حملة وطنية في ليبيا لكشف الغموض عن مصير أكثر من 10 آلاف مفقود

لا تزال أسر آلاف الليبيين من المفقودين، تسأل عن مصائرهم الغامضة، وتحاول معرفة ما إذا كانوا مدفونين تحت الأرض، أم لا يزالون خاضعين للإخفاء القسري في سجون الميليشيات، ولا تزال المنظمات الإنسانية تؤمن بفكرة إشعال شمعة في ظلام الغموض بدل الاستسلام لليأس أو ترك الملفات على رفوف جهات رسمية تثبت مع كل يوم جديد عجزها عن حلحلة الأزمات الإنسانية والاجتماعية كما هو الشأن بالنسبة إلى الأزمات السياسية والاقتصادية.
وتحت شعار “مفقود” أطلق المجلس الوطني للحريات العامة وحقوق الإنسان في ليبيا الحملة الوطنية الأولى للتوعية بملف المفقودين بهدف رفع الوعي وتسليط الضوء على ملف المفقودين، وتوفير معلومات عن الخدمات المتاحة لأهاليهم، وتعزيز دور المجتمع في مساندتهم.
وقال رئيس المجلس عبدالمولى أبونتيشة إن ملف المفقودين في ليبيا يعد من القضايا الإنسانية والحقوقية المهمة والمعقدة، لارتباطه بالحروب والنزاعات المسلحة والجرائم المرتكبة والكوارث الطبيعية التي شهدتها ليبيا منذ عقود.
وأشار خلال مؤتمر صحفي، إلى غياب القوانين التفصيلية لمعالجة قضايا المفقودين، وهو ما يفسره تركيز الحملة على مطالبة السلطات القضائية المعنية بالاهتمام بهذا الملف وفقا لمبادئ منظومة حقوق الإنسان والحقوق القانونية للمفقودين، مبرزا أن الحملة تستهدف جهات عدة، منها عائلات المفقودين بشكل مباشر والجهات التشريعية والتنفيذية.
وتابع أبونتيشة أن موضوع المفقودين في ليبيا يعد من القضايا الإنسانية والحقوقية المهمة والمعقدة، لارتباطه بالحروب والنزاعات المسلحة والجرائم المرتكبة والكوارث الطبيعية التي شهدتها ليبيا منذ عقود.
الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين قالت إنها وثقت 1470 ملفا لأهالي المفقودين خلال 2024 وحده
وفي ظل غياب القوانين التفصيلية لمعالجة قضايا المفقودين، فإن الحملة ستركز على مطالبة السلطات القضائية المعنية للاهتمام بهذا الملف، وفقا لمبادئ منظومة حقوق الإنسان والحقوق القانونية للمفقودين، حسب رئيس المجلس الوطني للحريات العامة وحقوق الإنسان، الذي أوضح أن الحملة تستهدف عدة جهات منها عائلات المفقودين بشكل مباشر والجهات التشريعية والتنفيذية، معلنا أن الحملة ستنتج عدة مواد ومحتوى توعويا من بينها إعلانات تلفزيونية وإذاعية وحلقات، ومنشورات متاحة لأهالي المفقودين، وتسهل عليهم الوصول إلى المعلومة، وإنشاء صفحات على مختلف منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية.
وفي ديسمبر الماضي، نظمت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تونس اجتماعا، في إطار برنامجهما المشترك حول معالجة قضايا المفقودين في ليبيا، ضم ممثلين عن المجلس الرئاسي ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، بالإضافة إلى خبراء قانونيين، لمناقشة مسودة قانون المصالحة المقدمة من قبل المجلس الرئاسي، حيث تناولوا أحدث التعديلات المقترحة من مجلس النواب، مؤكدين أهمية وضع آليات تضمن الشفافية والإنصاف، بما يستجيب لتطلعات الضحايا ويعزز المصالحة المبنية على أسس حقوقية في ليبيا، كما ناقشوا ضمان استقلالية المفوضية الوطنية للمصالحة المستقبلية، مع التأكيد على أن اختيار أعضائها يجب أن يتم من خلال عملية تشاركية وشفافة، بالإضافة إلى الأحكام المتعلقة بالعفو المشروط، وآليات حماية الضحايا والشهود.
