حمة الهمامي ينتقد إدارة سعيد والفخفاخ لأزمة كورونا

فاجأ زعيم حزب العمال حمة الهمامي التونسيين بتوجيه انتقادات لاذعة للرئيس التونسي قيس سعيد بعد اتهامه بالفشل في مواجهة أزمة كورونا ما يطرح تساؤلات بشأن علاقة حزب العمال بحركة النهضة الاسلامية. وذهبت أطراف إلى القول أن المعارض التونسي يقدم بهذه التصريحات خدمات مجانية للحركة الاسلامية الممتعضة بدورها من سياسات الرئيس.
تونس - حمّل زعيم حزب العمال المعارض حمة الهمامي في تصريحات لإذاعة محلية الاثنين، الرئيس التونسي قيس سعيّد ورئيس الحكومة إلياس الفخفاخ مسؤولية تذبذب الأداء الحكومي في مواجهة جائحة كورونا، مشككا في جدوى الإجراءات الحكومية المتخذة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي.
وقال المعارض التونسي “قيس سعيّد منشغل بتسجيل نقاط على رئيس البرلمان راشد الغنوشي عوض التركيز على حلول لتفادي التداعيات الاجتماعية لأزمة كورونا”، مضيفا “قيس سعيد يهمل القضايا السيادية وقضايا المديونية في هذا الظرف ويقدم في تصورات لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع”.
وأضاف “رئيس الجمهورية خائف من رجال الأعمال وركن إلى مهادنتهم بعد تهديدهم”، في إشارة إلى التهديدات السابقة لرجال الأعمال بفرض ضريبة استثنائية على شركاتهم إذا لم يتبرعوا لخزينة الدولة بالأموال لمعاضدة مجهودات مكافحة كورونا.
ويطرح حصر السياسي المعارض لحلول أزمة كورونا في شخص رئيسي الجمهورية والحكومة دون سواهما استفهامات جمة، بعد أن “تغافل” عن انتقاد خصمه السياسي (حركة النهضة الإسلامية)، حيث لم تخلو جميع تصريحاته السابقة من تحميلها مسؤولية الأوضاع المتردية التي وصلت إليها البلاد بسبب استراتيجيات حكمها منذ 2011. ويرى مراقبون أن زعيم حزب العمال يقدم بهذه التصريحات خدمات غير مباشرة لخصومه السياسيين، فاستثناؤهم من النقد المباشر والتركيز على رئيسي السلطة التنفيذية يخدم حركة النهضة بدرجة أولى بما أنها شريك أساسي في منظومة الحكم.
ويتهم حزب العمال حركة النهضة رأسا بالتورط في اغتيال القيادي اليساري في حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد شكري بلعيد ويرفض منذ سنة 2011 الجلوس معها على طاولة المفاوضات السياسية والاجتماعية التي شهدتها البلاد رغم الدعوات المتكررة التي وجهت له من قبل الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي وعدة منظمات وطنية فاعلة.
واستغرب هؤلاء عدم تطرق القيادي اليساري إلى أزمة الصلاحيات في تونس بين الرئاسات الثلاث (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان) التي ساهمت بشكل مباشر في إرباك عمل السلطة التنفيذية وأضاعت الكثير من الوقت في اتخاذ الإجراءات الطارئة لمواجهة أزمة وباء كورونا.
مهاجمة زعيم حزب العمال للرئيس التونسي في هذا التوقيت بمثابة خدمة مجانية لأجندات حركة النهضة الاسلامية
وتُحمّل أطراف سياسية مختلفة حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي، أكثر من غيرهما، مسـؤولية تواصل الارتباك الذي يتسم به عمل السلطة التنفيذية منذ منح حكومة الفخفاخ ثقة البرلمان بأغلبية ضعيفة في نهاية شهر فبراير الماضي.
وأثار تدخل رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي في الخطوات التي يجب اتباعها لمواجهة فايروس كورونا وتوجيهه “تعليمات” في الغرض، حفيظة الرئيس التونسي قيس سعيّد الذي اعتبرها تدخلا في صلاحيات السلطة التنفيذية، داعيا إلى الكف عن “المناورات السياسية”.
وتعمّق الصراع بين الرئاسات الثلاث على إثر تقديم رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ لمشروع قانون تفويض صلاحيات البرلمان للسلطة التنفيذية من أجل الإسراع في اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة الجائحة، ما رفضته حركة النهضة ذات الكتلة البرلمانية الأكبر (54 نائبا) في بداية الأمر قبل أن تتراجع عن مضض وتصوّت لصالح مشروع القانون. وتتوجس حركة النهضة من تحييدها عبر تعطيل دور البرلمان، فيما يعتبر عدد من أنصارها أن المقترح الحكومي بتفويض الصلاحيات يرقى إلى مستوى “الاستيلاء على الحكم” من قبل السلطة التنفيذية.
وتصاعد السجال بين حزب التيار الديمقراطي (شريك الحكم) وحركة النهضة ذات الأغلبية في البرلمان حول معركة الصلاحيات الممنوحة لحكومة الفخفاخ.
واتهم النائب عن التيار نبيل حجي رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بتشكيل تحالف مواز داخل مجلس النواب لتقويض تفويض عدة صلاحيات للفخفاخ بشأن إدارة أزمة تفشي وباء كورونا في البلاد على النحو الأمثل.

وقال إن “الغنوشي يقود ائتلافا برلمانيا يتكوّن من النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة في مواجهة مشروع قانون التفويض لرئيس الحكومة في إصدار المراسيم”.
وأضاف “هذا التحالف لا علاقة له بالائتلاف الحكومي وهو ائتلاف غريب بين حزب حاكم وأحزاب معارضة وأن هذا الائتلاف لا يعبأ لا بمصلحة البلاد ولا بكورونا”. وفي جلسة برلمانية صاخبة الأسبوع الماضي، اتهمت النائبة عن التيار الديمقراطي سامية عبّو راشد الغنوشي بـ”تقديم مصالحه السياسية” على مصالح المواطنين. وقالت عبّو متوجهة للغنوشي “تخشى تفويض الصلاحيات لأنك خائف من خسارة السلطة”، منتقدة في ذات السياق تواصل انعقاد الجلسات البرلمانية، في ظل دعوة وزارة الصحة جميع المواطنين إلى ملازمة بيوتهم.
وبالعودة إلى مواقف حزب العمال من حركة النهضة منذ سنة 2011 لم يسبق للحزب استثناء حركة الإسلامية من مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية بل يذهب إلى اتهام شركائها في الحكم بالتواطؤ معها.
لكن في المقابل، يرى متابعون للشأن التونسي أن تركيز رئيس حزب العمال على انتقاد رئيسي الجمهورية والحكومة في أزمة كورونا لا يدخل في باب مهادنة حركة النهضة بقدر ما هو بحث عن التموقع من جديد داخل الخارطة السياسية في البلاد على اثر النتائج المخيبة للآمال التي حققها الحزب في الانتخابات التشريعية والرئاسية الفارطة.
ولم يحظ الحزب الذي دخل الانتخابات ضمن “ائتلاف الجبهة الشعبية” بأي مقعد في البرلمان التونسي وهو ما مثل مفاجأة كبيرة بعد أن كان ممثلا في برلمان 2014 بـ16 نائبا ضمن حزب الجبهة الشعبية وهو ائتلاف حزبي يضم أحزاب يسارية وقومية لعل أبرزهم حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد.