حمْل صفة صحافي يمنع صاحبها من دخول ليبيا

دعا المركز الليبي لحرية الصحافة رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة إلى الإيفاء بتعهداته وإلغاء كافة القيود والإجراءات الإدارية والأمنية التعسفية المسبقة والمعرقلة لدخول الصحافيين إلى البلاد، وذلك بعد منع الصحافي والباحث التونسي محمد اليوسفي من دخول البلاد في إطار عمله مع المركز.
وقال المركز في بيان إنه، في إطار الندوة الّتي نظمها حول الإعلام والانتخابات، قام بتوجيه دعوة للصحافي والباحث التونسي محمد اليوسفي بعد أن عمل معه لأشهر طويلة على إعداد دليل توجيهي حول التغطية الصحفية للمسارات الانتخابية من خلال المعايير الدولية والتجارب الديمقراطية.
وأضاف المركز أنه فوجئ برفض سلطات أمن مطار معيتيقة دخول اليوسفي إلى طرابلس يوم الجمعة الماضي، بحجة عدم وجود ما يسمونه ترخيصا أمنيا للدخول إلى الأراضي الليبية، رغم التوضيح المسبق بأنه ليس في مهمة صحفية في ليبيا بل إن غرض الزيارة بحثي أكاديمي صرف.
منظمة "مراسلون بلا حدود" وضعت ليبيا في المرتبة 149 في تصنيف 2023 من بين 180 بلدا، متراجعة بذلك ستة مراكز في التصنيف العالمي لحرية الصحافة
وتابع المركز “رغم محاولاتنـا فض الإشكال بمطار معيتيقة طيلة قرابة 7 ساعات، إلا أن جميع ممثلي الأجهزة الأمنية الموجودة بالمطار رفضوا السماح له بالدخول بحجة حمله لصفة صحافي في خانة المهنة في جواز سفره التونسي، مقدمين حججا واهية وغير قانونية تدل على حجم الفوضى الأمنية في المطار المذكور وهو ما يسيء لصورة الدولة الليبية في الخارج لاسيما مع دول شقيقة لا تفرض التأشيرة على مواطنيها وتجمعنا بها علاقات تاريخية وطيدة مثل تونس”.
ودعا المركز رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة إلى الإيفاء بتعهداته التي قطعها في المنشور رقم 8 لسنة 2021 بشأن التعهد بتعزيز حرية الصحافة والإعلام، والذي أكد مرارا وتكرارا أنه سيحدث انفتاحا أكبر على الصحافيين، فضلا عن تسهيل عملهم وتحركاتهم، الأمر الذي لم يطبق إلى حد الآن وفق ما تؤكده الكثير من الأحداث والوقائع.
كما جدد دعوته الحكومة في طرابلس إلى إلغاء كافة القيود والإجراءات التعسفية والرقابة المُسبقة التي تفرض على الصحافيين وتنقلاتهم وعملهم الميداني، سواء من الصحافيين الليبيين أو من الضيوف الأجانب، والحد من التدخل المقلق والمريب للأجهزة الأمنية المُتداخلة في ملاحقة ومراقبة الصحافيين، والالتزام بالحق في حُرية العمل المدني.
وكان من المنتظر أن يشارك اليوسفي في فعاليات ندوة “الرصد الإعلامي للتعددية السياسية في الحملات الانتخابية “، وغادر الجمعة العاصمة تونس في اتجاه طرابلس، ولدى وصوله مطار معيتيقة تعرض للتوقيف والاحتجاز القسري لمدة سبع ساعات قبل ترحيله إلى بلاده.
ونشر اليوسفي تدوينة على صفحته بموقع فيسبوك قال فيها “وصلت.. إلى تونس مرحلا بشكل قسري من ليبيا بعد 7 ساعات من الاحتجاز… المبرر: لم أحظ بالموافقة الأمنية… التهمة: حامل لصفة صحافي في جواز السفر”، وتابع “شكرا لكل من اتصل واستفسر وحاول المساعدة من نقابة الصحافيين التونسيين إلى المركز الليبي لحرية الصحافة مرورا بكافة الصديقات والأصدقاء من تونس وليبيا”.
وبحسب مصادر ليبية، فإن قانونا لا يزال ساريا منذ تسعينات القرن الماضي، يمنع أصحاب جوازات السفر التي تحمل صفة صحافي القادمين من مختلف دول العالم، من دخول البلاد إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الجهات الأمنية أو التوصل بدعوة رسمية من جهة حكومية نافذة.
المركز الليبي لحرية الصحافة يدعو الحكومة في طرابلس إلى إلغاء كافة القيود والإجراءات التعسفية والرقابة المُسبقة التي تفرض على الصحافيين وتنقلاتهم وعملهم الميداني
وكان الدبيبة دعا كل الصحافيين في ربوع ليبيا إلى توحيد الجهود من أجل ليبيا، وقال إن الحكومات السابقة بعد ثورة 17 فبراير لم تتمكن من تنظيم القطاع وتطويره وحماية الصحافيين، وأضاف أن حكومته ملزمة باتخاذ إجراءات إصلاحية لتطوير الإعلام الرسمي وتأمين الصحافيين، مردفا “أصدرنا منشورا ملزما لكل المسؤولين بالدولة لحماية الصحافيين ودعم جهودهم، ومستعدّون لإصدار كل القوانين اللازمة لحماية حرية الصحافة”.
لكن أغلب المراقبين يرون أن تلك الوعود لم تتحقق، وأن السلطات المتحكمة في شؤون البلاد غربا وشرقا تتنافس على تدجين الإعلام بصفة عامة، وتحويله إلى أداة طيعة لخدمة مصالحها وتلميع صور رموزها.
ووضعت منظمة “مراسلون بلا حدود” ليبيا في المرتبة 149 في تصنيف 2023 من بين 180 بلدا، متراجعة بذلك ستة مراكز في التصنيف العالمي لحرية الصحافة مقارنة بالترتيب 143 في تصنيف 2022.
وترى نداج الأحمر، وهي باحثة ومستشارة في مجال حقوق الإنسان وتركز على شمال أفريقيا، في ورقة بحثية أن الإعلام الليبي يتسم بانعدام الاستقلالية والتعددية حيث أصبحت وسائل الإعلام رهينة الصراع السياسي، وانتمت إلى الجماعات المسلحة أو الجماعات السياسية المتصارعة، واستخدمت كأداة للتحريض ضد المعارضين ونشر خطاب الكراهية والمعلومات المضللة.
وقد تضخَّم الاستقطاب السياسي من خلال حملات التضليل التي ترعاها جهات أجنبية، فيما يفشل الإطار الدستوري والتشريعي والتنظيمي الليبي في حماية حقوق العاملين في وسائل الإعلام. ولا يوفر الإعلان الدستوري لعام 2011 حماية كافية لحرية التعبير والصحافة كما نص على ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان.