حمدوك يحتوي اشتباكات دارفور قبل انتقالها لمناطق أخرى

الاشتباكات بين قبيلتي “المساليت” و”العرب” بمدينة الجنينة أسفرت عن مقتل 41 شخصا.
الخميس 2020/01/02
حمدوك يسعى لطي صفحة الخلافات

الخرطوم - قام رئيس الحكومة السودانية عبدالله حمدوك يرافقه النائب الأول لرئيس مجلس السيادة، الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بزيارة إلى الجنينة عاصمة غرب دارفور في مسعى لاحتواء الاشتباكات التي اندلعت مؤخرا في المدينة، وترتب عليها تعليق مفاوضات السلام.

وبرهن الوفد الرسمي الذي شمل أيضا وزير العدل والنائب العام ورئيس هيئة الأركان ومدير عام قوات الشرطة ومدير جهاز المخابرات، على رغبة حثيثة في تطويق الأزمة، وعدم السماح بامتداد تأثيرها إلى مفاوضات السلام التي تمضي ببطء، بعد استغراقها في تفاصيل كثيرة من دون مناقشة القضايا الجوهرية المرتبطة بأوضاع النازحين والترتيبات الأمنية وتقسيم الثروات.

وأسفرت أعمال العنف التي اندلعت، الأحد، بين قبيلتي “المساليت” و”العرب”، بمدينة الجنينة، عن مقتل 41 شخصا.

وعلمت “العرب” أن الوفد الحكومي التقى سلطان عموم قبائل المساليت، سعد بحرالدين، واتفقا خلال الاجتماع على التحقيق في الواقعة وتقديم الجناة للمحاكمة، ومعاقبة أي عسكري، مهما كان انتماؤه، أسهم في إشعال الاشتباكات.

ودعت الجبهة الثورية، المكونة من خمس حركات مسلحة، إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة، لمعرفة المتورطين في الأحداث وتقديمهم للعدالة.

وهددت الجبهة في بيان لها، الثلاثاء، بتعليق التفاوض على كل مسارات السلام، إذا لم تقم السلطة الانتقالية بحماية المدنيين، بعد تعليق مسار دارفور حتى تتأكد من تنفيذ مطالبها.

واعتبر القيادي بالجبهة الثورية، محمد زكريا، أن الحكومة تسير في الاتجاه السليم، وقدمت بوادر إيجابية لعدم تعطيل المفاوضات فترة طويلة، وتتعامل بشكل سريع وجاد مع الأزمة.

وطالب في تصريح لـ”العرب”، الاستفادة من الأخطاء الحالية وتحاشي ضعف الحضور الرسمي في تلك المناطق، في ظل عدم ثقة النازحين برغبة السلطة في الوصول إلى سلام شامل.

وأشار زكريا، وهو أحد الممثلين في مفاوضات جوبا عن غرب دارفور، إلى أن هشاشة النسيج الاجتماعي وعدم قدرة الحلول الأمنية على التعامل مع الموقف أفرزا الحاجة إلى التقاط جميع الأطراف لأنفاسها ورأب الصدع قبل تفاقمه.

ولم تستبعد مصادر سودانية، وقوف أطراف تسعى لإفشال السلام، وتعمل على تأجيج الخلافات القبلية، وقد تكون لها علاقة بنظام الرئيس المعزول عمر البشير. وما يزيد المخاوف أن الاشتباكات التي اندلعت في دارفور جاءت بعد وقت قليل من الإعلان عن التوصل إلى اتفاق إطاري بين الحركات المسلحة في الإقليم والحكومة الانتقالية تمهيدا للدخول في مفاوضات نهائية بشأن مسار دارفور.

وتكرر هذا الأمر في شهر نوفمبر الماضي، عندما اندلعت اشتباكات قبلية في شرق السودان، بعد أيام قليلة من توقيع اتفاق مماثل في تلك المنطقة، ما يعني أن هناك جهات لا تتوانى عن توتير الأوضاع في السودان، وتعطيل الجهود التي تبذلها الحكومة والقوى الوطنية.

العنف يعطل مسارات السلام
العنف يعطل مسارات السلام 

وتحاول السلطة الانتقالية سدّ الثقوب ومنع تهديد مسارات التفاوض في المنطقتين، ولذلك قام رئيس الحكومة عبدلله حمدوك بزيارة إريتريا عقب الواقعة الأولى على الحدود في شرق السودان، ثم زيارة تشاد، قبيل انطلاق مفاوضات مسار دارفور، وإشراك مسؤولين في حكومة إنجامينا في الوساطة لتسهيل عملية التفاوض.

وتدرك الخرطوم أن الحركات المسلحة والخلافات القبلية لها امتدادات إقليمية متشابكة، ومن الصعوبة حدوث تسوية على أي من مسارات التفاوض دون تفاهمات حقيقية مع دول الجوار.

ويرى البعض من المراقبين أن السلطة الانتقالية تواجه تحديات عدة، لأن تصاعد الخلاف بين المكونات المدنية والحركات المسلحة سوف يؤدي في النهاية إلى عدم الالتفاف على ما يجري التوصل إليه من اتفاقات في جوبا، أو عدم القدرة على تنفيذها.

وقالت أستاذة العلاقات الدولية بمركز الدراسات في جامعة الخرطوم، تماضر الطيب، إن مناطق الهامش تعد أرضية خصبة للنزاعات والصراعات القبلية، والأزمات الأساسية المرتبطة بالثأر أو الأراضي والمراعي لم يجر حلها لضمان مرور المفاوضات بلا مشكلات.

وحذرت في تصريح لـ”العرب”، من أن تصبح تأثيراتها عميقة على قدرة الحكومة في إبرام السلام الشامل، في ظل تعدد القضايا وأزمات التفاوض، وصعوبة التلاقي حول قواسم مشتركة.

وباتت عملية التفاوض مرشحة لأن تشهد تغييرا في الآليات التي ترتكز عليها، ومتوقع إضافة شخصيات جديدة لضمان التمثيل الجيد لجميع المناطق، لأن هناك قضايا عالقة لم تحظ بقدر كاف من المناقشات، في مقدمتها النازحين.

2