حسن فولان: الحاج عبدالغفور في شريط "الباكالوريا" يمثل الرجل المغربي الكلاسيكي

في أحدث أدواره التمثيلية يجسد الممثل حسن فولان شخصية رجل مغربي كلاسيكي لايزال يتمسك بقيود المجتمع وضوابطه في التعامل مع أهله وعائلته، حتى إنه يرفض عودة زوجته إلى مقاعد الدراسة خوفا من نظرة المجتمع وأحكامه القاسية، وهو في هذا اللقاء يوضح لنا أبعاد الشخصية ورأيه فيها.
الرباط - تدور أحداث الفيلم التلفزيوني "الباكالوريا" للمخرج المغربي مراد الخودي حول قصة نعيمة امرأة في سن الستين، تسعى لتحقيق حياة أسرية سعيدة وناجحة، ورغم أنها حُرمت من فرصة الحصول على شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) بسبب زواجها المبكر، لكنها قررت أن تخوض تجربة غير تقليدية بالنسبة لامرأة في سنها، وهي اجتياز امتحان البكالوريا. تواجه نعيمة مغامرات غريبة وتحديات مثيرة نتيجة البيئة الأسرية المحافظة والمجتمع المحيط بها، تظل مصممة على تحقيق حلمها والنجاح في هذا الاختبار الجاهز.
الفيلم التلفزيوني من بطولة كل من نادية آيت، راوية، هدى سعد، مهدي فولان، حسن فولان، وتسنيم شحام.
وفي زيارة ميدانية لموقع تصوير الفيلم، كان لصحيفة “العرب” حوار مع الفنان حسن فولان حول شخصيته، حيث يلعب دور عبدالغفور، ويقول عنها “يعتبر الحاج عبدالغفور شخصية محافظة ترفض طموح زوجته نعيمة باجتياز امتحان البكالوريا في سن الستين، معتبرا ذلك تصرفا غير لائق يقيد المرأة بدور تقليدي مرتبط بالعمر والزواج، وسلطويته تظهر في إجباره نعيمة سابقا على التخلي عن دراستها في سن السابعة عشرة، ورد فعله الانفعالي يكشف مقاومته للتغيير وصعوبة تقبله للأفكار غير التقليدية، وهذا يحد من حرية نعيمة ويخلق صراعا مع طموحها.”
ويوضح أن “دوافع الحاج عبدالغفور تنبع من خوفه من الحكم الاجتماعي الجمعي على زوجته ورغبته في الحفاظ على صورته كرجل مسيطر، في مجتمع تقليدي يرى طموح نعيمة تحديا للأعراف، ويشعر بالتهديد من خروجها عن دورها التابع له، ليهدد التوازن الزوجي الذي اعتاده، وقلقه من فقدان السيطرة وتغيير ديناميكية علاقتهما يدفعه إلى معارضتها، خشية استقلالها الفكري عبر التعليم.”
قصة إنسانية ملهمة تبرز قوة العزيمة والتفاؤل وتركز على أهمية التعليم كقيمة لا يقيدها السن أو الأحكام الاجتماعية
ويعتبر فولان أن “الحاج عبدالغفور يمثل العقبة الرئيسية أمام طموح نعيمة ليخلق صراعا دراميا بين الأحلام الفردية والضغوط الاجتماعية، فمعارضته تجبر نعيمة على مواجهة تحد داخلي معه وخارجي مع المجتمع التقليدي، كما أن صمود نعيمة، بدعم من ابنتها شامة يبرز قوتها ويعزز التوتر الدرامي، وهذا يدفع القصة نحو إبراز أهمية التعليم والعزيمة كرسالة إنسانية. فشخصيته ترمز للضغوط الاجتماعية والعائلية التي تقيد حرية المرأة في المجتمعات التقليدية، ومعارضته لنعيمة تبرز التحديات أمام تحقيق المرأة لذاتها، بينما يعكس صمود نعيمة قوة الإرادة، ويؤكد من خلال هذا الصراع أن التعليم قيمة إنسانية لا تقيدها السن أو الظروف، وأن التمسك بالأحلام ممكن رغم الإكراهات، معززا رسالة ملهمة عن العزيمة والتفاؤل.”
ويروي فيلم “بكالوريا” قصة إنسانية ملهمة تبرز قوة العزيمة والتفاؤل، إذ يركز على أهمية التعليم كقيمة إنسانية لا تقيدها السن أو الظروف أو الأحكام الاجتماعية، ويستعرض مواقف إنسانية يجد فيها بعض الأشخاص أنفسهم أمام امتحان صعب يتطلب الاختيار بين التمسك بتحقيق الأحلام أو الخضوع لنظرة المجتمع والأسرة ضمن إطار ثنائية الجائز والمرفوض، دون التنازل أمام الإكراهات، وتتمحور القصة حول الحاجة نعيمة، التي تزوجت في سن السابعة عشرة، مما أجبرها على التخلي عن طموحاتها الدراسية بسبب قرار زوجها، وبلغت سن الـ60، وألهمها فرح العائلة بالعيد وبهجتهم، فأعلنت قرارها بتحقيق حلمها القديم، وهو اجتياز امتحان البكالوريا.
