت عام 2007 عبر فيلمه القصير الأول “مونولوغ”، لتتوالى إثر ذلك تجاربه السينمائية بين الأفلام الطويلة والأعمال القصيرة مثل: “وداعا” و”درب السما” و”بانتظار الخريف” و”مسافرو الحرب” و”مطر حمص” و”نجمة الصبح”، وجلّها حصدت العديد من الجوائز في المهرجانات السينمائية العربية والعالمية.

مسلسل

16