حشود المتظاهرين تتحدى إغلاق الطرقات لإحياء انتفاضة تشرين في العراق

بغداد - تحدى الآلاف من المتظاهرين العراقيين إغلاق الطرقات الرئيسية والجسور ونزول قوات أمنية بكثافة إلى وسط العاصمة بغداد، وخرجوا لإحياء الذكرى السنوية الثانية للاحتجاجات الشعبية الواسعة "انتفاضة تشرين"، ضد الطبقة السياسية الفاسدة والأحزاب الطائفية الحاكمة.
وتجمع المتظاهرون في ساحتي الفردوس والتحرير في جانب الرصافة، وساحة النسور في جانب الكرخ، مع أن القوات الأمنية أغلقت الساحات أمام المتظاهرين.
وأغلقت القوات الأمنية الجمعة ساحة النسور وسط العاصمة بغداد بالأسلاك الشائكة، كما أغلقت شارع أبونواس وجسر الجمهورية، بالتزامن مع تجدد التظاهرات.
وحمل المشاركون في المسيرات الأعلام العراقية وصور زملائهم الذين قضوا في الاحتجاجات، ورددوا شعارات تحيي الانتفاضة الشعبية في الذكرى السنوية الثانية لانطلاقتها.
وجددوا دعواتهم لملاحقة المتسببين بمقتل المئات من المتظاهرين طوال أشهر من الاحتجاجات التي رافقتها أعمال عنف واسعة النطاق.
وقال الناشط مؤمن الحداد، إن “إحياء الذكرى الثانية لانتفاضة تشرين تذكير للفاسدين بأن الاحتجاجات ستبقى قائمة حتى تحقيق عملية إصلاح شاملة من شأنها إبعاد الفاسدين ومحاكمتهم وتشكيل حكومة تعبّر عن الشعب ومصالحه”.
وبدأ الحراك الشعبي مطلع أكتوبر 2019 ضد النخبة السياسية المتهمة بالفساد والتبعية لإيران، مطالبين بتغيير النظام السياسي القائم على توزيع المناصب بين الأحزاب النافذة في البلاد.
وتخللت الاحتجاجات أعمال عنف واسعة النطاق بين المتظاهرين من جهة، وقوات الأمن ومسلحي فصائل شيعية مقربة من إيران من جهة أخرى.
ووفق أرقام الحكومة العراقية، فإن 560 شخصا على الأقل قتلوا خلال الاحتجاجات التي استمرت على نحو متقطع لأكثر من عام.
ونجحت الاحتجاجات في إطاحة الحكومة السابقة برئاسة عادل عبدالمهدي أواخر عام 2019، كما أقر البرلمان العراقي قانون انتخابات جديد، استجابة لمطالب الحراك بهدف فسح المجال أمام المستقلين والأحزاب الصغيرة للصعود إلى البرلمان.
وتعهدت الحكومة الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي بحماية الاحتجاجات وتقديم المتورطين في قمعها إلى العدالة، وهو ما لم يتحقق.
ولا تزال مكافحة الفساد من أبرز مطالب الاحتجاجات في العراق، على الرغم من أن الحكومة الحالية لاحقت المئات من المسؤولين الحاليين والسابقين بتهمة الفساد وهدر المال العام والاختلاس خلال الأشهر الماضية.
ورفع المتظاهرون صور زملائهم الذين قتلوا من قبل عناصر الميليشيات المدعومة من إيران من دون أن يقدم أي فرد منهم للقضاء.
وتضمنت اللافتات كذلك صور ناشطين قتلوا في ما بعد على غرار إيهاب الوزني، رئيس تنسيقية الاحتجاجات في كربلاء، الذي أردي في مايو برصاص مسلّحين أمام منزله بمسدسات مزوّدة كواتم للصوت.
ورفع آخرون لافتات كتب عليها “متى نرى القتلة خلف القضبان” و”نريد وطنا نريد تغييرا”، فيما ما زال المتظاهرون يطالبون الحكومة بمحاسبة المسؤولين عن الاغتيالات التي طالت الناشطين.
ورفع متظاهرون الجمعة أيضا لافتات كتب عليها “انتخاب نفس الوجوه مذبحة للوطن” و”كلا كلا للأحزاب الفاسدة، كلا كلا للسياسيين الفاسدين” و”لا تنتخب من قتلني”.
وتأتي هذه الاحتجاجات في وقت تستعد فيه البلاد لخوض الانتخابات التشريعية المبكرة في العاشر من أكتوبر الجاري، وسط ترجيحات من مراقبين بعدم حدوث تغيير حقيقي في النتائج.
ورغم تقديم مستقلين أنفسهم كمرشحين لهذه الانتخابات التي تجري وفق قانون انتخابي أحادي جديد قلّص عدد الدوائر الانتخابية، إلا أن خبراء يرون أنهم مجرد واجهة لأحزاب فاشلة ستعاود الهيمنة على المشهد السياسي، متوقعين نسبة مقاطعة كبيرة بين الناخبين.
ويسود شعور بالإحباط واليأس في أوساط الناشطين بإزاء إمكانية أن تحمل الانتخابات النيابية المبكرة تغييرا، فيما ما زال العراق غارقا بأزمات عديدة من سطوة الميليشيات وانقطاع الكهرباء والنقص في الخدمات وتدهور الوضع الاقتصادي والبطالة المرتفعة بين الشباب، نتيجة سنوات من الحروب والفساد المزمن.
ورغم ذلك، رفع البعض الجمعة شعارات فيها بعض التفاؤل مثل "الثورة ستنتشر في البلاد أسرع من فايروس كورونا، ولا لقاح لها".