حنا تيتيه رسميا على رأس البعثة الأممية في ليبيا

توصّل أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، بعد مفاوضات طويلة، إلى تعيين الغانية حنا تيتيه على رأس البعثة الأممية إلى ليبيا، وهي من أبرز المدافعات عن حقوق ومنزلة المرأة الأفريقية، وذلك قبل موعد تجديد ولاية البعثة أواخر الشهر الجاري.
أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رسميا عن تعيين حنا سيروا تيتيه من غانا ممثلا خاصا له ورئيسا لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وهو ما ينهي الجدل بخصوص خلافات الدول دائمة العضوية بمجلس النواب على تعيين مبعوث أممي جديد قبيل تجديد ولاية البعثة في 31 يناير الجاري.
وأكدت مصادر مطلعة أن إعلان غوتيريش عن تعيين تيتيه جاء بعد موافقة الجانب الروسي إثر نقاش مطول.
وعلق حسن الصغير وكيل وزارة الخارجية الليبية الأسبق على ذلك بالقول إنه بتعيين أفريقية كمبعوث جديد، حقق الروس مبتغاهم ونال الأميركيون مرادهم، وأضاف “لم ينجز أي شيء برئاسة ستيفاني خوري، فقط أعمال ومشاورات تمهيدية ولم يشترط الروس إعادة المشاورات لنقطة الصفر،” لافتا إلى أن “إدارة ترامب أرادت هذا المؤشر وتلقف بوتين الانفتاح الأميركي، ولم يتبق لخوري سوى أسبوع لتدشن مسار سياسيا حقيقيا، وبتعيين أفريقية حقق أيضاً المشير خليفة حفتر جزءا من مطالبه بدور أكبر لأفريقيا والأفارقة في قادم المبادرات،”
ولا يستبعد مراقبون أن يتم التصديق على استمرار خوري في منصبها كنائب لرئيس البعثة مكلفة بالشؤون السياسية، وهو ما يعني استمرارها في محاولة تنفيذ بنود مبادرتها السياسية لحلحلة الأزمة التي كانت أعلنت عنها في ديسمبر الماضي.
ورحب الرئيس السابق لحكومة مجلس النواب فتحي باشاغا بتعيين حنا تيتيه على رأس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، معبراً عن أمنياته لها بالنجاح في أداء مهامها بما يحقق تطلعات الشعب الليبي نحو السلام والاستقرار والتنمية.
واعتبر باشاغا هذه الخطوة تأكيدا على أهمية الدور الأممي في دعم المسار السياسي في ليبيا، مشيرا إلى أن هذا التعيين يمكن أن يكون دافعاً لتوحيد المؤسسات وإنهاء حالة الانقسام والفوضى التي تعرقل بناء الدولة.
وثمّن باشاغا التوافق الدولي الذي أفضى إلى تعيين تيتيه، مشيرا إلى أهمية استمرارية هذا التوافق لدفع ليبيا نحو مرحلة جديدة تنهي معاناة الليبيين، وتفتح المجال لإعادة بناء دولة القانون والمؤسسات، وتحقيق مصالحة وطنية شاملة، ما يعزز الاستقرار والتنمية المستدامة.
وحنّا سيروا تيتيه، واحدة من أبرز الدبلوماسيات الأفريقيات، وُلدت عام 1967 بمدينة سيجد في المجر لأب غاني وأم مجرية. درست القانون في جامعة غانا وتخصصت في المحاماة، لتبدأ مسيرة مهنية جمعت بين السياسة والدبلوماسية والعمل الأممي. شغلت مناصب عديدة، كان أبرزها وزيرة التجارة والصناعة ووزيرة الخارجية في غانا، وعضوة في البرلمان الغاني لدورتين ومبعوثة خاصة للأمين العام إلى القرن الأفريقي وممثلة خاصة للأمين العام بالاتحاد الأفريقي وذلك خلال الفترة بين 2018 و2020.
