حزب الاستقلال يتبنى خطاب المعارضة لإرباك الحكومة المغربية

الرباط - بدأ حزب الاستقلال المغربي، الذي كان يُعتبر حتى وقت قريب أحد الداعمين الرئيسيين لاستمرار الحكومة، يتبنى خطابا أقرب إلى المعارضة، بعد خروج رئيس الحزب نزار بركة منتقدا ارتفاع الأسعار في الأسواق، فيما أقر وزير الصناعة والتجارة رياض مزور، القيادي البارز في الحزب، بأن حكومة عزيز أخنوش لم تفِ بوعودها بشأن توفير مليون منصب شغل.
واعتبر رياض مزور أن الانتقادات التي توجه لرئيس الحكومة عزيز أخنوش عادية وتحمّل المسؤولية يستدعي قبول الانتقادات، وأن المغاربة يطالبون الحكومة الحالية بمضاعفة الجهود، ويتوجهون مباشرة إلى من يقود الحكومة.
وأضاف القيادي بالحزب المشارك في الحكومة أن “أخنوش يشتغل بتفان ونكران ذات لإنجاح الحكومة،” مبديا اعتراضه على “دعمه في حكومة 2026، إذ نعمل بقوة لنيل المرتبة الأولى في الانتخابات المقبلة لقيادة حزب الاستقلال الحكومة.”
وأكد أن “هناك نحو 18 مضاربًا يتحكمون في سوق اللحوم الحمراء، وقد قاموا بزيادة هوامش الربح بشكل غير مسبوق، وأنه رغم أن الحكومة فتحت باب الاستيراد وألغت الرسوم الجمركية استغل المضاربون الوضع لصالحهم بدلًا من تخفيف الضغط عن المواطنين.”
من جهته دعا عبدالرحيم بوعيدة، القيادي بحزب الاستقلال، إلى الانسحاب من الحكومة التي يقودها التجمع الوطني للأحرار، في محاولة لتكرار سيناريو مغادرة الحزب، بقيادة الأمين العام السابق للحزب حميد شباط، الحكومة سنة 2013، معتبراً أن “استمرار الاستقلال في حكومة أخنوش سيؤدي إلى الموت قبل حلول الانتخابات القادمة التي يمني النفس بتصدرها.”
وبالموازاة مع تصريحات ومواقف الوزراء المشاركين في الحكومة التي يقودها حزب التجمع الوطني للأحرار، تزايدت انتقادات نواب حزب الاستقلال داخل البرلمان، من خلال توجيه أسئلة كتابية وشفاهية لوزراء الحكومة، محملين إياهم مسؤولية التأخر في تنفيذ الإصلاحات الموعودة، حيث طالب النائب الاستقلالي خالد الشناق بالكشف عن التدابير الحكومية المتخذة لمحاربة الفساد، رغم أن حزبه جزء من الأغلبية.
وأفاد رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية، بأن حزب الاستقلال معروف بمناوراته السياسية الذكية ومرونته في التعامل مع التحولات في الساحة السياسية واستغلال المطالب الاجتماعية كما هو حاصل اليوم مع الانتقادات الموجهة للحكومة من طرف المواطن والنقابات وأحزاب المعارضة، ويحاول من خلال هذه التصريحات تقوية نفوذه السياسي، والتحرك بما يخدم مصالحه وطموحاته السياسية، سواء من خلال التحالفات أو عبر الانسحابات في الوقت المناسب.”
وأوضح لـ”العرب” أن “الحزب يتحرك بإستراتيجية مدروسة وهو قادر بآلته الانتخابية وخبرته على خلق رجة سياسية أو كبح الأغلبية الحكومية من خلال مناوراته المختلفة، كما فعل ذلك الأمين العام السابق عباس الفاسي، الذي كبح حكومة التناوب لعبدالرحمن اليوسفي، وساهم حميد شباط في إرباك حكومة عبدالإله بنكيران، والآن يُعتبر خروج نزار بركة مقدمة لإرباك الأغلبية من الداخل بسعيه لخلق ديناميكية تنظيمية.”
واعتبر رشيد لزرق أن “تصريحات القيادات في الحزب هي مناورة مدروسة ومقدمة لمواقف بات معها مستقبل التحالف الحكومي موضع تساؤل، بعدما أصبحت التصريحات تصوَّر بكونها خطابا معارضا من داخل الحكومة، وتوجه لطرح نفسه كطرف بديل رغم أنه يقدم نفسه داعما رئيسيا لاستمرار التحالف الحكومي.”
◙ مصادر "العرب" باللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال أكدت رفضها الهجوم الذي صدر عن أعضاء حزب التجمع الوطني للأحرار داخل جهة الدار البيضاء
وتفاقم الصراع بين حزبي التجمع الوطني للأحرار والاستقلال، الحليفين على مستوى الحكومة والمجالس البلدية والقروية، حيث رد حزب التجمع الوطني للأحرار على تصريحات وزراء حزب الاستقلال بإثارة وضعية المسالك الطرقية بجهة الدار البيضاء- سطات التي قال عنها إنها “أصبحت لا تطاق” والتي تندرج ضمن اختصاص الوزارة الوصية على قطاع التجهيز التي يقودها نزار بركة وكذلك مجلس الجهة الذي يرأسه الاستقلالي عبداللطيف معزوز.
وأكدت مصادر “العرب” باللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال رفضها الهجوم الذي صدر عن أعضاء حزب التجمع الوطني للأحرار داخل جهة الدار البيضاء، كما شددت على توافق اللجنة التنفيذية والهياكل المشكلة للحزب على دعم رئاسة الحزب للعمل بقوة من أجل الفوز في الانتخابات التشريعية المقبلة، على غرار ما يقوم به التجمع الوطني للأحرار، مؤكدة أن لا نية للحزب في إرباك الحكومة، بل يتحرك وزراء الحزب بفاعلية لتنزيل البرامج المفتوحة في مجال مسؤوليتهم التنفيذية.
وترأس نزار بركة، بتاريخ 23 فبراير 2025، لقاء بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة، مع قيادات الحزب والبرلمانيين، حيث شدد على ضرورة الاشتغال داخل الحزب، استعدادا للاستحقاقات الانتخابية المقبلة التي سيكون لها طابع خاص، والعمل بمنطق الفريق لجعل الحزب حاضرا بقوة في المشهد السياسي الوطني.