خامنئي يخشى انتخابات تضعف سطوته

الهوّة تزداد اتساعا بين الإيرانيين والمؤسسة الدينية الحاكمة.
الأربعاء 2020/02/19
كفى

يسعى المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي لضمان هيمنة المتشدّدين المقربين منه على الساحة السياسية في البلاد، قبل أيام من انتخابات برلمانية تعتبر استفتاء على شعبية المؤسسة الدينية الحاكمة. واهتزت ثقة كثير من الإيرانيين في زعمائهم بسبب المواجهة مع الولايات المتحدة والصعوبات الاقتصادية وكارثة إسقاط الحرس الثوري لطائرة ركاب أوكرانية عقبتها احتجاجات أخذت منحى سياسيّا وطالبت بإسقاط المرشد.

طهران – فشل رهان النظام الايراني على حادثة اغتيال قائد الحرس الثوري قاسم سليماني بضربة أميركية في العراق في تقليص الهوة بين الإيرانيين والطبقة الدينية الحاكمة، ما دفع المرشد الأعلى علي خامنئي إلى تحصين المتشددين المقربين منه قبل دخول انتخابات برلمانية قد تطيح بهم وتضعف شوكته.

وسخّر خامنئي مجلس صيانة الدستور المكلف باعتماد أوراق المرشحين لإقصاء عدد كبير من الإصلاحيين، حيث رفض المجلس حوالي 6850 مرشحا لصالح المحافظين المتشددين وذلك من بين 14 ألفا تقدّموا بطلبات لخوض الانتخابات، كما تمّ منع حوالي ثلث النواب من ترشيح أنفسهم مرة أخرى.

ودعا المرشد الايراني، الثلاثاء، إلى إقبال كبير على الانتخابات البرلمانية لإظهار الوحدة في مواجهة “الأعداء” قبل أيام من التصويت، فيما يتوقع مراقبون إقبالا ضعيفا. ومع اقتراب موعد الانتخابات التي ستجرى يوم 21 فبراير الجاري، ساد جو من الوجوم بين الإيرانيين الذين أرهقهم تعاقب الأزمات ممّا ساهم في تحطيم ما كان لديهم من آمال في حياة أفضل قبل أربع سنوات.

صادق زيبا كلام: لو أجري استفتاء حول الجمهورية الإسلامية لعارضها 70 في المئة
صادق زيبا كلام: لو أجري استفتاء حول الجمهورية الإسلامية لعارضها 70 في المئة

و بذل حلفاء المرشد الإيراني جهودا لضمان هيمنة المتشددين على الساحة، الأمر الذي يعني أنه مهما كان الإقبال على الانتخابات فإن الصقور الذين يريدون نهجا أكثر تشددا مع واشنطن ربما يشددون سيطرتهم على البرلمان، إلا أن ضعف الإقبال سيضعف موقف زعماء إيران ويشجع منتقديهم سواء في الداخل أو في الخارج ممّن يجادلون بأن طهران تحتاج إلى تغيير سياساتها داخليا وخارجيا.

وأدت ضربة بطائرة أميركية مسيرة إلى مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في يناير بالعراق إلى تكتل الإيرانيين حول قضية عامة، غير أن هذا التأييد سرعان ما تبدد وحلت محله احتجاجات غاضبة على مساعي التستر على إسقاط الحرس الثوري لطائرة ركاب أوكرانية مما أسفر عن مقتل كل من كانوا على متنها وعددهم 176 شخصا.

واعتذر الحرس الثوري عن هذه الكارثة لكن ذلك لم يهدّئ الآلاف من المحتجين في عدة مدن. واحتشد الآلاف من الإيرانيين في الساحات العامة تنديدا بإسقاط الجيش للطائرة الأوكرانية رافعين شعار “يكذبون ويقولون إن عدوّنا أميركا، عدوّنا هنا”.

وأظهرت لقطات مصورة على تويتر محتجين يطالبون باستقالة المرشد علي خامنئي بسبب هذه الكارثة. وهتف المئات من الأشخاص أمام جامعة أمير كبير في طهران “ارحل ارحل أيها الزعيم الأعلى خامنئي”.

وتعكس الانتقادات العلنية وغير المسبوقة للمرشد الإيراني حالة التصدع داخل أركان النظام الذي يعاني من أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة ستؤدي بالضرورة، حسب محللين، إلى انتفاضة شعبية قالوا إن ملامحها تشكّلت.

ويواصل النظام في إيران إنفاق المبالغ الهائلة للدعاية والترويج لتماسكه في الوقت الذي تضاعف فيه معدل التضخم والفقر والبطالة واشتدت وطأة الأورام الاجتماعية مع العقوبات الأميركية.

وبدأت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على الاقتصاد الإيراني المترنح أصلا، تترك أثرها المؤلم على المجتمع الإيراني. فقد ارتفعت تكلفة الرعاية الصحية والإسكان في البلاد بنسبة الخُمس في عام 2019، حسب مركز الإحصائيات في إيران.

وارتفعت أسعار اللحوم بنسبة 57 في المئة، مما يجعل الكثير من العائلات غير قادرة على شرائها. ودفعت إعادة فرض العقوبات الأميركية على إيران نحو 1.6 مليون إيراني إلى دائرة الفقر، حسب مؤسسة إيرانية تعنى بتطوير العلاقات التجارية مع أوروبا.

الإيرانيون أرهقهم تعاقب الأزمات
 تعاقب الأزمات أرهقت الشارع الإيراني 

وجرت تداعيات اغتيال قاسم سليماني بغير ما يشتهي النظام في طهران الذي راهن على لُحمة أكبر بينه وبين شعبه لمواجهة “مؤامرة” كثيرا ما نجح في توظيفها لصالحه، فالهوّة زادت في الاتساع لتتجاوز انتقاد الفشل الحكومي في إدارة الرهانات الاجتماعية والمطلبية إلى المطالبة بإسقاط النظام بأكلمه.

وقال أستاذ العلوم السياسية في طهران صادق زيبا كلام في مقابلة أُجريت معه خلال الاضطرابات التي شهدتها إيران في أواخر العام 2017 وأوائل العام 2018، “لو أجرت إيران استفتاءً حول الجمهورية الإسلامية اليوم، لعارضها أكثر من 70 في المئة، وتشمل هذه النسبة الأثرياءَ والأكاديميين ورجال الدين والمقيمين في الريف والمدينة”.

و لم يعد أحد يريد بقاء هذا النظام، والدليل على ذلك الشعارات التي يردّدها الناس على غرار (الموت لخامنئي)، و(الموت للدكتاتور) ممّا يدل على أن تغيير النظام في إيران أصبح المطلب العام للشعب وأن المسألة أصبحت مرحلة وقت لا غير.

وفي خضمّ موجة الاحتجاجات التي تعصف بالنظام، قالت فائزة هاشمي رفسنجاني، الناشطة الإصلاحية وابنة رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام السابق هاشمي رفسنجاني، إن النظام الإيراني يمرّ بمرحلة انهيار من الداخل. وأضافت “نظام الجمهورية الإسلامية انهار بمعناه الحقيقي ولم يبق إلا أن يحدث انهياره الظاهري والهيكلي”.

5