حكومة ميلوني تقدم غدا إحاطتها أمام البرلمان بشأن إفلاتها مسؤولا ليبيا من العقاب

من المرتقب أن تعقد الحكومة الإيطالية الأربعاء، جلسة إحاطة عاجلة أمام مجلس النواب، بخصوص إفلاتها مسؤولا ليبيا يدعى نجيم أسامة المصري حبيش من العقاب، وسط ضغط أممي من أجل تسليم مدير الشرطة القضائية الليبي للمحكمة الجنائية الدولية.
أعلنت الحكومة الإيطالية، أنها ستُعقد عصر غدا الأربعاء جلسة إحاطة عاجلة أمام مجلس النواب، بمشاركة وزير الداخلية ماتيو بيانتيدوزي، بشأن طلب اعتقال المحكمة الجنائية الدولية والطرد اللاحق، للمواطن الليبي نجيم أسامة المصري حبيش.
وينتظر أن تحاول الحكومة الإيطالية الدفاع عن نفسها بعد سلسلة الاتهامات التي طالتها ومنها التستر على متورط في جرائم ضد الإنسانية وعرقلة إجراءات القضاء الدولي بمساعدته على الإفلات من العقاب.
وقال المتحدث الرسمي لحزب “أوروبا الخضراء”، وعضو مجلس النواب عن “تحالف الخضر ـ اليسار”، أنجلو بونيللي إن “رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني طالما اتهمت المعارضة بحماية المتاجرين بالبشر، واليوم يعرف الإيطاليون أن حكومة ميلوني هي التي تحميهم.
وأضاف “لقد تمت حماية جلاد، مغتصب ومتهم بالقتل في ليبيا، والذي يعتبر شخصاً مهماً في حكومة طرابلس الغرب، من قبل الحكومة الإيطالية،” مشيرا إلى أن “وزير العدل ارتكب إغفالاً خطيراً، حتى من وجهة نظر قانون العقوبات في بلادنا، لأنه في 19 يناير الجاري، أرسلت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة التوقيف إلى السفارة الإيطالية في لاهاي وفقاً للبروتوكول الذي وقعته إيطاليا لمحاكمة المتهمين. ولم ينفذ وزير العدل هذه الأوامر، بل احتفظ بهذه الوثيقة على مكتبه لمدة 48 ساعة، واختار عدم الرد على المحكمة الجنائية الدولية أو جهاز الأمن الداخلي الذي نفذ الاعتقال.”
وتابع النائب أن “صمت وزير العدل خطير، وعلاوة على ذلك، فإن الأمر الخطير حقا هو أن هذا الرجل عاد إلى بلاده على متن رحلة جوية تابعة للدولة الإيطالية،” مبيناً أنه “للتمكن من جعل هذه الطائرة الخدمية السرية تقلع، فإن هناك حاجة إلى توقيع من قصر (كيجي)، مقر الحكومة الإيطالية.”
أوساط ليبية تشير إلى أن الحكومة الايطالية فكرت في مصالح بلادها أولا، لذلك سارعت بإفلات المسؤول الأمني الليبي
وكان وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوزي، قد عزا إفراج السلطات الأمنية في بلاده عن المصري، لأسباب “عاجلة وأمنية نظرا خطورته.”
وفي محاولة للدفاع عن نفسها وعن حكومتها ، قالت ميلوني، إنه “يتعين على المحكمة أن توضح لماذا استغرقت شهورا لإصدار مذكرة الاعتقال هذه في وقت عبر فيه نجيم ثلاث دول أوروبية.”
وأضافت أن نجيم “أُطلق سراحه بناء على قرار من محكمة الاستئناف في روما، وليس من الحكومة،” لافتة إلى أن “استخدام طائرة حكومية لإعادة المسؤول الليبي إلى طرابلس يعود إلى كونه يُعتبر خطيرا، ما أدى إلى استبعاد إعادته بطائرة ركاب عادية.”
وتشير أوساط ليبية إلى أن الحكومة الايطالية فكرت في مصالح بلادها أولا وفي الصفقات المالية والاقتصادية وفي ملف التعاون مع طرابلس بشأن الهجرة السرية، ولذلك سارعت بإفلات المسؤول الأمني الليبي، وأعادته إلى بلاده على متن طائرة حكومية ، كمحاولة منها لاسترضاء الميليشيات المسلحة الفاعلة عل الأرض في غرب البلاد .
لكن ذلك لم يقنع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، التي طالبت سلطات البلاد بتوقيف آمر الشرطة القضائية في ليبيا الذي طردته إيطاليا هذا الأسبوع إلى بلاده، رغم إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحقه بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وأعربت في بيان عن “انزعاجها من خطورة الجرائم المدرجة في مذكرة توقيف الجنائية الدولية بحق أسامة نجيم والتي تشمل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، بما في ذلك القتل والتعذيب والاغتصاب والعنف الجنسي.”
بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا دعت السلطات الليبية إلى اعتقال نجيم بعد إعادته إلى ليبيا
ودعت البعثة السلطات الليبية إلى اعتقال أسامة المصري نجيم “بعد إعادته إلى ليبيا” و”بدء التحقيق في هذه الجرائم بهدف ضمان المساءلة الكاملة” أو “تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية.”
