حوار الحكومة والمعارضة يمهد لعفو أميري عن المدانين في اقتحام مجلس الأمة الكويتي

الكويت - يترقب أن يصدر أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح عفوا عن برلمانيين مدانين أمام القضاء في قضية اقتحام مجلس الأمة، بالتزامن مع عقد اجتماع تمهيدي للحوار الوطني بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يوم الاثنين المقبل.
ويأتي الحوار استجابة لدعوة أمير الكويت الأربعاء الماضي إلى حوار وطني يجمع السلطتين التشريعية والتنفيذية بهدف تهيئة الأجواء من أجل توحيد الجهود وتعزيز التعاون، وتوجيه جميع الطاقات والإمكانيات لخدمة البلاد ونبذ الخلافات.
وعبرت مصادر سياسية كويتية عن ثقتها في خروج الحوار بنتائج تنهي ما سمي بالملف الشائك في علاقة النواب المعارضين داخل مجلس الأمة مع الحكومة الكويتية قبل عودة البرلمان إلى الانعقاد من إجازته الصيفية في الخامس والعشرين من أكتوبر الجاري.
وأكدت على أن الملف الأهم في هذا الحوار سيركز على العفو غير المشروط عن جميع المحكومين المتواجدين في لندن وتركيا، والنواب السابقين والناشطين المحكومين باقتحام المجلس، والمحكومين في قضايا الرأي وقضايا أمن دولة، وذلك عند ثبوت استيفائهم لمعايير العفو الموضوعية.
وتقتصر صلاحيات العفو عن المدانين أمام القضاء على أمير الكويت حصرا.
وكان الشيخ نواف الأحمد الصباح قد وصل إلى ألمانيا الجمعة في زيارة وصفت بالخاصة، لكن مصادر صحافية كويتية أكدت أنها لأجراء فحوصات طبية.
وتأتي مسألة العفو عن نواب سابقين يعيشون حالياً في لندن وتركيا بعد صدور أحكام بسجنهم قبل سنوات، وكذلك العفو عن مسجونين سياسيين، على رأس الخلافات بين المعارضة والحكومة بالإضافة إلى موضوع الفساد وحل أزمة البدون.
ورحبت قوى سياسية رئيسة في بادرة وصفت بالجنوح نحو التهدئة، بدعوة أمير الكويت إلى “المصالحة الوطنية”، متمثلة في الحركة الدستورية الإسلامية والمنبر الديمقراطي وحركة العمل الشعبي والتحالف الإسلامي الوطني والتجمع الإسلامي السلفي والتحالف الوطني الديمقراطي.
وتجمع غالبية القراءات السياسية التي تسبق الاجتماع المرتقب يوم الاثنين على وجود رغبة من الجميع في فتح صفحة جديدة، بمن فيهم رئيسا مجلس الأمة مرزوق الغانم ورئيس الحكومة الشيخ صباح الخالد.
ولفت مصدر برلماني إلى أن الأسماء الأولية المطروحة للمشاركة في الحوار إلى جانب رئيسي السلطتين ومستشاري الديوان الأميري، سيكون من ضمنها النواب بدر الحميدي وعدنان عبدالصمد وفرز الديحاني وحسن جوهر وعبيد الوسمي، وأحد أعضاء الحركة الدستورية الإسلامية إما حمد المطر أو أسامة الشاهين.

وتعتبر العلاقة المتوتّرة التي جمعت بين حكومة الشيخ صباح الخالد والبرلمان المنتخب في ديسمبر الماضي وتشغل المعارضة واحدا وثلاثين من مقاعده الخمسين، عاملَ تعقيد لمهمّة الحكومة في البحث عن مخارج للأزمة المالية، حيث تحتاج إلى مرور حتمي عبر مجلس الأمّة لسنّ تشريعات تسمح بالتوجه نحو أسواق الديون الدولية.
وتعيش الكويت منذ عام كامل على وقع خلاف بين مجلس الأمة والحكومة بسبب الخلاف على عدد من الملفات، بينها العفو الشامل وسبل مكافحة الفساد وحل أزمة السيولة وعجز الموازنة التي وصلت إلى 175 في المئة خلال العام الجاري.
وبدأت الأزمة السياسية في الكويت مع انتخاب مجلس الأمة في ديسمبر الماضي حيث شهد توتراً كبيراً وخلافات حادة بين نواب ورئيسه، إضافة إلى مواجهة محتدمة مع الحكومة.
وفشلت المعارضة في ترجمة انتصارها في البرلمان بعد نجاح مرزوق الغانم في الفوز بكرسي رئاسة مجلس الأمة رغم إجماع المعارضة على عدم التصويت له.
وفي يوليو الماضي قالت وكالة بلومبيرغ إن الصندوق السيادي الكويتي البالغة قيمته 600 مليار دولار يقع في خضم صراع على السلطة السياسية داخل البلد الخليجي الغني.
وتعرض الاقتصاد الكويتي لانكماش هو الأسوأ بين دول مجلس التعاون، إذ بلغ 10 في المئة عام 2020 بسبب تداعيات الوباء وانخفاض أسعار النفط.
ويرى مراقبون سياسيون أن حل قضية اقتحام المجلس ستعمل على “حلحلة الكثير من القضايا بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، خاصة وأن معظم المرشحين في الانتخابات الماضية رفعوا هذه القضية في شعاراتهم الانتخابية” في محاولة للضغط على الحكومة.
وتعود قضية اقتحام المجلس إلى نوفمبر 2011 عندما دخل ناشطون، بمن فيهم بعض من نواب المعارضة، إلى مبنى مجلس الأمة عنوة على خلفية مسيرة طالبت باستقالة رئيس الوزراء آنذاك الشيخ ناصر المحمد الصباح لاتهامات تتعلق بالفساد.
وعلى إثر أحكام قضائية بالسجن جراء الاقتحام، سافر نواب سابقون إلى تركيا ولندن هربا من تنفيذ الأحكام قبل صدورها، بمن فيهم النائب مسلم البراك.
وفي يوليو 2018 قضت محكمة التمييز الكويتية بحبس كل من النائبين – اللذين كانا في البرلمان وقت النطق بالحكم – جمعان الحربش ووليد الطبطبائي لمدة ست سنوات ونصف، فيما حكمت بالمدة ذاتها على النواب السابقين مسلم البراك وفهد الخنة وفيصل المسلم وخالد شخير ومبارك الوعلان ومحمد الخليفة وفلاح الصواغ.
وأكد رئيس مركز الرؤية للدراسات الاستراتيجية فايز النشوان على أن الحوار “يتمحور حول موضوع واحد” وهو العفو عن الأشخاص المتهمين في قضية اقتحام المجلس.
واعتبر النشوان أن “هؤلاء الأشخاص مؤثرون في الشارع المحلي ولهم شريحة كبيرة من المؤيدين الذي يعتقدون أن هؤلاء النواب السابقين يناضلون لمكافحة الفساد”، موضحا أن الهدف الرئيسي لنواب المعارضة الحاليين أن يحصلوا على ما يسمى بـ”العفو الكريم” دون دخول السجن.