وكانت السلطات الليبية أشارت في تقديراتها إلى أنّ عدد الأشخاص الذين كانوا في عداد المفقودين في البلد في العام 2012 بلغ عشرة آلاف شخص. وشمل ذلك الأشخاص الذين فُقدوا نتيجةً لصراع العام 2011، وأولئك الذين فُقدوا خلال حكم معمر القذافي الذي دام 42 عاما، بما في ذلك في حرب العام 1977 مع مصر، وحرب العام 1979 مع أوغندا، والحروب مع تشاد في ثمانينات القرن العشرين، ومجزرة سجن أبوسليم في طرابلس في العام 1996.
وبالإضافة إلى ذلك، تم تسجيل فقدان أشخاص نتيجةً لتطوّرات أحدث عهدا، ومن بينهم ضحايا جرى العثور عليهم في العام 2020 في مقابر جماعية وسرية في ترهونة وغيرها من المناطق، بالإضافة إلى مهاجرين كانوا يعبرون ليبيا في خلال سفرهم.
وفي يناير الماضي، قالت الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين، إنها وثقت 1470 ملفًّا لأهالي المفقودين خلال 2024 وحده، وأكدت أن إجمالي الملفات المقدمة بطرابلس بلغت 74 ملفًّا، كما جرى تسجيل 29 في سرت و12 أخرى في مصراتة ، مشيرة إلى أن النسبة الأعلى للملفات المسجلة كانت في درنة التي قيد فيها 1346 ملفًّا لمفقودين إثر عاصفة دانيال التي اجتاحت المدينة في سبتمبر 2023.

وبحسب الهيئة، فقد بلغ إجمالي العينات المرجعية من الأهالي 1793 ملفًّا، من بينها أكثر 1500 في درنة وحدها، بحسب الهيئة ، بينما تولت وزارة شؤون أسر الشهداء والمفقودين بحكومة الوحدة الوطنية بمساعدة اللجنة الدولية لشؤون المفقودين، جمع أكثر من 11000 عيّنة مرجعية وراثية من أسر المفقودين تمثّل أكثر من 3000 شخص مفقود في طرابلس وبنغازي وسبها وبني وليد وسرت وغيرها من الأماكن. وكُلّفت اللجنة الدولية لشؤون المفقودين، خلال برنامجها الذي استمرّ عامين، بمعالجة 249 عيّنة ما بعد وفاة و1325 عيّنة مرجعية عائلية. وقدّمت الدعم لإحدى عمليات تحديد الهوية بالاستناد إلى الحمض النووي، ممّا أتاح تقديم أكثر من 100 تقرير مطابقة حمض نووي إلى السلطات بشأن حالات أشخاص مفقودين، بما في ذلك حالة وزير الخارجية السابق قبل انشقاقه عن النظام الدكتور منصور رشيد الكيخيا.
وتم تأسيس أول لجنة في ليبيا تعنى بمعالجة مشكلة الأشخاص المفقودين في أعقاب صراع العام 2011. وفي نهاية ذلك العام، أنشأ المجلس الوطني الانتقالي الليبي وزارة شؤون أسر الشهداء والمفقودين لمعالجة مشكلة الأشخاص المفقودين فحلَّ بعد ذلك اللجنة الأولى.
وفي العام 2012، دعت ليبيا اللجنة الدولية لشؤون المفقودين إلى المساعدة في جهودها الرامية إلى بناء عملية مستدامة للعثور على جميع الأشخاص المفقودين، بمن فيهم المفقودون من صراع العام 2011. فأنشأت اللجنة الدولية لشؤون المفقودين برنامجاً في أواخر العام 2012 ودعمت البلد وفقاً لاتفاق عقدته مع الحكومة الليبية حتى العام 2014 عندما أدّى تدهور الوضع الأمني إلى إنهاء عمل هذا البرنامج.
وأبرز رئيس الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين كمال أبوبكر أن حملة “مفقود” جاءت لتكون خطوة مهمة لدعم العائلات التي لديها مفقودون ، وتعزيز الوعي العام بالقضية الإنسانية، معتبرا أن قضية المفقودين من أهم القضايا التي تلتزم بها الهيئة وتعمل بكل جهد للتعاون مع الشركاء المحليين والدوليين للبحث والتوثيق والتعرف وتقديم الحقيقة للعائلات.