حفتر في القاهرة لترتيب أوراق العملية السياسية بعد تحرير طرابلس

الفترة المقبلة سوف تشهد تحولا مهما على مستوى بعض قادة الميليشيات الذين سيتم الإعلان عن انسحابهم من المعارك، بعد توفير ضمانات لهم.
الأحد 2019/08/04
تنسيق مصري - ليبي لمواجهة الإرهاب

القاهرة - وصل المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي القاهرة، الجمعة، لمناقشة التطورات الأخيرة على الساحة الليبية وزيادة التعاون والتنسيق في مواجهة التنظيمات الإرهابية، والتباحث مع المسؤولين في مصر حول ضوابطها مع تزايد فرص تحرير العاصمة من سيطرة الكتائب المسلحة، وعدم استبعاد انطلاق عملية سياسية جديدة بعد حسم تفاصيل المعركة العسكرية في طرابلس.

وكشفت مصادر لـ”العرب”، أن هناك ترتيبات يتم مناقشتها لتدشين تسوية سياسية لمرحلة ما بعد الحسم العسكري وسيطرة الجيش الليبي على مفاصل رئيسية في طرابلس، وثمة تفاهمات إقليمية ودولية بشأن ضرورة الخروج من الجمود الراهن من خلال عملية سياسية قابلة للحياة.

وأكدت أن التغير الحاصل في موقف المبعوث الأممي غسان سلامة من حكومة الوفاق، والتلميح باتهامها بالتعاون مع ميليشيات وإرهابيين يشير إلى حصوله على ضوء أخضر من بعض القوى بأن رئيس الحكومة فايز السراج أوشك على الخروج من اللعبة السياسية، ولن يصلح للتعاطي معه في الفترة المقبلة.

وارتبط سلامة بتحالف وثيق مع السراج، بما شكك في الكثير من الجهود التي قامت بها البعثة الأممية في ليبيا، واتهامها بالانحياز لتيار الإسلام السياسي الذي يواجه الآن ضغوطا كبيرة، بسبب تبنيه لأجندة تعمل على تشجيع انتشار الإرهاب في المنطقة. ومتوقع أن تتغير لهجة سلامة حيال الجيش الليبي وقائده المشير خليفة حفتر، لتمهيد الطريق للقبول به كمبعوث أممي غير منحاز للتيار المؤدلج في ليبيا، ويمكن الوثوق في استمراره على رأس البعثة الأممية لفترة جديدة، بعد تعرضه لانتقادات حادة.

واستقبلت القاهرة الشهر الماضي نحو 70 من أعضاء مجلس النواب في طبرق الشهر الماضي، وتمت مناقشة بعض الأطر السياسية للتعامل مع الأوضاع الراهنة لسن تشريعات تمنح فرصة لتحركات سياسية جديدة، وتجاوز المرحلة السابقة بكل ما حملته من تعقيدات.

وقام المشير حفتر بزيارتين سابقتين للقاهرة منذ بدء عملية تحرير طرابلس في أبريل الماضي من قبضة الميليشيات والعناصر الإرهابية، التقى خلالهما الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

وتتكاتف القاهرة مع الجيش الليبي في حربه ضد الإرهاب، ووفرت له غطاء سياسيا جيدا، بعد نجاحه في توجيه ضربات موجعة للإرهابيين في الشرق والجنوب، وتصميمه على قطع جذورهم في طرابلس.

ويتبع الجيش الليبي طريقا مزدوجا، يعتمد على توجيه المزيد من الضربات القوية لمراكز تجمع الإرهابيين في طرابلس وخارجها لخلخلة توازنهم بعد تلقيهم مساعدات عسكرية من تركيا، وفتح قنوات تواصل سياسي مع قيادة بعض التنظيمات المسلحة لإبعادهم عن معادلة الصراع وكشف الغطاء تماما عن حكومة الوفاق، وتجنب حدوث خسائر في أوساط المدنيين، بعد لجوء العصابات المسلحة لاستخدامهم كدروع بشرية.

وألمحت مصادر ليبية أخرى لـ”العرب” إلى أن الفترة المقبلة سوف تشهد تحولا مهما على مستوى بعض قادة الميليشيات الذين سيتم الإعلان عن انسحابهم من المعارك، بعد توفير ضمانات لهم.

وأضافت أن ميليشيا “غنيوة الكيكلي” جرى التفاهم معها على الانسحاب من الجبهات العاملة فيها داخل طرابلس، مع احتفاظها بالسيطرة على المعتقل الذي يضم المئات من العناصر المنتمية إلى تنظيم داعش في سجن معيتيقة، لمنع كتائب أخرى تابعة لحكومة الوفاق من إطلاقهم وتعقيد عملية تحرير طرابلس.

وأوضحت أن وفدا من شخصيات كبيرة في مصراتة يجري في القاهرة محادثات لوقف توجيه المزيد من الضربات، بعد استهداف مطار الكلية الجوية في مصراتة الأسبوع الماضي من جانب طيران الجيش الليبي، ويحمل الوفد معه وعدا برفع الغطاء عن العناصر المنتمية للمنطقة والذين ينشطون في طرابلس حاليا.

وقال محمود الغنودي مستشار التوجيه المعنوي للجيش الليبي، في تصريح لـ”العرب”، “إن جبهة الميليشيات ضعفت بعد خسائرها الفادحة مؤخرا، وتسير نحو التفكك بعد هروب عدد من قادتهم خارج ليبيا، وتفاوض البعض على الانسحاب أمام الجيش الليبي في طرابلس”.

وكشف عن وجود العديد من المساعي من أعيان وشخصيات من مصراتة للتباحث مع القيادة العامة للجيش الليبي لسحب أبنائهم المنخرطين في صفوف الميليشيات التي تحارب ضد الجيش الليبي في طرابلس، مقابل الحصول على ضمانات بعدم استهداف الجيش لمواقع في المدينة وحواضرها.

واستهدف الجيش الليبي 10 مواقع عسكرية في مصراتة ردا على قصف إحدى الطائرات المسيرة التي أقلعت من مطار الكلية الجوية هناك لطائرة حجاج في منطقة الجفرة.

ودمر الجيش غرفة عمليات تركية كانت تدار من داخل المطار، واستخدمت العديد من الطائرات المسيرة، وهو ما أضعف قدرات القوات التابعة لحكومة الوفاق، خاصة أن مسلسل استهداف العناصر الحيوية التابعة لها لا زال مستمرا.

وربط المحلل السياسي ناصف الفرجاني بين وصول وفد من مصراتة إلى مصر قبل أيام لوقف غارات الجيش الليبي، وبين إعلانهم خروج أبنائهم المنخرطين في الكتائب المسلحة من طرابلس، والتنصل ممن يرفضون الاستجابة لهذا النداء.

وأوضح لـ”العرب” أن الميليشيات تواجه مأزقا كبيرا في ظل وجود تجهيزات عسكرية للجيش الليبي لدخول مدينة سرت (شرق مصراتة) لمنع استغلال الميليشيات لميناء سرت الحيوي، وقطع الطريق على الميليشيات لوقف أي تهديد منتظر على منطقة الهلال النفطي.

وتشير التحركات التي يقوم بها الجيش الليبي على المستويين العسكري والسياسي إلى تغير الكثير من قواعد اللعبة، والتي بدأت ملامحها مع استرداد حكومة الوفاق مدينة غريان الشهر الماضي من الجيش الليبي، واتجاهه إلى تغيير تكتيكاته بالتقدم إلى الأمام بدلا من النظر إلى الخلف، بما مكنه من اختراق الكثير من الحواجز في طرابلس.

2