وأعلنت ثماني منظمات حقوقية إقليمية وليبية وإيطالية رفضها قرار إيطاليا إطلاق آمر الشرطة القضائية مدير “مؤسسة الإصلاح والتأهيل” بطرابلس، أسامة نجيم، بعد اعتقاله في مدينة تورينو قبل خمسة أيام، معتبرة قرار إطلاقه “خطوة متسرعة تقوض مبادئ العدالة الدولية، وتثير شكوكًا حول مدى احترام إيطاليا التزاماتها القانونية الدولية.”
ووقعت المنظمات الثماني وهي: مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان، وائتلاف المنصة الليبية، ورصد الجرائم في ليبيا، وجمعية عدالة للجميع، والجمعية الإيطالية للترفيه والثقافة (أرتشي)، وجمعية الدراسات القانونية حول الهجرة، ومركز الهجرة واللجوء والتعاون الدولي على بيان مشترك اعتبرت فيه أن إيطاليا لم تفشل في التعاون بشكل كاف مع المحكمة الجنائية الدولية لضمان تنفيذ مذكرة الاعتقال فقط، “بل تعمدت إطلاق نجيم دون تنفيذ أيّ تدابير احترازية تمنع عودته إلى ليبيا،” وأضافت أن روما “أسهمت فعليا في تسهيل هروبه من المساءلة، بما يقوض الجهود المبذولة لمحاسبة الجناة، ويسلط الضوء أيضًا على تواطؤ إيطاليا في تمكين انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا من خلال اتفاقيات التعاون طويلة الأمد مع السلطات الليبية، خاصة مذكرة التفاهم لعام 2017 بين حكومة الوفاق الوطني الليبية وإيطاليا، إذ تتعمد تسهيل هذه الانتهاكات، سواء من خلال دعمها غير المقيد للسلطات الليبية أو من خلال إطلاق قائد مطلوب من قِبل المحكمة الجنائية الدولية.”
نجيم متهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، بما في ذلك القتل، والتعذيب، والاغتصاب، والعنف الجنسي
ودعت المنظمات السلطات الإيطالية إلى تقديم تفسير مفصل لقرار نقل نجيم إلى ليبيا، والامتناع في المستقبل عن أيّ إجراءات من شأنها أن تقوض جهود المساءلة والتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، وطالبت السلطات الليبية بالالتزام بتسليم نجيم للمحكمة الجنائية الدولية، لما لها من اختصاص قضائي للتحقيق في الجرائم المرتكبة في البلاد منذ 15 فبراير 2011، فـ”الامتثال لتفويض مجلس الأمن للمحكمة الجنائية في هذا الصدد أمر بالغ الأهمية لضمان العدالة لضحايا الجرائم الخطيرة وتعزيز سيادة القانون. وفي المقابل، عدم الوفاء بهذه الالتزامات لا يؤدي فقط إلى تقويض العدالة الدولية، بل استدامة حلقة الإفلات من العقاب، ومن ثم المزيد من زعزعة استقرار ليبيا، وتآكل الثقة في مؤسسات الدولة.”
بدورها عبّرت منظمة “الكرامة” الليبية غير الحكومية في رسالة موجهة إلى البعثة الإيطالية لدى الأمم المتحدة في جنيف عن إدانتها الشديدة لسماح السلطات الإيطالية بإفلات أسامة نجيم المصري آمر جهاز الشرطة القضائية في ليبيا والمتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بعد توقيفه بموجب مذكرة اعتقال من محكمة الجنائية الدولية.
ونقلت المنظمة عن مديرها المحامي رشيد مصلي قوله “إن إفلات متهم بارتكاب جرائم لحقوق الإنسان سابقة خطيرة، واستهتار واضح بنظام روما للمحكمة الجنائية الدولية الذي استمدّ اسمه من العاصمة الإيطالية،” حيث “يفترض أن تكون إيطاليا أكثر الدول التزامًا من بين الدول الأطراف في الاتفاقية، تكريمًا لهذا الإرث الإنساني الذي تخلت عنه في هذه اللحظة.”
وعبّر المحامي مصلي عن خيبة أمله إزاء ذلك، مؤكدًا بأن “إفلات متهم بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان يعطي رسالة تشجيعية لمجرمي حقوق الإنسان للمضي في الانتهاكات وفي الوقت نفسه، يثير الإحباط لدى الضحايا وأسرهم، ويمثل انتكاسة حقيقية للعدالة وتعزيزا سافرا لثقافة الإفلات من العقاب.”
وكانت الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة الجنائية الدولية أصدرت في 18 يناير2025، بأغلبية أعضائها، مذكرة توقيف ضده، في سياق الوضع في ليبيا، إذ يُشتبه في أن المصري نجيم، الذي كان مسؤولاً عن مرافق السجون في طرابلس حيث تم احتجاز الآلاف لفترات طويلة، قد ارتكب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، بما في ذلك القتل، والتعذيب، والاغتصاب، والعنف الجنسي، اعتبارًا من فبراير2015.
وتتضمن مذكرة التوقيف قائمة بجرائم حرب مثل الإهانة الجسيمة للكرامة الإنسانية، والمعاملة القاسية والتعذيب والاغتصاب والعنف الجنسي والقتل، كما تشمل الجرائم ضد الإنسانية مثل السجن والتعذيب والاغتصاب والعنف الجنسي والقتل والاضطهاد التي ارتكبت في سجن معيتيقة اعتبارًا من 15 فبراير 2015.
اقرأ أيضا:
• البرلمان الليبي يطالب بتشكيل لجنة تضع حدا للتدخلات الخارجية السلبية