نزل هذا الخبر كالصاعقة على زوجها الحاج عبدالغفور، الذي اعتبر الأمر ضربا من الجنون ولا يليق بامرأة في سنها، ولا يجدر بها أن تتصرف كطفلة، وعارضها زوجها بتفكيره الكلاسيكي، بينما دعمتها ابنتها شامة القريبة منها والمساند لها الوحيد في مواجهة هذا التحدي، ووضع هذا القرار الحاجة نعيمة في موقف صعب مع زوجها ومع المجتمع المحيط، فابنتها شامة هي بدورها انقطعت عن الدراسة بسبب مرض والدها كي تراعي ظروف والدها الذي قام بعملية جراحية، لكن عقدة الباكالوريا وإتمام الدراسة بقيا كعقدة لديها، لهذا ساندت والدتها نعيمة كي تحقق حلمها، كما أن شامة بدورها وجدت “الحب” في شاب متخلى عنه ليعشا قصة حب طيلة أحداث الفيلم.
شهادة الباكالوريا، والحصول عليها في المغرب، تعتبر رمزا اجتماعيا ونفسيا يحمل أبعادا عميقة في حياة الفرد
وتعتبر شهادة الباكالوريا، والحصول عليها، في المغرب رمزا اجتماعيا ونفسيا يحمل أبعادا عميقة في حياة الفرد، إذ يبدأ الضغط النفسي منذ سن مبكرة، ويُغرس في ذهن الطالب أن البكالوريا هي مفتاح النجاح والاستقرار المستقبلي، وهذا التصور الذي يعالجه هذا الشريط يولّد حالة من القلق المستمر، خاصة مع اقتراب الامتحانات، فيواجه الطالب ضغوطا من الأسرة، المدرسة، وحتى من نفسه، وفي بعض الحالات يفشل الطالب في الحصول على الشهادة في السن المعتادة، وهذا يؤدي إلى شعور عميق بالإحباط والدونية، وهذه التجربة تترك ندوبا نفسية قد تستمر مع الفرد حتى مرحلة الشيخوخة كما حصل مع شخصية نعيمة، إذ يشعر بأن جزءًا من هويته الاجتماعية ناقص، وهذا الشعور يدفع البعض إلى خوض تجربة البكالوريا في سن متأخرة، لاستعادة الثقة بالنفس ومواجهة هذا الفشل السابق.
وتُعد البكالوريا مؤشرا اجتماعيا يحدد إلى حد كبير مكانة الفرد وقيمته في نظر الآخرين، فالأسرة، الأقارب، والمجتمع المحلي غالبا ما يربطون نجاح الشخص في الحياة بمدى قدرته على اجتياز هذه المرحلة بنجاح هذا تحديدا ما يحوم حول شخصية نعيمة في شريط “البكالوريا”، فعندما يفشل الفرد في الحصول على البكالوريا في سن المراهقة، يواجه الوصم الاجتماعي، سواء من خلال تعليقات مباشرة أو نظرات ضمنية تحمله مسؤولية الفشل. وهذا الضغط الاجتماعي يعزز من عقدة نفسية تجعل الفرد يشعر بأنه لا يتماشى مع توقعات المجتمع، ومع مرور الوقت، يصبح الحصول على البكالوريا في سن متأخرة هدفا رمزيا لإثبات الذات، وهذه العملية قد تكون تحررية، لكنها غالبا محفوفة بالتحديات، مثل التوفيق بين الدراسة والمسؤوليات العائلية أو العملية.
وقرار نعيمة بخوض تجربة الامتحان في سن متأخرة يعكس رغبة عميقة في التغلب على العقد النفسية والاجتماعية التي تراكمت على مر السنين، وبالنسبة للكثيرين يمثل هذا القرار محاولة لإعادة كتابة قصة حياتهم وتحقيق نوع من الإغلاق النفسي، لكن هذه التجربة ليست سهلة، عندما يواجه الأفراد تحديات مثل الفجوة العمرية مع زملائهم الطلاب، الشعور بالحرج، والضغوط المالية أو المهنية، بينما النجاح في هذه التجربة غالبا ما يكون مصدرا للفخر والقوة الذاتية، إذ يثبت الفرد لنفسه وللمجتمع أن العمر أو الظروف لا يمكن أن تكون عائقا أمام تحقيق الأهداف.
وبدأ الفنان حسن فولان مسيرته الفنية مستلهما شغفه بالتمثيل من طفولته، وعاش في أجواء غنية بالتجارب خلال فترة الحماية، والتحق بالمعهد البلدي للموسيقى والمسرح، وتتلمذ على يد الفنانين الطيب العلج، أحمد الصعري وفريدة بورقية، وصقل موهبته الكوميدية التي برز بها في المسرح والشاشة.
وشارك فولان في مسرحيات مثل “شرح ملح”، “حسي مسي” و”حب وتبن”، وأفلام سينمائية تشمل “نهار تزاد طفا ضو”، “أحلام مؤجلة”، و”شوك الورد”. قدم أدوارا مميزة في مسلسلات تلفزيونية مثل “السراب” بدور حميد الربندز، “زايد ناقص” بدور عروب الشجرة، “موعد مع المجهول” بدور معيزو، “المستضعفون” بدور عباد، “ناس الحومة” بدور مرزوق، و”ولا عليك”، والعديد من الأعمال الدرامية كمسلسل “الشرقي والغربي” الذي عرض في رمضان 2025.