وتحتل تيتيه المرتبة العاشرة بين المبعوثين الأمميين الذين تولوا إدارة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، والثانية في قائمة الأفارقة الذي تولوا هذه المهمة بعد السنغالي عبدالله باتيلي الذي كان قد استقال من منصبه في أبريل الماضي تحت ضغوط من دول غربية نافذة.
مراقبون يتساءلون عما إذا كانت البعثة الأممية ستستمر في تنفيذ العملية السياسية التي كانت طرحتها ستيفاني خوري
ويتساءل مراقبون عما إذا كانت البعثة الأممية ستستمر في تنفيذ العملية السياسية التي كانت طرحتها رئيس البعثة بالوكالة ستيفاني خوري في ديسمبر الماضي ولا تزال تثير جدلا واسعا بين الأوساط الليبية إلى حد الآن.
ومنذ العام 2011 توافد على ليبيا تسعة مبعوثين أمميين، هم الأردني عبدالإله الخطيب الذي لم يبق في مهمته أكثر من أربعة أشهر، والبريطاني إيان مارتن الذي ظل في منصبه أقل من عام، ثم اللبناني طارق متري الذي تولى المهمة لمدة عامين ثم غادرها بعدما أصبحت مهمته مستحيلة وفشل في إقناع النخب السياسية بالتسوية. وطالته مع أعضاء البعثة التهديدات بالقتل، حسب قوله.
وبعد ذلك تسلم الدبلوماسي الإسباني برناردينو ليون مهمته الأممية، وساهم في جمع غالبية الأطراف السياسية في البلاد لتوقيع الاتفاق السياسي في منتجع الصخيرات بالمغرب، ووصفت الفترة التي تولى فيها ليون عمله بأنها الأصعب بين كل المبعوثين؛ إذ كان الاقتتال وتسلّط الميليشيات المسلحة على أشده، لكنه غادر منصبه تاركاً وراءه حالة من الغضب بسبب ما وصف بالتقسيمات التي أحدثها اتفاق الصخيرات.
أما المبعوث الخامس فهو الألماني مارتن كوبلر الذي كانت مهمته محددة، وهي تطبيق اتفاق الصخيرات، لكن الدبلوماسي الألماني، فشل في ذلك، تلاه غسان سلامة الذي اضطر للاستقالة لتحل محله مؤقتا نائبته الأميركية ستيفاني وليامز، ثم جاء دور السلوفاكي يان كوبيتش الذي استقال من منصبه في ديسمبر 2021 ليتم تعيين الأميركية ستيفاني وليامز مستشارة خاصة للأمين العام للأمم المتحدة معنية بالشأن الليبي، وفي 2 سبتمبر 2022 أعلن غوتيريش عن تعيين عبدالله باتيلي، من السنغال، ممثلاً خاصاً له في ليبيا، ورئيساً لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
وتعد تيتيه من أبرز السيدات الأفريقيات الناجحات في مجالاتهن، وهي واحدة من أهم المدافعات عن حقوق ومنزلة المرأة الأفريقية. فبمناسبة منتدى وجوائز المرأة الأفريقية الجديدة بفندق أنداز في لندن، قالت تيتيه إن “المرأة الأفريقية هي السبب في استمرار أفريقيا في البقاء،” وفسرت ذلك بالقول “أود أن يرى الناس المرأة الأفريقية على حقيقتها الآن.”
وأضافت “لسنا في حاجة إلى إنشاء امرأة أفريقية رائعة جديدة، أعتقد أن المرأة الأفريقية الرائعة موجودة بالفعل، فهي تحتاج فقط إلى أن تكون مهيأة لاكتشاف جميع جوانبها الرائعة المختلفة. يجب أن يعلم الجميع أن المرأة الأفريقية قوية، ومرنة، ومبتكرة. إنها قادرة على فعل الكثير بموارد قليلة وقليلة جدا.”